الساحة الثقافية تودع المخرج التونسي “الفاضل الجزائري”
ودّع الوسط الثقافي التونسي أمس الثلاثاء، أحد أكبر قامات الفن المسرحي والسينمائي، الفاضل الجزيري، بعد صراع طويل مع المرض. برحيله، تُطوى صفحة من صفحات الإبداع المتجدد والمغامرة الفنية التي قلّ نظيرها في تاريخ الثقافة التونسية المعاصرة. فقد شكّل الجزيري لأكثر من خمسة عقود علامة فارقة في المشهد الفني، سواء من خلال عروضه المسرحية الجريئة أو […] The post الساحة الثقافية تودع المخرج التونسي “الفاضل الجزائري” appeared first on الجزائر الجديدة.

ودّع الوسط الثقافي التونسي أمس الثلاثاء، أحد أكبر قامات الفن المسرحي والسينمائي، الفاضل الجزيري، بعد صراع طويل مع المرض.
برحيله، تُطوى صفحة من صفحات الإبداع المتجدد والمغامرة الفنية التي قلّ نظيرها في تاريخ الثقافة التونسية المعاصرة. فقد شكّل الجزيري لأكثر من خمسة عقود علامة فارقة في المشهد الفني، سواء من خلال عروضه المسرحية الجريئة أو أعماله السينمائية المتفردة أو حتى مساهماته الموسيقية التي أعادت الاعتبار للتراث بأسلوب حداثي.
وُلد الفاضل الجزيري سنة 1945 في العاصمة تونس، ونشأ في بيئة ثقافية خصبة ساعدته على اكتشاف شغفه المبكر بالمسرح. التحق في شبابه بكلية الفنون بباريس، حيث تأثر بالمدارس المسرحية الطليعية، ليعود بعدها إلى تونس محمّلاً بروح جديدة ورؤية فنية مغايرة.
في سبعينيات القرن الماضي، كان من مؤسسي فرقة المسرح الجديد التي لعبت دورًا محوريًا في تحديث المسرح التونسي وكسر القوالب التقليدية السائدة آنذاك. لم يكن المسرح بالنسبة إليه مجرد ترفيه، بل أداة للوعي والتغيير، فكانت أعماله المسرحية تلامس قضايا اجتماعية، سياسية، وإنسانية، في طرحٍ مباشر أحيانًا، وضمني أحيانًا أخرى، لكنه دائمًا كان صادمًا وصادقًا.
لم يتوقف طموح الجزيري عند خشبة المسرح، بل اقتحم عالم السينما برؤية مختلفة. أخرج فيلمه الأول “نُوى” (2006)، الذي حقق نجاحًا محليًا ودوليًا بفضل سرده العميق والسينمائي المغاير، ليتبعه بفيلم “الطريق الوعر” (2012)، حيث واصل استكشافه للهوية الفردية والجماعية، وسط تقاطعات السياسة والدين والثقافة.
أعماله السينمائية لم تكن مجرد سرد للواقع، بل إعادة تفكيك له، وغوص في الطبقات النفسية للمجتمع التونسي، وقد تميزت بأصالة الطرح وقوة الصورة وجرأة التناول.
الفاضل الجزيري لم يكن فقط مخرجًا، بل كان أيضًا مجددًا في المسرح الغنائي، حيث قدّم عرض النوبة في التسعينيات، مستلهمًا الموسيقى التقليدية التونسية، وخاصة المالوف، في إطار حداثي، استطاع من خلاله أن يخلق توازنًا بين الأصالة والتجريب، بين الذاكرة والراهن.
The post الساحة الثقافية تودع المخرج التونسي “الفاضل الجزائري” appeared first on الجزائر الجديدة.