المحطات الرئيسية لأخطر أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا منذ الاستقلال

شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا تصعيدًا دبلوماسيًا “غير مسبوق” خلال الأشهر الماضية، على وقع قضايا ملفات عديدة حل خلافات، كانت بدايتها انقلاب موقف باريس الرسمي إزاء قضية الصحراء الغربية، المصنفة أمميًا على أنها قضية “تصفية استعمار”. فيما لم تنجح مساعي الجانبين في التوصل إلى تهدئة وترميم العلاقات المتدهورة، في أعقاب حملات العداء والاستفزازات التي قادها […] The post المحطات الرئيسية لأخطر أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا منذ الاستقلال appeared first on الجزائر الجديدة.

أبريل 23, 2025 - 20:32
 0
المحطات الرئيسية لأخطر أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا منذ الاستقلال

شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا تصعيدًا دبلوماسيًا “غير مسبوق” خلال الأشهر الماضية، على وقع قضايا ملفات عديدة حل خلافات، كانت بدايتها انقلاب موقف باريس الرسمي إزاء قضية الصحراء الغربية، المصنفة أمميًا على أنها قضية “تصفية استعمار”.

فيما لم تنجح مساعي الجانبين في التوصل إلى تهدئة وترميم العلاقات المتدهورة، في أعقاب حملات العداء والاستفزازات التي قادها اليمين المتطرف الفرنسي ضد الجزائر، مستغلاً في ذلك قضية توقيف الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال وإيداعه السجن، مسألة المهاجرين الجزائريين، لتصل حد الإقدام على طرد الدبلوماسيين، وهي سابقة في تاريخ العلاقات بين الجزائر وفرنسا.

وباعتبار أنّ العلاقات بين الجزائر وباريس، لا تزال في أوج مراحل الخلافات، رغم المساعي السابقة لإنهاء التصعيد، وفتح صفحة جديدة للعلاقات الثنائية مبنية على أساس المصالح المشتركة، نرصد لكم في هذا التقرير أهم القضايا والملفات التي جعلت العلاقات “الجزائرية الفرنسية” تصل اليوم إلى حد “القطيعة”.

الصحراء الغربية..

البداية، كان تصريح “استفزازي” صدر عن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في عام 2021، عندما شكّك بوجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر، جازمًا حينها بأن الأمة الجزائرية لم تكن قائمة في التاريخ، والاستعمار الفرنسي هو الذي أوجدها، وهو التصريح الذي أدى إلى احتجاج قوي من الجزائر، مع استدعاء سفيرها لدى باريس. وتركت فرنسا على مدار 132 سنة من احتلالها الجزائر ذاكرة مأساوية، برزت جليًا كفظائع وجرائم حرب ومجازر ارتكبها الجيش الفرنسي، حصيلتها فاقت المليون ونصف المليون شهيد منذ اندلاع الثورة التحريرية في نوفمبر 1954 إلى غاية الاستقلال عام 1962.

قضية تهريب بوراوي..

في فيفري 2023، أججت قضية تهريب وترحيل الناشطة “المثيرة للجدل”، أميرة بوراوي إلى باريس العلاقات بين الجزائر وباريس، ما تسبب في أزمة دبلوماسية، حيث اعتبرت الجزائر العملية “فرارًا غير قانونيًا” بمساعدة فرنسية.

أما في عام 2024، فقد عاد ملف الصحراء الغربية إلى الواجهة مجددًا، ليعصف بالعلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة إلى العاهل المغربي محمد السادس يؤيد فيها خطة الحكم الذاتي للمغرب على الصحراء الغربية، وهو ما اعتبرته الجزائر “تواطؤًا صريحًا مع الاستعمار”، في وقت تم إدراج القضية الصحراوية في إطار “تصفية استعمار” أمميًا، فيما تسعى جبهة البوليساريو للاستقلال بالكامل عن الاحتلال المغربي. وردت الجزائر باستدعاء سفيرها لدى باريس، واعتبرت في بيان رسمي أن “فرنسا أضفت شرعية على استعمار جديد”.

كما أثارت تصريحات الرئيس تبون حفيظة فرنسا الاستعمارية، لما تطرّق في مارس 2025 إلى المجازر البشعة التي ارتكبها الجيش الفرنسي بالجزائر، بما في ذلك التجارب النووية في الصحراء الجزائرية، قائلاً: “نحن كنا أربعة ملايين نسمة عند بداية الاستعمار، وبعد 132 سنة أصبحنا تسعة ملايين فقط. لقد كان هناك إبادة جماعية.”، فيما طالب فرنسا بإزالة آثار التجارب النووية الفرنسية التي أُجريت في الصحراء الجزائرية خلال ستينيات القرن الماضي، والتي لا تزال آثارها ظاهرة إلى غاية اليوم.

توقيف بوعلام صنصال..

وشكّل ملف توقيف الكاتب بوعلام صنصال في مارس 2025 نقطة تحول إضافية في تاريخ العلاقات بين الجزائر وفرنسا. وتم توقيف صنصال عند دخوله الجزائر، عن تهم تتعلق بالمساس بالوحدة الوطنية والإرهاب، وهذا بعدما أدلى بتصريح لموقع يميني فرنسي تبنّى فيه موقف المغرب بأن جزءًا من أراضيه اقتُطعت لصالح الجزائر إبان فترة الاحتلال الفرنسي. وفي تصريح للرئيس تبون لصحيفة “لوبينيون” الفرنسية، ألمح بأنّ السفير الفرنسي الأسبق غزافييه دريانكور، ووزير خارجية فرنسا، برونو روتايو المعروفين بعدائهما الشديد للجزائر، يقفان وراء تصريحات صنصال بخصوص “أحقية المغرب في أجزاء من الغرب الجزائري”، والتي كانت سببا في متابعته قضائيًا.

وأصدرت محكمة الدار البيضاء في الجزائر حكمًا بالسجن 5 سنوات نافذة في حق صنصال، وغرامة قدرها 500,000 دينار، فيما قام دفاع المعني استئناف الحكم.

أعمال عدائية ضد الجزائر..

وفي منتصف مارس 2025، استدعت الجزائر السفير الفرنسي لديها، متهمة باريس بممارسة “أنشطة عدائية” وزعزعة استقرارها الداخلي، لا سيما من خلال جهاز الاستخبارات الخارجية (DGSE)، وهذا بعد إحباط الأجهزة الأمنية الجزائرية مؤامرة فرنسية لزرع الفوضى وعدم الاستقرار بالبلاد، من خلال الاستعانة واستغلال أشخاص ذوي سوابق في التطرف والإرهاب.

وازدادت حدة التوترات بين الجزائر وفرنسا في أواخر مارس 2025، بسبب ملف المهاجرين، بعد رفض الجزائر استقبال مهاجرين جزائريين مرحّلين من فرنسا “تعسفيًا”، أبرزهم المؤثر المعروف بـ “دوالمن”، المتهم بالتحريض على العنف. كما تم توقيف عدد من المؤثرين الجزائريين المقيمين في فرنسا بسبب نشرهم محتوىً قيل أنه “تحريضيًا”، في محاولة للضغط على الجزائر.

كما أنه في بداية أفريل 2025، احتجت الجزائر بشدة على معاملة مواطنيها بمطارات باريس “بشكل مهين وتمييزي”، واستدعت السفير الفرنسي مجددًا لتقديم احتجاج رسمي. وفي أعقاب عملية الطعن التي قام بها شاب جزائري بمولوز الفرنسية في 6 أفريل 2025، وكان قد صدر بحقه أمر ترحيل (OQTF)، أعلن وزير الخارجية الفرنسي فرض قيود على دخول بعض المسؤولين الجزائريين، مؤكدًا أن “فرنسا لن تقبل بأن يتم إذلالها”.

طرد الدبلوماسيين..

ورغم محاولات التهدئة في أفريل 2025، بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيسين الجزائري والفرنسي، واتفقا على استئناف “حوار مثمر”، تبعتها زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر يوم 12 أفريل، إلا أنها عادت بعد أسبوع فقط إلى نقطة الصفر، على وقع اتهامات فرنسية للجزائر بالتورط في محاولة اختطاف الناشط المتهم بالإرهاب (أمير ديزاد)، وتم في خضمها توقيف 3 أشخاص، أحدهم موظف في قنصلية جزائرية بفرنسا.

في خطوة مفاجئة، قامت الجزائر بطرد 12 موظفًا دبلوماسيًا فرنسيًا، ردًا على “الاعتقال المذل” للموظف الجزائري، ما أدى إلى اندلاع أزمة دبلوماسية جديدة بين البلدين. وسارعت باريس للرد بالمثل، معلنة طرد 12 موظفًا قنصليًا جزائريًا. عبدو.ح

 

The post المحطات الرئيسية لأخطر أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا منذ الاستقلال appeared first on الجزائر الجديدة.