الهرولة والربيع “العبري‪”!‬‬

من يتابع التحولات الراهنة، سواء في السياسة الدولية أو في بنية المفاهيم الراسخة التي شكلت وعي أجيال كاملة، يدرك أن المشهد العالمي يعيش اليوم اختلالًا غير مسبوق. لم تعد المبادئ مرجعية، ولا القيم حاكمة، بل اختلطت الأوراق، وتبدلت المواقع، حتى غدت ثورات الشعوب العربية مجرّد أدوات في خدمة مشروع أكبر، هو “الربيع العبري”، لا العربي …

يوليو 6, 2025 - 22:10
 0
الهرولة والربيع “العبري‪”!‬‬

من يتابع التحولات الراهنة، سواء في السياسة الدولية أو في بنية المفاهيم الراسخة التي شكلت وعي أجيال كاملة، يدرك أن المشهد العالمي يعيش اليوم اختلالًا غير مسبوق. لم تعد المبادئ مرجعية، ولا القيم حاكمة، بل اختلطت الأوراق، وتبدلت المواقع، حتى غدت ثورات الشعوب العربية مجرّد أدوات في خدمة مشروع أكبر، هو “الربيع العبري”، لا العربي كما زُعِم وكما تمنّت الشعوب‪.‬‬
التطبيع مع الكيان الصهيوني لم يعد مجرد خيارٍ سياسي، بل تحوّل إلى سباق معلن، ومزايدة مكشوفة بين أنظمة تسعى لتقديم أوراق الطاعة، وتتنافس في نيل رضا تل أبيب، على حساب إرادة شعوبها وكرامتها. هذا التهافت لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة مسار طويل ومدروس، بدأ بإضعاف مناعة الوعي، وتفكيك الثوابت، وتمييع المفاهيم، حتى صارت الخيانة وجهة نظر، والانبطاح واقعية سياسية‪.‬‬
لقد انتصر الكيان الصهيوني، لا بالسلاح، بل بالتحكم في العقول، حيث نجح في إقناع بعض العرب أن التطبيع مصلحة، والاصطفاف معه ضرورة. فربحت إسرائيل جولة المفاهيم، حين جعلت من ربيع الشعوب موسمًا لحصادها‪.‬‬
ويبقى السؤال المؤلم: أين العرب من كل هذا؟ وأين الشعوب التي كانت تهتف للكرامة والحرية؟ وهل ماتت الذاكرة؟ أم قُتلت الإرادة؟ في زمن الهرولة، تُصادَر الأسئلة قبل أن تُطرح