التفجيرات النووية في الجزائر… الإرث الصامت المسموم للدولة الفرنسية

تعتبر التفجيرات النووية التي قامت بها فرنسا الاستعمارية في الصحراء الجزائرية في الفترة ما بين 1960 و1966 جرائما مستمرة ضد الإنسانية وإرثا صامتا مسموما تتحمّل الدولة الفرنسية مسؤوليته القانونية والأخلاقية، حسب ما جاء في فيلم وثائقي لمديرية الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع الوطني. وتطرق الفيلم الوثائقي، الذي حمل عنوان: “التجارب والتفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.. […] The post التفجيرات النووية في الجزائر… الإرث الصامت المسموم للدولة الفرنسية appeared first on الشروق أونلاين.

سبتمبر 22, 2025 - 20:36
 0
التفجيرات النووية في الجزائر… الإرث الصامت المسموم للدولة الفرنسية

تعتبر التفجيرات النووية التي قامت بها فرنسا الاستعمارية في الصحراء الجزائرية في الفترة ما بين 1960 و1966 جرائما مستمرة ضد الإنسانية وإرثا صامتا مسموما تتحمّل الدولة الفرنسية مسؤوليته القانونية والأخلاقية، حسب ما جاء في فيلم وثائقي لمديرية الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع الوطني.
وتطرق الفيلم الوثائقي، الذي حمل عنوان: “التجارب والتفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.. الإرث الصامت المسموم”، إلى تفاصيل تاريخية وقانونية وعلمية أوردها أساتذة ومختصون حول برنامج الاستعمار الفرنسي المتعلق بتجريب أسلحة الدمار الشامل، والذي جعل من الأرض الجزائرية مسرحا لتنفيذ عدة جرائم ضد الإنسانية.
وذكر بأن فرنسا تواصل وبتعنت صامت، التنكّر لجرائمها ضد الشعب الجزائري وترفض تقديم المعطيات التقنية والمخططات والوثائق الأرشيفية المتعلقة بمواقع دفن النفايات النووية والكميات الحقيقية للمواد الإشعاعية المنتشرة في عدة مناطق بالصحراء الجزائرية، وهو ما يقف عائقا أمام جهود الدولة الجزائرية في إعادة تأهيل هذه المواقع وحماية سكانها.
وفي هذا الصدد، قالت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، إن هذه التفجيرات تعد” جريمة مستمرة ضد الإنسانية وآثارها لا زالت باقية”، مؤكدة على أن الطرف الجزائري سيواصل “معركته القانونية وسيرافع من أجل هذه القضية وإيصالها إلى منظمة الأمم المتحدة باعتبار أن أركان الجريمة ثابتة”.
وعاد الوثائقي إلى السرد التاريخي لهذه التفجيرات التي استغلتها فرنسا الاستعمارية للحاق بركب القوى النووية العالمية، حيث أجرت العديد من التجارب العسكرية الملوثة والخطيرة في الصحراء الجزائرية، انطلقت من المركز الفرنسي متعدّد الأسلحة لاختبار العتاد الخاص بمنطقة حماقير، كما قامت بتجارب للأسلحة الكيماوية والبيولوجية بوادي الناموس وكذا بتجارب نووية برقان وعين أكر.
ووقف الوثائقي عند الحالة الخطيرة التي تركت عليها منطقتا رقان وعين أكر، اللتين تعرضتا لـ”57 تجربة نووية، شملت 17 تفجيرا نوويا و40 تجربة شديدة الخطورة والتلوث”.
وحسب الأستاذ في التاريخ، حسان مغدوري، فإن “فرنسا الاستعمارية لم تتوان في استغلال الجزائر كمختبر لكافة سياساتها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعسكرية، مرتكبة في سبيل ذلك العديد من الجرائم”.
وقد تم تنفيذ أول عملية تفجير نووي في رقان يوم 13 فيفري 1960 فيما يعرف بعملية “اليربوع الأزرق” التي لم تخضع لمنظومة القوانين الدولية ولم تراع فيها الشروط التقنية والصحية.
وفي هذا السياق، أكد الباحث في الفيزياء النووية، عمار منصوري، أنه “رغم رفض الدول النووية ومنظمة الأمم المتحدة للتفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر، إلا أن السلطات الاستعمارية قامت بجريمتها النووية المستمرة في الزمان والمكان، وكان وقع هذه الجريمة كبيرا نظرا لحجم القنبلة التي تم تفجيرها في رقان وبلغت قوتها 70 كيلوطن وهو رقم مرعب يفوق مجموع التفجيرات النووية التي نفذتها الدول النووية آنذاك”، مضيفا أن “26 دولة إفريقية تلوثت بفعل تفجيرات رقان وتعاني من آثارها إلى غاية اليوم”.
وإثر ذلك، قامت فرنسا بالتفجير النووي الثاني “اليربوع الأبيض” بنفس المنطقة في أفريل 1960، وبعده تفجير “اليربوع الأحمر” بمنطقة حمودية في 27 سبتمبر 1960.
وعقب ذلك، قامت فرنسا بتفجير نووي سطحي “اليربوع الأخضر” أجري بذات المنطقة في 25 أفريل 1961، كما شهدت المنطقة في الفترة ما بين 1961 و1963 إجراء 35 تجربة نووية، تم خلالها تجربة مواد إشعاعية بالغة الخطورة يدوم خطرها لمدة 24 ألف سنة، حسب المختصين.
ولمواجهة المخاطر الناتجة عن هذه التفجيرات، ذكّر الوثائقي بالتدابير والإجراءات الأمنية والتقنية والصحية التي اتخذتها الدولة الجزائرية، بهدف تأمين المناطق المشعة وإعادة تأهيلها جزئيا للحد من مخاطر التلوث الإشعاعي وحماية السكان، غير أن هذه المساعي تصطدم بمحاولة السلطات الفرنسية دفن إرثها المسموم في صمت.
وفي هذا الإطار، أوضح المختص في الفيزياء النووية، صغور عبد السلام، أن كل المناطق التي انتشرت فيها المواد المشعة الناتجة عن التفجيرات النووية تعتبر مناطق ملوثة إشعاعيا، وتعاني إلى غاية اليوم من “عواقب وخيمة للبيئة يزيد من تفاقمها النقص الكبير في المعلومات المتعلقة بالنفايات النووية وغير النووية التي دفنتها السلطات الاستعمارية من دون احترام لشروط السلامة أو توثيق دقيق لأماكن تواجدها”، مثلما أفاد به المختص في البيئة، أعراب كريم.
وبالرغم من كثرة التفجيرات النووية وآثارها الوخيمة، إلا أن البرنامج النووي الفرنسي في الصحراء الجزائرية كان “فاشلا بكل المعايير العلمية والتقنية”، مثلما أكد عليه الباحث، عمار منصوري.
ومن الجانب الصحي، تسببت هذه التفجيرات في ظهور أمراض خطيرة جدا تمتد لأجيال عديدة، ومن بينها -حسب عضو اللجنة الوطنية المكلفة بمكافحة الأمراض الناتجة عن الأسلحة النووية، شافي بلقاسم- “أمراض سرطانية وغير سرطانية وتشوهات خلقية وجينية واضطرابات في الغدد التناسلية أدت إلى انتشار حالات العقم بالمنطقة”.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post التفجيرات النووية في الجزائر… الإرث الصامت المسموم للدولة الفرنسية appeared first on الشروق أونلاين.