الإهمال واللامسؤولية والجشع!
لم تكن مأساة وادي الحراش حادثاً عابراً أو خطأ بشرياً عارضاً؛ بل جريمة مكتملة الأركان ارتكبها ثلاثة وجوه لشرٍّ واحد: الإهمال، اللامسؤولية، والجشع. التحقيقات الأولية التي كشف عنها وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن السائق والقابض ومالك الحافلة، إضافة إلى مصالح الرقابة التقنية، جميعهم متورطون في التلاعب بأرواح …

لم تكن مأساة وادي الحراش حادثاً عابراً أو خطأ بشرياً عارضاً؛ بل جريمة مكتملة الأركان ارتكبها ثلاثة وجوه لشرٍّ واحد: الإهمال، اللامسؤولية، والجشع.
التحقيقات الأولية التي كشف عنها وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن السائق والقابض ومالك الحافلة، إضافة إلى مصالح الرقابة التقنية، جميعهم متورطون في التلاعب بأرواح الركاب؛ فالحافلة من الناحية القانونية والتقنية لم يكن يجوز لها أن تسير على الطرقات، ومع ذلك أُطلقت لتكون “خردة موت” تجوب الشوارع.
السائق لم يكتف بالمغامرة بحافلة متهالكة، بل زاد الطين بلة حين حمّلها ما يفوق طاقتها حتى تحولت إلى نعش جماعي متحرك، أما المالك، فدفعه الجشع إلى غضّ الطرف عن المخاطر، مستفيداً من تراخي المصالح التقنية التي منحت الضوء الأخضر لمركبة كان يجب أن تُحال إلى مقبرة الخردة.
هكذا، تحوّل الإهمال إلى مقصلة، والجشع إلى شريك في الجريمة، واللامسؤولية إلى توقيع رسمي على محضر موت جماعي. مأساة وادي الحراش لم تكن قدراً، بل نتيجة حتمية لتواطؤ قاتل، سيظل وصمة عار على جبين كل من فرّط في حياة أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم وثقوا في حافلة لم يكن ينبغي أن تتحرك أصلا..