أنظمة معقدة للابتكار والتكنولوجيا الرقمية في تبييض الأموال

تتصاعد التهديدات التي تفرضها الجرائم المالية العابرة للحدود، وعلى رأسها تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بل باتت تمس صميم النظام المالي وتمثل خطرا على استقرار الأسواق وشفافية المعاملات، في وقت تتسارع فيه وتيرة تطور أساليب الجريمة المالية، مدفوعة بالتحول الرقمي، والابتكار التكنولوجي، واستغلال الثغرات في الأنظمة القانونية والمالية، ما يستدعي حسب ما أكده كبار المسؤولين القضائيين […] The post أنظمة معقدة للابتكار والتكنولوجيا الرقمية في تبييض الأموال appeared first on الشروق أونلاين.

أبريل 16, 2025 - 20:22
 0
أنظمة معقدة للابتكار والتكنولوجيا الرقمية في تبييض الأموال

تتصاعد التهديدات التي تفرضها الجرائم المالية العابرة للحدود، وعلى رأسها تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بل باتت تمس صميم النظام المالي وتمثل خطرا على استقرار الأسواق وشفافية المعاملات، في وقت تتسارع فيه وتيرة تطور أساليب الجريمة المالية، مدفوعة بالتحول الرقمي، والابتكار التكنولوجي، واستغلال الثغرات في الأنظمة القانونية والمالية، ما يستدعي حسب ما أكده كبار المسؤولين القضائيين ضرورة تعزيز الإطار التشريعي، وتكثيف التنسيق بين الهيئات الرقابية والقضائية، وإشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في معركة وطنية تتجاوز الأطر التقليدية للمكافحة.
وفي هذا الإطار، شددت رئيسة مجلس قضاء الجزائر، دنيا زاد قلاتي، على أهمية الرؤية الشاملة التي تقوم على تكامل الأدوار بين القضاء والرقابة المالية، إلى جانب إصلاحات قانونية وهيكلية تتماشى مع المعايير الدولية، مشيدة بما تحقق في هذا المسار من تعديلات هامة ودور متقدم للمؤسسات الوطنية.
وأكدت قلاتي، خلال يوم دراسي، نظم، الأربعاء، بالشراكة مع بنك الجزائر وخلية معالجة الاستعلام المالي ووزارة التجارة، خُصص لمناقشة سبل التصدي لهذه الظاهرة المعقدة، أن التهديدات الناجمة عن الجرائم المالية، وعلى رأسها تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أصبحت تمثل تحديا مباشرا للاقتصاد الوطني ولنزاهة المعاملات وأمن الأفراد والمجتمع.
وأشارت المتحدثة إلى أن التصدي لهذا النوع من الإجرام المعقد لا يمكن أن يتم إلا من خلال مقاربة شاملة، تقوم على تكامل الأدوار بين القضاء، والرقابة المالية، والتشريع، والتحقيق، والتحليل المالي، إلى جانب التكوين المستمر والتخصص النوعي، وهي الرؤية التي يعمل عليها مجلس القضاء لترسيخها.
كما نوهت خلال كلمتها بالجهود التي بذلتها الجزائر في تعزيز الترسانة القانونية والمؤسساتية، خاصة من خلال القانون رقم 01-23 المعدل والمتمم للأمر 01-05، والذي شكل حسبها نقطة تحول في مطابقة التشريع الجزائري للمعايير الدولية، على رأسها توصيات مجموعة العمل المالي “GAFI”، مشددة على أن هذا الإطار الجديد وسع نطاق التجريم، ورفع من مستوى العقوبات، وعزز آليات الرقابة والإبلاغ والمصادرة، كما منح خلية معالجة الاستعلام المالي صلاحيات أوسع .
وفي سياق متصل، ثمنت المتحدثة الدور الذي تلعبه خلية معالجة الاستعلام المالي، وبنك الجزائر، ووزارة التجارة في تطوير أدوات الرقابة وكشف المعاملات المشبوهة، على المستويين الوطني والدولي، مؤكدة على أن دور القضاء في هذه المعركة يتجاوز المتابعة القضائية إلى بناء ثقافة قضائية متخصصة تواكب تطور الجريمة المالية، وذلك عبر التكوين المستمر وتبادل الخبرات وتكريس التخصص.
وبالمقابل، شددت على أن مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ليست مسؤولية القضاء وحده، بل تتطلب تعبئة شاملة لكل المتدخلين من قطاعات مصرفية ومالية وهيئات رقابية ومجتمع مدني، ضمن رؤية منسقة ومتعددة الأبعاد إلى تأكيدها على التزام مجلس قضاء الجزائر بدعم مسار مكافحة الجرائم المالية عبر تعزيز قدرات الجهاز القضائي، وتهيئة البيئة الملائمة لأداء المهام بفعالية ومهنية عالية، معربة عن أملها في أن تُفضي توصيات هذا اللقاء إلى خطوات عملية تدعم الجهود الوطنية في هذا المجال.
بدوره أكد النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، محمد بن بوضياف، أن ظاهرة تبييض الأموال تطورت خلال السنوات الأخيرة، حيث انتقلت من الأساليب التقليدية إلى أنظمة معقدة توظف الابتكار المالي والتكنولوجيا الرقمية، وتستند إلى شبكات دولية، مشيرا إلى أن الجريمة لم تعد ترتبط فقط بالمصادر المعروفة بل أصبحت تعتمد على تحويلات صغيرة يصعب تعقبها، واستغلال منظمات خيرية ومؤسسات قانونية كواجهات لنشاطات مشبوهة.
وفي ظل هذا التطور المتسارع، شدد النائب العام على أن قدرات الشبكات الإجرامية في التكيف مع البيئة المالية والرقمية باتت تفوق في كثير من الأحيان الوسائل التقليدية للرصد، وهو ما يستدعي، حسبه، تبني نهج شامل ومتعدد الأبعاد يرتكز على تعزيز الإطارين التشريعي والتنظيمي وفقا للمعايير الدولية.
وأكد أن التجارب العالمية أظهرت أن نجاعة أنظمة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب تنطلق من صلابة الإطار القانوني وقدرته على التكيف مع المستجدات.
وفي هذا السياق، ذكَر بالتعديلات الهامة التي أقرتها الجزائر على قانون الوقاية من تبييض الأموال، لاسيما تلك المعتمدة في سنتي 2020 و2023، والتي سمحت بتوسيع قائمة الأشخاص الملزمين بالتصريح، إلى جانب تحديد مفهوم “المستفيد الحقيقي” بشكل واضح، ما يقلل من فرص التمويه.
وأشار بن بوضياف إلى أن الجزائر قطعت خطوات معتبرة في هذا المجال من خلال إنشاء لجنة وطنية لتنسيق جهود مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب تفعيل التعاون القضائي عبر إبرام مذكرات تفاهم مع دول إفريقية وأوروبية، فضلا عن المشاركة في آليات دولية على غرار مجموعة “إيغمونت” لتبادل المعلومات الاستخباراتية المالية.
كما دعا بن بوضياف إلى عدم حصر التنسيق في الإطار المؤسساتي، بل إلى إشراك القطاع الخاص نظرا لدوره المباشر في التعامل مع العملاء، بالإضافة إلى تعميق التعاون مع المجتمع المدني لتعزيز جهود التوعية والتحسيس بخطورة هذه الجرائم.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post أنظمة معقدة للابتكار والتكنولوجيا الرقمية في تبييض الأموال appeared first on الشروق أونلاين.