قصة نجاح/ عبد الرحمن فارح..الطفل المعجزة الذي أذهل العالم بحفظه للقرآن الكريم
إعداد: عبد الغني بلاش/ في عدد اليوم من قصة نجاح نعرج بكم لنتحدث عن قصة القارئ عبد الرحمن فارح كواحد من أعظم النماذج المضيئة في مجال حفظ القرآن الكريم. هذا الفتى الجزائري الذي لقب بـ»الطفل المعجزة» لم يكن مجرد حافظٍ عادي للقرآن، بل أصغر حافظ في العالم، حيث أتم حفظه كاملاً في سن السادسة، ليحصد …

إعداد: عبد الغني بلاش/
في عدد اليوم من قصة نجاح نعرج بكم لنتحدث عن قصة القارئ عبد الرحمن فارح كواحد من أعظم النماذج المضيئة في مجال حفظ القرآن الكريم. هذا الفتى الجزائري الذي لقب بـ»الطفل المعجزة» لم يكن مجرد حافظٍ عادي للقرآن، بل أصغر حافظ في العالم، حيث أتم حفظه كاملاً في سن السادسة، ليحصد لاحقًا جائزة عالمية من المملكة العربية السعودية، ويصبح مصدر فخر ليس لعائلته فحسب، بل لكل الأمة الإسلامية.
بداية القصة.. دعوة مستجابة
لم تبدأ رحلة عبد الرحمن مع القرآن عند ولادته، بل قبل ذلك بسنوات. تعود جذور القصة إلى والدته التي تأثرت بمشهد مؤلم خلال متابعتها لمسابقة دولية لحفظ القرآن، عندما أخطأ أحد المشاركين الجزائريين في التلاوة وانفجر بالبكاء. عندها، رفعت يديها إلى السماء ودعت الله أن يرزقها ولدًا يحفظ كتابه ويكون من المتفوقين في هذا المجال. لم تكن تعلم أن دعاءها ذلك اليوم سيستجاب بطريقة تفوق كل التوقعات.
المعجزة الأولى… نطقه الأول كان آيات قرآنية
وُلد عبد الرحمن فارح وواجه تحديًا كبيرًا منذ نعومة أظافره؛ فقد تأخر في النطق حتى بلغ عامين وثمانية أشهر. قلق والده وعرضه على طبيب مختص لمعرفة سبب هذا التأخير. ولكن المفاجأة كانت مذهلة، إذ نطق عبد الرحمن لأول مرة فجأة، وكان أول ما خرج من فمه آيات من القرآن الكريم! لم يكن مجرد كلمات متناثرة، بل أجزاءً كاملة من سور الكهف، مريم، طه، وأجزاء من البقرة والنور.
بداية الظهور الإعلامي…
لم يمضِ وقت طويل حتى انتشرت قصة عبد الرحمن، ما دفع أحد الصحفيين لزيارته في منزله. فوجئ الصحفي برؤية طفل صغير يلهو بألعابه بينما يردد آيات من القرآن بسلاسة وإتقان، فقرر أن يظهره للعالم. وهكذا، كان أول ظهور لعبد الرحمن في برنامج «الصباحيات» على التلفزيون الجزائري سنة 2009، حيث التقى بابن أخ الشيخ المنشاوي واستمع إلى تلاوته، ما دفع الجميع إلى الإشادة به والتنبؤ بمستقبل مشرق له.
مسيرة حفظ القرآن الكريم..
بعد نطقه الأول بالقرآن، بدأ عبد الرحمن رحلته الجادة في الحفظ. درس على يد شيخ مختص، وواصل الحفظ والمراجعة بمتابعة دؤوبة من والدته. وعندما بلغ السادسة، كان قد أتم حفظ كتاب الله كاملًا برواية حفص عن عاصم. لم يكتفِ بذلك، بل أصبح يؤم الناس في صلاة التراويح في العديد من المساجد، رغم صغر سنه.
في عام 2015، تلقى عبد الرحمن دعوة من وزارة الشؤون الدينية الجزائرية للمشاركة في مسابقة أصغر حافظ للقرآن الكريم في العالم، والتي نظمتها الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم في جدة، السعودية. لم يكن لديه شيخ مختص لتحضيره للمسابقة، فاجتهد بنفسه بمعاونة والدته، معتمدًا على الاستماع إلى القراء المشهورين وتحسين تجويده ذاتيًا. اجتاز التصفيات في الجزائر بامتياز وتأهل للمسابقة النهائية التي شاركت فيها 34 دولة.
وفي أجواء روحانية مباركة خلال شهر رمضان، أقيمت المسابقة في المملكة العربية السعودية، وهناك أثبت عبد الرحمن تفوقه ليصبح أحد العشرة الأوائل الذين حازوا على لقب «أصغر حافظ لكتاب الله في العالم». لم يمر إنجازه مرور الكرام، فقد لفت أنظار كبار المسؤولين والعلماء، ومنهم أمير المدينة المنورة وأمير مقاطعة الباحة، اللذان دعياه للبقاء في السعودية ومواصلة دراسته هناك. لكنه فضل العودة إلى الجزائر لمواصلة رحلته في طلب العلم
من حافظ إلى طالب علم وعالم ناشئ..
لم تتوقف مسيرة عبد الرحمن عند حفظ القرآن، بل بدأ بحفظ المتون الشرعية والأحاديث النبوية. فحفظ الأربعين النووية، تحفة الأطفال في التجويد، الدرّة اليتيمة في قواعد اللغة العربية، وجوامع الإمام نافع، إلى جانب الأرجوزة الميئية في السيرة النبوية وملحة الإعراب للحريري. كما ظل يؤم الناس في صلاة التراويح سنويًا، ليصبح نموذجًا فريدًا للشباب المسلم الملتزم.
لقاء مع كبار العلماء..
مع تزايد شهرته، دُعي عبد الرحمن للمشاركة في برنامج «سواعد الإخاء»، حيث التقى بأكبر الدعاة والمشايخ في العالم الإسلامي، مثل الدكتور راتب النابلسي والدكتور عمر عبد الكافي. تأثروا جميعًا بشخصيته وعلمه، وشهدوا له بأنه سيكون من رموز الأمة في المستقبل.
رسالة إلى الشباب …
رغم صغر سنه، يحرص عبد الرحمن على توجيه رسائل قيّمة للشباب، مقتبسًا من وصايا لقمان الحكيم لابنه، ومؤكدًا على أهمية التوحيد، بر الوالدين، إقامة الصلاة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الشدائد. يرى أن الالتزام بهذه المبادئ هو سر النجاح الحقيقي في الحياة.
الوفاء للوالدين..
لا ينسى عبد الرحمن فضل والديه، خاصة والدته التي كانت شريكته في هذه الرحلة المباركة. في كل ظهور إعلامي له، يحرص على شكرهما وتقدير جهودهما، مؤكدًا أن ما وصل إليه هو بفضل الله ثم بدعواتهما ورعايتهما.
حلم العالم الداعية..
اليوم، يواصل عبد الرحمن فارح رحلته في طلب العلم، ويطمح لأن يكون داعيةً ينشر رسالة الإسلام عبر القرآن والسنة. يحلم بأن يكون من العلماء الذين يسهمون في نهضة الأمة، وهو على يقين بأن الطريق أمامه طويل، لكنه مليء بالخيرات والتوفيق بإذن الله.