الموقف والرجولة!
في سابقة سياسية نادرة، قدّم وزير الخارجية الهولندي استقالته بعدما فشل في إقناع مجلس الوزراء بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني، حيث لم يتردّد للحظة في رمي المنصب وراءه ، لأن المسؤولية في نظره التزام بالمبدأ لا تشبّث بالمنصب. وحين تعارضت قناعاته مع سياسة حكومته، اختار أن يرمي بالكرسي خلفه، مؤكدًا أن الشرف السياسي …

في سابقة سياسية نادرة، قدّم وزير الخارجية الهولندي استقالته بعدما فشل في إقناع مجلس الوزراء بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني، حيث لم يتردّد للحظة في رمي المنصب وراءه ، لأن المسؤولية في نظره التزام بالمبدأ لا تشبّث بالمنصب. وحين تعارضت قناعاته مع سياسة حكومته، اختار أن يرمي بالكرسي خلفه، مؤكدًا أن الشرف السياسي هو القدرة على التخلّي عن السلطة حين تفقد معناها.
الأمر لم يتوقف عنده؛ فقد تبعه ثمانية وزراء آخرون في استقالات متتالية، لا بدافع التضامن فقط، بل إيمانًا بأن المسؤولية مواقف وقيم لا تُساوم، وأن المناصب مجرد دورة زمنية لا تساوي شيئًا أمام ضمير حي.
التاريخ لا يخلّد الألقاب ولا المقاعد، بل يسجّل بصوت عالٍ مآثر الرجال الذين فضّلوا احترام ذواتهم على بريق المناصب؛ فتحية لهولندا التي قدّمت درسًا عمليًا مختزله: أن القناعة هي الدين الحقيقي للرجولة، وأن الخلود للمواقف لا للمكاسب.