مراد كواشي: نحو نموذج اقتصادي جزائري على خطى تجربة سنغافورة

أكّد الخبير الاقتصادي مراد كواشي أن زيارة وزير الشؤون الخارجية إلى سنغافورة تأتي في إطار “استراتيجية الدولة الجزائرية الرامية إلى تنويع الشراكات والانفتاح على أسواق جديدة”، مشيراً إلى أن هذا التوجّه يندرج ضمن رؤية شاملة تعتمدها الجزائر في السنوات الأخيرة من أجل تنويع اقتصادها وتوسيع خريطة التعاون الدولي.

واعتبر كواشي في تصريح لـ”الجزائر الجديدة” أن سنغافورة تمثّل نموذجا اقتصاديا استثنائيا في العالم، قائلا: “نحن أمام اقتصاد حر، متطوّر جدا، صُنف كالأكثر انفتاحاً عالمياً، وثالث أقل اقتصاد من حيث معدلات الفساد، فضلاً عن احتلاله المرتبة الثالثة عالمياً في الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد”. وأضاف: “برغم أن عدد سكانها لا يتجاوز 6 ملايين نسمة، إلا أن اقتصادها يبلغ نحو 500 مليار دولار، ضمن مساحة لا تتجاوز 100 كيلومتر مربع، أي ما يزيد قليلاً عن مساحة الجزائر العاصمة”.

وأوضح كواشي أن سنغافورة تُعد أحد أهم المراكز التجارية الدولية، مشيراً إلى أن “ميناء سنغافورة يحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث إجمالي حجم الشحن، متقدما على موانئ ضخمة مثل هونغ كونغ وروتردام”. وتابع: “تُشكّل التجارة الدولية ركيزة أساسية في اقتصاد هذا البلد، إلى جانب شبكة قوية تضم أكثر من 400 مستثمر عالمي مقيم فيه”.

وفيما يخص قطاع الطاقة، أشار كواشي إلى أن “أكثر من 150 شركة عالمية تنشط في مجال الطاقة اختارت سنغافورة كمركز لعملياتها، ما جعلها ثالث أكبر مركز عالمي لتجارة النفط”.

وبخصوص فرص التعاون بين البلدين، أكد الخبير الاقتصادي أن “الفرص بين الجزائر وسنغافورة واعدة ومتعددة، خاصة في المجالات المرتبطة بالنظام البيئي المالي والقانوني، وكذلك في الاقتصاد الرقمي، والخدمات البنكية، وتكنولوجيا الإعلام والاتصال”. وأضاف: “بإمكان الجزائر أن تستفيد كثيرا من التجربة السنغافورية، خاصة في إدارة وتسيير الموانئ والمطارات، وتكنولوجيا المياه، والتعليم والتدريب”.

وفي ختام تصريحه، دعا كواشي إلى “ضرورة فتح آفاق شراكة حقيقية مع هذا البلد الرائد، خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية”، مضيفاً: “حان الوقت للاستفادة من نموذج سنغافورة الذي أثبت أن حسن الإدارة والابتكار يمكن أن يحولا دولة صغيرة إلى قوة اقتصادية عالمية”.

وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام الرسمية تعزّز الطموح المشترك بين الجزائر وسنغافورة في  ترسيخ الشراكة الاقتصادية بين  البلدين لتحوله من التعاون إلى التحالف الاستراتيجي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من مليار دولار سنة 2022، تستثمر شركات سنغافورية كبرى مثل Portek في قطاعات البنية التحتية، مُشغّلةً محطة الحاويات في ميناء بجاية، في تجربة تُعد مرجعية في إدارة المرافئ الجزائرية.

وتُطوّر الجزائر وسنغافورة آفاق التعاون في مجال النقل والخدمات اللوجستية، مع اهتمام متزايد من شركات سنغافورية مثل PSA International وChangi Airport Group، تطمح هذه الشراكة إلى تحديث الموانئ والمطارات الجزائرية وجعلها مراكز محورية تربط إفريقيا، أوروبا وآسيا. 

فهيمة. ب

The post مراد كواشي: نحو نموذج اقتصادي جزائري على خطى تجربة سنغافورة appeared first on الجزائر الجديدة.