إدانة سبعة أشخاص بالحبس في قضية “السيدة المنقبة”
أصدرت محكمة الجنح بمدينة العلمة التابعة لولاية سطيف، مساء الأحد، أحكامها في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في ولاية سطيف خلال الأسابيع الأخيرة، والمتعلقة بإهانة سيدة منقبة مغتربة، والتشهير بها واتهامها زورًا بممارسة الشعوذة، وهي القضية التي انتهت بإدانة المتهمين بالحبس النافذ. المحاكمة التي انتظرها الرأي العام باهتمام بالغ، أسفرت عن إدانة ستة متهمين […] The post إدانة سبعة أشخاص بالحبس في قضية “السيدة المنقبة” appeared first on الشروق أونلاين.


أصدرت محكمة الجنح بمدينة العلمة التابعة لولاية سطيف، مساء الأحد، أحكامها في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في ولاية سطيف خلال الأسابيع الأخيرة، والمتعلقة بإهانة سيدة منقبة مغتربة، والتشهير بها واتهامها زورًا بممارسة الشعوذة، وهي القضية التي انتهت بإدانة المتهمين بالحبس النافذ.
المحاكمة التي انتظرها الرأي العام باهتمام بالغ، أسفرت عن إدانة ستة متهمين بالحبس النافذ لمدة 18 شهرًا، وغرامة مالية قدرها 200 ألف دينار جزائري لكل منهم، بعد متابعتهم بتهم تتعلق بالتشهير والترويج لأخبار كاذبة من شأنها المساس بالنظام والأمن العامين. كما قضت المحكمة بإدانة متهم سابع، يدعى (ش.ط)، وهو من الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعقوبة أشد بلغت سنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 300 ألف دينار، بعد متابعته بتهمة نشر خطاب الكراهية على منصات التواصل الاجتماعي.
جلسة المحاكمة لم تخلُ من التوتر والتأثر، حيث حضرت الضحية، وهي سيدة جزائرية مقيمة بالخارج، ترتدي نقابها الكامل، وقد بدت متأثرة إلى أبعد الحدود بما عاشته يوم الاعتداء.
وبصوت خافت يرتجف، وقفت أمام القاضي تروي تفاصيل صادمة عن يومٍ لم تكن تتوقعه: “كنت أجلس بهدوء بالقرب من الحديقة المجاورة للمسبح، أقرأ القرآن وأراجع ترجمات لبعض الكلمات التي لم أفهمها. لم أرفع صوتي، لم أُزعج أحدًا، وفجأة وجدت نفسي محاطة بمجموعة من الأشخاص، يصرخون ويتهمونني بالشعوذة، انتزعوا مني المصحف، ومزّقوا أوراقي، وهناك من مد يده عليّ، وأحدهم نزع نقابي أمام الناس”. وهنا بدت المرأة متأثرة حد الانهيار، وبلسان تخنقه الرهبة ويحكمه الغيظ، قالت: “هذا فعل لن أسامح عليه أبدًا”.
بكلماتها المؤثرة، استطاعت أن تنقل حجم الصدمة والهلع الذي أصابها في تلك اللحظات، وتابعت بنبرة متقطعة: “التصقت بسياج الحديقة محاولة الاحتماء به، كنت أرتعش، دقات قلبي كانت على وشك التوقف، لم أتمكن حتى من الرد، كل ما طلبته أن يعيدوا لي نقابي، لكن لا أحد أنصت”.
وخلال استجوابهم في المحكمة، حاول المتهمون التبرير بأن تصرفهم جاء “دفاعًا عن المصحف”، على حد زعمهم، بعد أن بدت لهم بعض الملاحظات والتعليقات المكتوبة باللغة الفرنسية على هوامش الصفحات. وقال أحدهم بنبرة مغلفة بالندم: “ظننا أن المصحف مدنس، وتحركنا بدافع الغيرة الدينية”، وهي الرواية التي ردّدها دفاع المتهمين، في محاولة لتخفيف التهم وإظهار تصرفهم كنوع من “النية الحسنة”، لكن النيابة واجهتهم بأفعالهم التي يجرمها القانون والمتعلقة بالعنف والتشهير والتعدي الواضح على المرأة الضحية.
أما المتهم السابع، الذي واجه تهمة تتعلق بنشر خطاب الكراهية، فكان قد نشر على صفحته مقطع فيديو ينتقد فيه تعاطف الرأي العام مع الضحية، معتبرًا أن الأمر مرده فقط “كونها مهاجرة”، مركزا على ما سماه بـ”تدنيس المصحف”، وهو المقطع الذي أثار موجة غضب إضافية، واعتُبر في لغة القانون تحريضًا صريحًا يعمّق الكراهية ويحكم على الغير خارج الأطر القانونية.
النيابة من جهتها، طالبت بإنزال أقصى العقوبات على المتهمين، وحددت التماسها بخمس سنوات حبسا نافذا، مؤكدة أن ما وقع لا يمكن تبريره بأي دافع، بل يمثل جريمة مكتملة الأركان تجمع بين التشهير، والتحريض والإهانة، وتعدٍّ على الحريات الفردية وكرامة الإنسان.
وبعد المداولة، جاءت الأحكام كما سلف، بين الإدانة بالحبس النافذ والغرامات، لتكون الكلمة الأخيرة لجهاز العدالة الذي وضع حدا لظاهرة “المحاكمات الشعبية”، وتنتهي بذلك قضية المرأة المظلومة التي تعرضت للجلد بسوط الهوس والشعوذة الوهمية، وتظلّ هذه الحادثة دليلاً مريرًا على ضعف الثقافة القانونية لدى بعض فئات المجتمع، وعلى مدى خطورة الانسياق وراء الأحكام المتسرعة التي قد تحوّل الشك إلى ظلم، والجهل إلى أداة لاضطهاد الأبرياء.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post إدانة سبعة أشخاص بالحبس في قضية “السيدة المنقبة” appeared first on الشروق أونلاين.