مؤتمر الصومام وابن بلة
في العشرين أوت من كل عام، يحيي الجزائريون في ذكريين مجيدتين في تاريخ جهادهم الأخير ضد فرنسا المجرمة، هذان الذكريتان هما 20 أوت 1955، و20 أوت 1956، وقد أحسن من أطلق على هذين الذكريين “يوم المجاهد”. فأما التاريخ الأول، فقد وقعت فيه هجومات الشمال القسنطيني في رابعة النهار، ورغم جرائم فرنسا آنذاك، فقد استيقن كثير […] The post مؤتمر الصومام وابن بلة appeared first on الشروق أونلاين.


في العشرين أوت من كل عام، يحيي الجزائريون في ذكريين مجيدتين في تاريخ جهادهم الأخير ضد فرنسا المجرمة، هذان الذكريتان هما 20 أوت 1955، و20 أوت 1956، وقد أحسن من أطلق على هذين الذكريين “يوم المجاهد”.
فأما التاريخ الأول، فقد وقعت فيه هجومات الشمال القسنطيني في رابعة النهار، ورغم جرائم فرنسا آنذاك، فقد استيقن كثير من الفرنسيين أن آزفتهم في الجزائر قد أزفت، وسكن الرعب قلوب الفرنسيين المجرمين.
وأما التاريخ الثاني، فقد وقع فيه أحد أهم حوادث جهادنا الأخير، وأعني عقد مؤتمر الصومام الذي كانت إيجابياته أكثر من سلبياته، حيث وحّد قيادة الجهاد بتكوين أهم مؤسستين وهما: المجلس الوطني للثورة، ولجنة التنسيق والتنفيذ .
ومن أهم ما اتخذ من قرارات في هذا المؤتمر أولوية الداخل على الخارج، وأولوية السياسي على العسكري. وكان أبرز المعترضين على مقررات الصومام أحمد بن بلة الموجود آنذاك في القاهرة ضمن ما كان يسمى “الوفد الخارجي”، إضافة إلى محمد خيضر وآيت أحمد وبوضياف الذي كان موجودا في إسبانيا
أحس ابن بلة أن “قيادته” للثورة قد اهتزت، خاصة بعد بروز شخصيتين هامتين هما المجاهدان محمد العربي بن مهيدي ورمضان عبان واستقرارهما في العاصمة.
كأن مبرر ابن بلة في اعتراضه هو خلو بيان الصومام من البعد الإسلامي للثورة، وهو البعد الذي أكده بيان أول نوفمبر في أن الهدف الأكبر للثورة هو إقامة دولة جزائرية اجتماعية في إطار المبادرة الإسلامية .
مكّن لابن بلة، فاستوى على كرسي الرئاسة، وكان المفروض أن يسارع إلى تطبيق ما “آمن” به من بناء الدولة في إطار المبادئ الإسلامية، فإذا به، كما قال الإمام محمد البشير الإبراهيمي :
” واشترى لفظا سخيفا
خَتْمه في النطق “كيّة”.
أي “اشتراكية”. وأحاط نفسه بشرذمة من الشيوعيين من الجزائر ومن الأجانب، “لأني أشعر بأني جد قريب منهم”. وآمن ابن بلة أنه “لو لم يكن الاتحاد السوفياتي موجودا، فإنه كان لابد لنا من خلقه”. (انظر: مذكرات ابن بلة، دار “الآداب” ص: 64).
لم يكتف ابن بلة باقترابه من الشيوعيين الجزائريين والأجانب، وبخلق الاتحاد السوفياتي لو لم يكن موجودا، ولكنه وصل به الأمر أن عرض إحدى الوزارات الهامة على أحد “أئمة” الشيوعية وهو شي غيفارا، حيث اعترف للصحافي التونسي الصافي سعيد عندما سأله عن ذلك: “نعم، عرضت عليه أن يتولى وزارة الاقتصاد … ولكنه رفض”. (انظر: الصافي سعيد: بن بلة يتكلم. ط: عرابيا، تونس 2012 ص: 144). وقد سبق نشر هذا الكتاب في “دار الجديد” ببيروت في سنة 1981، أو عندما كان ابن بلة حيا. ولكننا لم نسمع أنه نفى ذلك. وقد يكون ابن بلة توهّم أن شي غيفارا هو “أبو ذر الغفاري”، كما سبق أن توهّم أن “نظام بورقيبة امتداد مستمر وقائم للسلفية”. (انظر: محمد خليفة: أحمد بن بلة حديث معرفي شامل. دار الوحدة. بيروت، 1985 – ص: 117). لقد بدأ ابن بلة يحشد أتباعه للتمرد على قرارات الصومام، ولو لم تختطف الطائرة المغربية التي كان فيها لأحدث فتنة كبرى في الثورة الجزائرية، ولكن الله، عزّ وجل، سلّم.
غفر الله – الغفار – لكل المجاهدين الذين أخطئوا في حق بعضهم، ومنهم المناضل ابن بلة، ورحم الله جميع شهدائنا .
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post مؤتمر الصومام وابن بلة appeared first on الشروق أونلاين.