أكاديمية العلوم: الشريك الأمثل لتحديث المناهج التعليمية
في وقتٍ تتنافس فيه الدول على تطوير أنظمتها التعليمية لمواكبة العصر الرقمي والمعارف الحديث، ما زلنا في بلادنا نُصرّ على إدارة التعليم المدرسي بمنطق المركزية البيروقراطية حيث تظل وزارة التربية، حسب علمنا، الجهة الوحيدة التي تخطّط وتقرّر وتؤلّف المناهج، وتطبع الكتب، وتقدمها جاهزة للتلاميذ وسلك الأساتذة، دون أن تفتح الباب، كما ينبغي أن يكون عليه […] The post أكاديمية العلوم: الشريك الأمثل لتحديث المناهج التعليمية appeared first on الشروق أونلاين.


في وقتٍ تتنافس فيه الدول على تطوير أنظمتها التعليمية لمواكبة العصر الرقمي والمعارف الحديث، ما زلنا في بلادنا نُصرّ على إدارة التعليم المدرسي بمنطق المركزية البيروقراطية حيث تظل وزارة التربية، حسب علمنا، الجهة الوحيدة التي تخطّط وتقرّر وتؤلّف المناهج، وتطبع الكتب، وتقدمها جاهزة للتلاميذ وسلك الأساتذة، دون أن تفتح الباب، كما ينبغي أن يكون عليه الحال، أمام الجهة التي أُنشئت خصيصاً لتكون المرجع العلمي الوطني، ألا وهي الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات.
حين يغيب العلماء عن مناهج العلوم
هذه المفارقة العجيبة تطرح سؤالاً مثيرا: ما فائدة وجود أكاديمية علمية تضم خيرة علماء البلاد إن لم تكن شريكا رئيسيا في صناعة المحتوى العلمي المدرسي؟ هل يجوز أن تُختزل وظيفتها في إلقاء المحاضرات الأكاديمية وتنظيم المؤتمرات، وتُبعَد عن التأثير في أخطر مفصل في بناء البلاد، وهو التعليم؟
من المفترض أن تكون المناهج المدرسية العلمية ومؤلفاتها خلاصة ما توصل إليه العقل البشري، معروضة بلغة مبسطة وتربوية، لكنها صحيحة ومتماسكة ومحدّثة. وبطبيعة الحال، فإن هذه المهمة شاقة ولا بد أن تسهر على إنجازها كوكبة من المختصين في المادة العلمية وفي طرائق تدريسها وكيفية تقديمها للتلميذ. ومن شأن ذلك تقليص كم الأخطاء بمختلف أشكالها (في المناهج ونصوص الكتب ومواضيع الامتحانات) سواء أكانت في الجانب العلمي المحض أو في جانب تقنيات طرح المواضيع المُدرّسة وترتيبها. ذلك أن الانتقادات التي سمعناها ونسمعها من عديد الزملاء الجامعيين حول مضامين كتب مدرسية من السنة الأولى (المرحلة الابتدائية) حتى السنة النهائية (المرحلة الثانوية) تكاد لا تحصى.
سمعنا مثلا أن كتب الفيزياء تتحدث بلغة تعليمية سطحية، وتُفرغ القوانين من سياقها التجريبي، وأن بعض كتب الرياضيات تُعامل النظريات وكأنها وصفات جاهزة بلا عمق مفاهيمي. وأن تلك الكتب لا تراعي مستوى التلميذ في المدرسة الابتدائية، وأنها تعقّد بعض المفاهيم البسيطة. أما علوم الأحياء، فلا تزال -حسب البعض- تتجاهل إلى حدّ كبير التقدم الذي أحرزه علم المورّثات والتقنيات البيولوجية الحديثة.
أما فيما يخصّ مادة الكيمياء فحدث ولا حرج رغم أنها من الركائز الأساسية في العلوم الطبيعية. فنحن نجدها في مناهجنا تُعامل كعلم ثانوي، محدود الصفحات، ضعيف الحضور، يقدَّم بلغة وصفية لا تُثير الفضول. وتُدرّس الكيمياء في الطور الثانوي وكأنها مجرد “مادة حفظية”، المعادلات فيها جافة والتفاعلات صمّاء، دون ربط حقيقي مع الواقع الصناعي والبيئي والطبي، ولا تجد من الاهتمام ما تستحق في تقييم التلميذ عبر الامتحانات المختلفة. والنتيجة أن كثيرا من التلاميذ يدخلون الجامعة وهم لا يفهمون طبيعة هذا العلم.
يحدث كل ذلك اليوم، والكيمياء هي أحد أكثر التخصصات العلمية طلبا في سوق العمل، لا سيما في المجالات المرتبطة بالتصنيع الدوائي، والصناعات التحويلية، وتقنيات المياه، والطاقة الجديدة، وعلوم المواد. وقد صارت بعض فروعها، كالكيمياء العضوية الصناعية، أو الكيمياء التحليلية، ذات أهمية مهنية تفوق ما تتيحه الفيزياء التقليدية من مناصب عمل في كثير من السياقات المحلية والعالمية. ولعل الأخطر من ذلك أن بعض المناهج تُعيد تدوير مفاهيم قديمة دون تدقيق علمي محيّن، مما يُبقي التلميذ أسير تصورات خاطئة أو مبسطة إلى حدّ الإضرار بفهمه لاحقاً في التعليم الجامعي.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post أكاديمية العلوم: الشريك الأمثل لتحديث المناهج التعليمية appeared first on الشروق أونلاين.