“طال غيابك يا غزالي”… حسني الذي لم يَغِب إلا بجسده !

“طال غيابك يا غزالي… راك طولت في الغربة”، هي ليست مجرد أغنية من أرشيف الشاب حسني، بل صدى حنينٍ عالق في ذاكرة الجزائريين منذ أكثر من ثلاثة عقود. فكلما ترددت كلماتها، عادت معها صورة فنانٍ رحل باكرًا، تاركًا وراءه صوتًا لا يشيخ، وإحساسًا لا ينتهي. اليوم، وبعد 31 سنة على غيابه، ما زال حسني حاضراً …

سبتمبر 29, 2025 - 18:26
 0
“طال غيابك يا غزالي”… حسني الذي لم يَغِب إلا بجسده  !

“طال غيابك يا غزالي… راك طولت في الغربة”، هي ليست مجرد أغنية من أرشيف الشاب حسني، بل صدى حنينٍ عالق في ذاكرة الجزائريين منذ أكثر من ثلاثة عقود. فكلما ترددت كلماتها، عادت معها صورة فنانٍ رحل باكرًا، تاركًا وراءه صوتًا لا يشيخ، وإحساسًا لا ينتهي.

اليوم، وبعد 31 سنة على غيابه، ما زال حسني حاضراً في كل بيتٍ ووِجدانٍ، كأنّ الغربة التي تغنّى بها لم تكن سوى نبوءة لرحيله الأبدي.

في مثل هذا اليوم من عام 1994، صمت صوت “عندليب الراي” إلى الأبد، لكنه لم يُدفن؛ فقد ظلّ حياً في أشرطة الكاسيت، وعلى ألسنة العشاق، وفي ذاكرة جيلٍ حلم بالحبّ وسط العنف والخوف.

حسني لم يكن مجرد مطرب، بل كان مرآة لواقعٍ اجتماعي مضطرب، عبّر عنه ببساطة وصدق جعلته الأقرب إلى قلوب الناس.

رحل في عزّ المجد، لكن أغانيه ما زالت تشهد أن الفنّ الصادق لا يموت، وأن من غنّى للحبّ في زمن الرصاص، يظلّ خالداً في وجدان وطنٍ بأكمله.

كان الشاب حسني يعيش أوج شهرته، إذ تمكّن خلال أقل من عشر سنوات من إصدار أكثر من 150 ألبومًا، سجّل أغلبها في وقت قياسي، محققًا انتشارًا غير مسبوق داخل الجزائر وخارجها. أغانيه العاطفية الصادقة مثل “مازال نحبك”، “طال غيابك يا غزالي”، و*”اللي راح راح”*، جعلت منه صوت جيلٍ كامل يحلم بالحبّ وسط واقعٍ مضطرب.

اغتياله لم يكن مجرد خسارة فنية، بل صدمة وطنية في زمن العشرية السوداء، حين كانت الرصاصات تستهدف كل صوت حرّ. شيّع عشرات الآلاف جثمانه في جنازة مهيبة، اختلطت فيها الدموع بالغضب، تعبيرًا عن حزن شعبٍ فقد رمزًا للبساطة والصدق.

ورغم مرور 31 سنة على رحيله، لا يزال حسني حاضرًا في الذاكرة الشعبية. فجيل اليوم يكتشفه من جديد عبر المنصات الرقمية، فيما يواصل الفنانون الشباب إعادة أغانيه تكريمًا له. تحوّل إلى مدرسة فنية وإنسانية، وإلى مرجع في دراسة تطور موسيقى الراي، بعدما نجح في نقلها من الحانات الشعبية إلى الأفق العربي والعالمي.

وفي كل ذكرى، تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بصوره وأغانيه، في تعبيرٍ عن حبٍّ لا يزول. فصوته لم يكن مجرد نغمة، بل كان وجدانًا صادقًا عبر عن جراح العاطفة وأحلام الشباب.

رحل حسني، لكنّه لم يمت. فـ”عندليب الراي” ما زال يغنّي في قلوب الملايين، شاهداً على أن الفنّ الصادق أقوى من الرصاص، وأن الحبّ لا يُغتال.