إسدال الستار على فعاليات المهرجان الثقافي المحلي "سبيبا" بمدينة جانت:فرصة لتعزيز إدماج التراث الثقافي اللامادي في مسار التنمية المستدامة والسياحة الثقافية
أسدل الستار أول أمس عن فعاليات المهرجان الثقافي المحلي “سبيبا” المقام بمدينة جانت، والذي شهد تنظيم ورشات تكوينية، معارض، سهرات فنية، خرجات ميدانية وأيام دراسية، تسعى كلها إلى تعزيز إدماج التراث الثقافي اللامادي في مسار التنمية المستدامة والسياحة الثقافية. وقد احتضنت ساحة دوغيا، طقس “سبيبا” والذي يتزامن مع العاشر محرم من كل عام، حيث …

أسدل الستار أول أمس عن فعاليات المهرجان الثقافي المحلي “سبيبا” المقام بمدينة جانت، والذي شهد تنظيم ورشات تكوينية، معارض، سهرات فنية، خرجات ميدانية وأيام دراسية، تسعى كلها إلى تعزيز إدماج التراث الثقافي اللامادي في مسار التنمية المستدامة والسياحة الثقافية.
وقد احتضنت ساحة دوغيا، طقس “سبيبا” والذي يتزامن مع العاشر محرم من كل عام، حيث يمثل تراثا لامادي تتميز به مدينة جانت وهو عبارة عن منافسة في إبراز التراث من قصائد وأغاني ورقص ولباس تقليدي وحلي تقليدي وإيقاعات على آلة الڨنڨة بين قصر الميزان وقصر زلواز العريقين، وهو طقس مصنف ضمن قائمة التراث العالمي اللامادي من طرف منظمة “اليونسكو” سنة 2014 نظرا لأصالته وعراقته.
وتتحول واحة جانت إلى مسرح رمزي مفتوح على التاريخ والذاكرة، حيث تقام تظاهرة “سبيبا“، أحد أعمق الطقوس الثقافية التي تجسد عبورا جماعيا في الزمن، وتستعيد شواهد راسخة في وجدان سكان منطقة أزجر، ويستحضر لحظة استثنائية من الذاكرة الجماعية.
ويقال في أوساط المجتمع المحلي “كيلي تسيبيا“، أي “رقصة السيف“، في إشارة إلى ما يحمله هذا الشكل الفني من تعبير عن رمزية وأبعاد روحية ووطنية، ولهذا ارتبط اسم “سبيبا ” بشهر محرم واحتل فيه موقعا روحيا وثقافيا متميزا في فضاءات “كيل جانت“.
وتمثل “سبيبا” موعدا سنويا يحظى بأهمية بالغة ويجمع قصري الميزان وزلواز في عرض تراثي ثري يجمع بين القصائد، وقرع الطبول، والرقصات الرمزية، والأزياء التقليدية.
تنطلق الشرارة بكلمة “تنفار“، وتعني “تحرر“، فتشتعل ساحة أبتول بالحركة المنظمة والأداء الجماعي المعروف بـ“تيللين“، حيث تتداخل التراتيل بالخطى في مشهد يلامس الذاكرة.
ويمثل اللباس التقليدي “أغلاي ن تيكمسين” أحد أبرز رموز هذا الرقص الفني التراثي، ليس كثوب فحسب، بل كوثيقة ثقافية، تعكس الهوية والاعتداد بالذات، وتروي عبر خيوطها تاريخ أبناء أزجر.
في سياق آخر، أبرز محافظ المهرجان، ناصر بكار، أن تظاهرة هذا العام تميزت بطابع جديد ومشاركة واسعة من عدة ولايات، من بينها تيميمون وبشار وورقلة وعين صالح، إلى جانب مشاركة دولة ليبيا الشقيقة، ما يعكس الامتداد الثقافي والتاريخي المشترك بين شعوب المنطقة، ويبرز البعد المغاربي والإفريقي للحدث.
من جهته، أشار مدير الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للطاسيلي نازجر، حفاوي عبد القادر، إلى أن “سبيبا” ليست مجرد طقس احتفالي، بل هي تجسيد رمزي لتاريخ طويل من التعايش والسلم والانتماء وتمثل تلاقحا ثقافيا يجمع بين البعدين الإفريقي والأمازيغي والعربي في قلب منطقة الشمال الإفريقي.
صبرينة ك