“أنريكو ماسياس” يقول الحقيقة

بعد اثنتا عشرة سنة من الآن، سيمرّ على سقوط قسنطينة في أيدي الفرنسيين قرنان من الزمن، وسنعود لكتابة ملاحم الصمود، الذي جعل مدينة عش النسر والجسور، تصمد لسبع سنوات، وتجعل حربها مع الفرنسيين دواليك، ولكن هذه المرة لن نحتاج لكثير من التأريخ والشهادات، بعد أن شهد الفنان فرنسي الجنسية ويهودي الديانة واصهيوني الهوى وإسباني الجذور، […] The post “أنريكو ماسياس” يقول الحقيقة appeared first on الشروق أونلاين.

يونيو 9, 2025 - 19:07
 0
“أنريكو ماسياس” يقول الحقيقة

بعد اثنتا عشرة سنة من الآن، سيمرّ على سقوط قسنطينة في أيدي الفرنسيين قرنان من الزمن، وسنعود لكتابة ملاحم الصمود، الذي جعل مدينة عش النسر والجسور، تصمد لسبع سنوات، وتجعل حربها مع الفرنسيين دواليك، ولكن هذه المرة لن نحتاج لكثير من التأريخ والشهادات، بعد أن شهد الفنان فرنسي الجنسية ويهودي الديانة واصهيوني الهوى وإسباني الجذور، بالحلقة الضائعة في قضية تمكّن الجيش الفرنسي من منجبة الشيخ عبد الحميد بن باديس والمفكر مالك بن نبي وسبعة من عظماء مجموعة الـ22.
دعونا نعترف أولا بأن الفنان أنريكو ماسياس، هو واحد من أعلام الفن والثقافة الفرنسية، باعتراف الفرنسيين أنفسهم، فهم لا يتركون مناسبة إلا ويشركوه في صناعة أحداثها السياسية والثقافية، إعلاميا، أكثر مما فعلوا مع رموزهم الفنية “إديث بياف وشارل أزنافور” والآخرين.
لكن الفنان “الكبير” ماسياس، اعترف هذه المرة أن الجالية اليهودية في قسنطينة هي من مكّنت الفرنسيين من قسنطينة التي احتضنتهم لقرون، بعد أن هجروا الأندلس، وأقرّ أن دخول فرنسا إلى الجزائر كان بالنسبة لليهود حلما تحوّل إلى واقع.
الرجل أكثر من ذلك، أرّخ لمقاومة يهودية معاكسة، ضد مقاومة أبناء مدينة قسنطينة، لأجل تمكين الفرنسيين من مدينة الصخر العتيق.
البوح الأخير أو الاعتراف أو دعونا نقول التأريخ، الذي قدّمه الفنان اليهودي، هو شهادة يجب استعمالها من المؤرخين، فعندما سئل أنريكو ماسياس مرة عن سبب اغتيال صهره الفنان “ريمون ليريس” في أزقة قسنطينة سنة 1961، في عز الثورة الجزائرية، وصف الحدث بالعملية الإرهابية وزعم أن اليهود كانوا محايدين في الحرب الفرنسية – الجزائرية، ونعتبر يقينا أن الذي قاوم في سنة 1830 من أجل دخول فرنسا إلى الجزائر، لا يمكنه سوى أن يقاوم في سنة 1954 لأجل بقائها.
قرأت كتاب تاريخ “بلد قسنطينة” للدكتور عبد الله حمادي، وكتاب “جرائم الجيش الفرنسي في مقاطعتي قسنطينة والجزائر” لمؤلفه الدكتور عبد العزيز فيلالي، وكتاب “قسنطينة في عهد أحمد باي” للمستشرق الألماني “فندلين شلوطر”، وغيرها من المؤلفات كلها تتحدث عن حقبة سقوط قسنطينة سنة 1937، واستمعت لرائعة “صالح باي” للفنان الراحل الحاج محمد طاهر فرقاني، وتفحصت كل القطع والتحف الأثرية واللوحات التي تروي حقبة السقوط في متحف “سيرتا”، فلم أجد سببا مقنعا لسقوط قسنطينة، وكانت تبدو مستعصية للأبد على جنود الاستعمار الفرنسي، إلى أن اعترف الفنان “الكبير” أنريكو ماسياس، بالطعنة التي وجّهها يهود المدينة لنبل أهلها وطيبتهم وشهامتهم وخاصة تسامحهم.
يقول ماسياس في آخر خرجة إعلامية: “في سنوات المقاومة القسنطينية للاستعمار الفرنسي، كان اليهود في منتهى الحزن، فما كان منهم سوى إعلان مقاومة ضد المقاومة حتى حققنا حلم اليهود قاطبة”.
شكرا أنريكو ماسياس على هذا الاعتراف، فقد فكّكت لغزا كان سيفيد مؤرخينا والمستشرقين وفناننا الراحل الحاج فرقاني.
شكرا يا من قدّمت أغنية عن قسنطينة وأسميتها “فرنسا الصبا” la france de mon enfance
الآن فقط أجبت بنفسك للعالم، لماذا جففت الجزائر من ملتكم؟ ولماذا رفض أبناء المدينة عودتك إلى مسقط رأسك!

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post “أنريكو ماسياس” يقول الحقيقة appeared first on الشروق أونلاين.