فرنسا توظف ملف بوشوارب كورقة ضغط على الجزائر !
· صدر بحقه حكم غيابي بالسجن 20 عامًا بتهم تتعلق بالفساد أثار رفض القضاء الفرنسي تسليم الوزير الجزائري السابق عبد السلام بوشوارب جدلًا واسعًا، خاصة أن الأخير ملاحق من قبل القضاء الجزائري، وصدر بحقه حكم غيابي بالسجن 20 عامًا بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال السلطة. ورغم أن فرنسا سبق …

· صدر بحقه حكم غيابي بالسجن 20 عامًا بتهم تتعلق بالفساد
أثار رفض القضاء الفرنسي تسليم الوزير الجزائري السابق عبد السلام بوشوارب جدلًا واسعًا، خاصة أن الأخير ملاحق من قبل القضاء الجزائري، وصدر بحقه حكم غيابي بالسجن 20 عامًا بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال السلطة.
ورغم أن فرنسا سبق وأن سلمت بعض المطلوبين الجزائريين، إلا أن حالة بوشوارب تبدو مختلفة، حيث استندت النيابة الفرنسية إلى أسباب صحية وقانونية وسياسية في تبرير معارضتها لتسليمه. فهل حقًا وضعه الصحي هو السبب الرئيس لرفض التسليم؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى تقف وراء هذا القرار؟
شغل عبد السلام بوشوارب منصب وزير الصناعة والمناجم في الجزائر بين عامي 2014 و2017، خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وكان واحدًا من أبرز الشخصيات التي لعبت دورًا رئيسيًا في سياسات الاستثمار الصناعي، خصوصًا في مجال تركيب السيارات والقطاعات الاستراتيجية الأخرى.
ولكن بعد حراك 22 فبراير 2019 وسقوط نظام بوتفليقة، أطلقت السلطات الجزائرية حملة واسعة لمكافحة الفساد، استهدفت العديد من المسؤولين ورجال الأعمال المقربين من السلطة السابقة، ومن بينهم بوشوارب. وقد أصدرت محكمة سيدي امحمد في الجزائر العاصمة حكمًا غيابيًا بسجنه 20 عامًا، مع مصادرة أملاكه في الجزائر وخارجها، بتهم تتعلق بتبديد المال العام، إساءة استغلال الوظيفة، وتلقي امتيازات غير مشروعة.
وبحسب التحقيقات الجزائرية، فإن بوشوارب متورط في عدة ملفات فساد مرتبطة بمشاريع صناعية واستثمارات كبرى، خاصة في قطاع تركيب السيارات، حيث تم توجيه اتهامات له بالتلاعب في العقود الحكومية وتقديم امتيازات غير قانونية لبعض رجال الأعمال مقابل عمولات سرية.
فر بوشوارب إلى فرنسا، حيث استقر في منطقة الألب البحرية، محاولًا تجنب الملاحقات القضائية، وعلى الرغم من إصدار الجزائر مذكرة توقيف دولية بحقه، إلا أن السلطات الفرنسية لم تتحرك فورًا لاعتقاله.
لكن في أكتوبر 2023، وضعت السلطات الفرنسية بوشوارب تحت الرقابة القضائية، ومنعته من مغادرة الأراضي الفرنسية، مع مصادرة جواز سفره، تمهيدًا للنظر في طلب الجزائر تسليمه. وبعد عدة جلسات، رفضت النيابة العامة الفرنسية هذا الطلب، بحجة أن وضعه الصحي لا يسمح بترحيله، إضافة إلى وجود مخاوف تتعلق بـظروف احتجازه في الجزائر.
أحد أبرز الحجج التي قدمتها النيابة العامة الفرنسية هو أن بوشوارب يعاني من مشكلات صحية خطيرة، وأن تسليمه قد يشكل خطرًا على حياته أو يؤدي إلى تدهور سريع لا رجعة فيه في حالته الصحية.
وقد صرح المدعي العام الفرنسي، رافاييل سانيسي دي جنتيلي، بأن الوزير السابق في حالة صحية حرجة، ولا يمكنه تحمل ظروف الاحتجاز التي ستواجهه في السجون الجزائرية. كما أشار إلى أن ظروف السجون في الجزائر قد لا تكون ملائمة لشخص يعاني من مشكلات صحية.
من جهتها، رفضت الجزائر مبررات القضاء الفرنسي، وأكدت أن بوشوارب ليس سجين رأي ولا معارض سياسي، بل هو متهم في قضايا فساد موثقة.
تدافع الجزائر، عن طلب التسليم، مؤكدة إن بوشوارب سرق أموال الجزائريين ويجب أن يمثل أمام العدالة، مضيفة أن النظام الجزائري قد قدم جميع الضمانات اللازمة لمحاكمته وفقًا للقوانين الدولية.
كما أكدت السلطات الجزائرية أنها ستواصل الضغط على فرنسا من أجل استرداده، خاصة أن هناك قائمة طويلة من المطلوبين الجزائريين المقيمين في باريس والمتورطين في قضايا فساد خلال عهد بوتفليقة.
بعد عدة جلسات، من المتوقع أن تصدر المحكمة الفرنسية قرارها النهائي بشأن تسليم عبد السلام بوشوارب يوم 19 مارس 2025.
وفي حال قررت فرنسا رفض التسليم، سيعني ذلك إفلات الوزير السابق من العقاب، وربما استمراره في العيش بحرية داخل الأراضي الفرنسية، مما سيشكل ضربة قوية لمساعي الجزائر في استرداد الأموال المنهوبة ومحاكمة المسؤولين الفاسدين.
أما إذا قررت المحكمة الموافقة على التسليم، فسيتم ترحيله إلى الجزائر، حيث سيواجه تنفيذ الحكم الغيابي الصادر بحقه، مع إمكانية إعادة محاكمته بحضوره، وفق الإجراءات القضائية الجزائرية.
أمين بن لزرق