وادي الحراش من عائق إلى قاطرة للتنمية المستدامة

كثيرة هي القضايا التي شغلت الراي العام الوطني، وعديدة هي المسائل المطروحة بين أوساط المراقبين للشأن العام الجزائري والمواطنين على حدّ سواء. كان لحادثة سقوط الحافلة في واد الحراش، التي راح ضحيتها ثمانية عشر شخصا وإسعاف أكثر من عشرين شخصا آخرين نحو المستشفيات، الأثر العميق في نفوس الجزائريين، إلاّ أنّ الأهم من دلك هو استفاقة …

أغسطس 20, 2025 - 21:55
 0
وادي الحراش من عائق إلى قاطرة للتنمية المستدامة

كثيرة هي القضايا التي شغلت الراي العام الوطني، وعديدة هي المسائل المطروحة بين أوساط المراقبين للشأن العام الجزائري والمواطنين على حدّ سواء. كان لحادثة سقوط الحافلة في واد الحراش، التي راح ضحيتها ثمانية عشر شخصا وإسعاف أكثر من عشرين شخصا آخرين نحو المستشفيات، الأثر العميق في نفوس الجزائريين، إلاّ أنّ الأهم من دلك هو استفاقة الجميع على وضعية البنى القاعدية، الخاضعة لسوء التسيير والإهمال على عدّة مستويات. رغم أنّ مشروع التهيئة البيئية تعود لأكثر من عقد بغية تحويله إلى منتزه سياحي، بقي مستوى المشروع يراوح مكانه ولم يتحقق منه سوى جزء قليل، مع بقاء نسب عالية من المخلفات كالمعادن ومواد نفطية، وبكتيريا مسببة للأمراض، إضافة إلى الروائح الكريهة المتبقية. واقع صعب نتيجة عدم متابعة القرارات المتخذة منذ سنة 2012.

أي استنتاج يستخلص مما حدث؟

يؤكد معظم الخبراء على ضرورة تهيئة واد الحراش لما يسببه من إزعاج للساكنة والمارّين، كما أنّ الفوائد البيئية والاقتصادية التي ستعود نتائجها على الهيئات العمومية والخاصة تستدعي إعادة النظر في تسيير مشروع التهيئة من أساسه، إضافة إلى نظام الطرقات المحاذية للواد التي تتميّز بالضيق، أي على السلطات العمومية توعية مستعملي الطريق من حافلات وشاحنات ثقيلة وخفيفة وسيارات إلى الانتباه إلى خصوصية الطرقات وهو ما ينطبق على عدّة مناطق من ربوع الوطن. أي أنّ من واجب السلطات العمومية ضمان بنى قاعدية ذات جودة ومطابقة للمقاييس الدولية الخاصة بالسلامة المرورية مما يجبن حوادث مماثلة في المستقبل. وبناء على ذلك، يصبح تحديد المسؤوليات مستمد من معطيات موضوعية قابلة للمعالجة الميدانية، وهو ما لا يتوفّر إلى حدّ الآن، بسبب غياب منظومة تسيير واضحة للطرقات والبنى القاعدية المرتبطة بها، وعدم القدرة على إطلاق مشروع بيئي يقدّم حلولا واقعية وفعالة مبنية على أسس علمية قادرة على تحويل واد الحراش إلى مكان جذاب.

أيّة حلول بعد الحادث المؤسف؟

من الضروري الجمع بين التوعية بين أوساط المواطنين بمختلف شرائحهم، مع تكليف القائمين بتهيئة المشروع باتباع الحلول المقترحة لضمان تجسيد التهيئة في الآجال المحدّدة. لعلّ إبقاء مشروع التهيئة البيئية لواد الحراش بنفس المقاييس المدرجة سابقا لا يزال مفيدا، مع إدخال حلول جديدة وذكية. كما أنّه صار ضروريا إدراج شركات محلية عمومية وخاصة متخصصة في مجال تهيئة الطرقات قادرة على تجسيد مشاريع على المستوى المحلّي البلديات والدوائر والولايات، مع ضمان التنسيق بين مختلف القطاعات كوزارة الأشغال والبنى القاعدية ووزارة النّقل وفق خطّة عمل واضحة المعالم ووفق جدول زمني ومرحلي دقيق، مرفقة بمتابعة مستمرّة على المستوى المركزي. دمج المواطنين والهيئات العمومية والهيئات الشرطية في استراتيجية وطنية خاصة باحترام قانون الطرقات والسياقة للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وسلامة المواطنين. لكن يبقى من المهم إدخال الحلول الذكية على مشاريع تهيئة الطرقات والمشاريع البيئية الآتية من نتائج الأبحاث العلمية من خلال إدماج الجامعيين في مؤسسات ناشئة قادرة على تعويض مكاتب الخبرة الأجنبية مما يوفّر العملة الصعبة للخزينة العمومية.

إمكانيات متعددة يمكن استغلالها على المدى القصير والمتوسط ممّا يسمح بتحويل أصعب الأماكن إلى مراكز ترفيه تدعّم النشاط التجاري وتجعل من الطرقات دعائم للاقتصاد لحياة أفضل.

سفيان علون