العدوان الصهيونيّ على إيران موعد مع التّاريخ فمن ينتهزه؟

المستجدّات الحربيّة بين إيران والكيان الغاصب هي غباء صهيونيّ ناجم عن وجدان الغطرسة الّذي يعوّض به هذا الكيان عن عُقَدِه.. والغطرسةُ بطبعها تُعمي البصائرَ وتفتح في التّاريخ الثّغرات وتسهّل استدراج المتغطرس الطّاغي إلى حتفه.. الكيان يحلّ الأزمة بالأزمة، فبعد مآلاته الكارثيّة في غزّة وانكشافه أمام العالم وأمام نفسه وافتقاد صوابه وتوازنه وافتقاده لأيّ بدائل قابلة […] The post العدوان الصهيونيّ على إيران موعد مع التّاريخ فمن ينتهزه؟ appeared first on الشروق أونلاين.

يونيو 16, 2025 - 16:40
 0
العدوان الصهيونيّ على إيران موعد مع التّاريخ فمن ينتهزه؟

المستجدّات الحربيّة بين إيران والكيان الغاصب هي غباء صهيونيّ ناجم عن وجدان الغطرسة الّذي يعوّض به هذا الكيان عن عُقَدِه.. والغطرسةُ بطبعها تُعمي البصائرَ وتفتح في التّاريخ الثّغرات وتسهّل استدراج المتغطرس الطّاغي إلى حتفه..
الكيان يحلّ الأزمة بالأزمة، فبعد مآلاته الكارثيّة في غزّة وانكشافه أمام العالم وأمام نفسه وافتقاد صوابه وتوازنه وافتقاده لأيّ بدائل قابلة للتّنفيذ على مقتضى ما يُريد، هاهو رئيسُ حكومتهم يريد تحقيق منجَز بحجم كبير ورمزيّة عالية(تحييد المنشآت النّوويّة الإيرانيّة وضعضعة بنية الدّولة) تُعفيه من المحاسبة والملاحقة والمحاسبة على كلّ ما كان تحت مستوى ذلك المنجَز ونعني كارثة السّابع من أكتوبر وما بعدها، أي أنّه يريد حجب صعيد بصعيد..
وهذا ليس منزَعا فرديّا لنتنياهو وإنّما له تقاطع مع إرادة غلاة الكيان الّذين يعيشون عقدة الوجود والمصير بصفة دائمة ويخطّطون من هذا المنطلق وعلى هذا الصّعيد.. وهم بالاستقراء ضمن مشمول استدراج التّاريخ الماكر لهم ومن قبلُ ومن بعدُ استدراج ربّ التّاريخ الحيّ القيّوم، والتّاريخ تُفهم سننُه في مقدّمات دوراته وفي مآلاتها، غير أنّ المقدّمات لا يفهمها ولا يتمثّلها إلّا النّابهون، وقليل ما هم، أمّا المآلات عند مواعيد الانحدار الأولى فتصبح أظهرَ وأبرزَ..
ومآلات عدوان هذا الكيان اليوم حاسمة قاطعة لأبعد حدّ، فهي إمّا اندثار كلّ مقاومة له والدّخول في إرادته وعصره وما يقتضي ذلك من تطبيع مع العدوان ومن مزيد محوِ العدوّ حتّى لبقيّة الجغرافيا السّياسيّة والسّكانيّة المحيطة به بما ذلك حكّام العرب العملاء الّذين بطبعهم أغبياء تحت خطّ الفكر وتحت خطّ السّياسة بما هي سنن تاريخ لا بما هي مجرّد تصريف شؤون مؤقّتة.. إمّا هذا المآل السّاكن عقل العدوّ الباطن وجهازه العصبيّ المنبثق من صلب العقيدة الصّهيونيّة وإمّا نقيض هذا تماما أي محو هذا الكيان وإلغاء العمل على كلّ موجبات ذلك ولا ثالث بين المآلين ولا توسّط، وهذا المآل، ويا لَلمفارقة، لم نفهمه في أوّل دورة تاريخ العدوان ومقدّمتها، وفق مقاييسنا ودرجة وعينا، بل أفهَمَه لنا العدوّ في آخر دورة التّاريخ وعند حافّته..أفهَمَه لنا العدوّ بالملموس المحسوس، فنحن لا ندرك الحقائق بدون مسّ وجسّ.. أفمَهَه لنا بالقتل والتّقتيل والتّوعّد بالمزيد واعتبار الجميع قتلى مع تأجيل بقيّة التّنفيذ وَعَرَضَ أمامنا خطّه الإجراميّ التّصاعديّ في بثّ حيّ يشمل حتّى ما نتوهّمه أبعد وأبعد.
يشمل أبعد الأبعاد في الجانب الإنسانيّ (مجاعة وتقتيل للرّضّع والّلائذين بالمساجد والمستشفيات والمدارس!!!) ويشمل المستبعد في الجغرفيا (إيران وربّما باكستان) ويشمل المستبعَد السّياسيّ بدَوْسِ العدوّ حتّى على عملائه إلى حدّ خلع مسامير عروشهم كما يفعل مع السّيسيّ الّذي عرّى كلّ سوءاته ولم يحفظ له حتّى القدرة على التّمويه وكلّفه عارا فوق ما يحتمل مألوفُ العمالة والخيانة!! وأعدّه ونظامه لمصير مأساويّ..
ولأنّ الأمر قد بلغ هذه الحدّية (إمّا أن نكون نحن وإمّا أن يكون هذا الكيان) ولأنّ الأمر تجاوز الفكر والسّياسة إلى الملموس المحسوس أي إلى قطع الشّرايين والرّؤوس وساديّة التّوجيع والتّجويع، ومادام قد امتدّ جهارا عيانا حتّى للمستبعَد وغير المتوقّع وشبه الخياليّ- وما العدوان على إيران وتمزيق كلّ العهود إلّا آخر دليل وبعده ألف دليل-..
لأنّ ذلك كذلك ولأنّ خيريّة هذه الأمّة مضمونة التّدارك عقديّا وشرعيّا وتاريخيّا وذلك عبر تيّارها الطّبيعيّ، ولاسيّما في مفترق (نكون أو لا نكون)، فإنّ التّاريخ يؤذن بمنعرجه وسننِ خواتم دورته واستبدال مسار الإدبار بالإقبال وهذا لا يعني ترقّب المهديّ المنتظر ولا عودة المسيح، فهذه مهزلة فكر وفقه عطّلت الأمّة قرونا كلّفتها فتنا ماحقات، بل يعني أنّ التّاريخ ينتظر أهلَه ورجالَه من المكلّفين ممّن جاور الحكّام ويخالفهم وقد يقدر على إحداث المنعرج أو بدايته بمخالفتهم.
وينتظر أيضا الجماعات منزوعة الشّوكة الّتي أعيت نفسها والأمّة بسباتها العميق وظنّها وجعجعتها أنّها المخلّص الوحيد.. ينتظرها بمراجعات راشدة مسؤولة تعلّمها التّواضع للأمّة وأنّ السّياسة جدوى ونجاعة.
وينتظر مبادرات عبقريّة مشتقّة من تيّار الأمّة الطّبيعيّ تتعاطى السّياسة بعقليّة رجال الدّولة وبرؤًى إستراتيجية لا بالدّروشة والعنتريات.
هذا هو السياق الطّبيعيّ للعدوان الصّهيونيّ على إيران وما يلزمه من وعي مبدئيّ ووعي تاريخيّ، أمّا محاسبة إيران عن انحرافاتها السّياسيّة ولاسيّما تحالفها المخزي مع نظام الطّغيان والجبروت في سوريا فهو الآن غير ذي جدوى، فما بالك إذا كان الأمر في شكل شماتة ورغبة في الانتقام وعَمًى عن جوهر سنن التّاريخ.
فالسّياسة الرّاشدة لا تكون بأن تفعل كلّ شيء وتقول كلّ شيء في نفس الوقت بل جوهر السّياسة هو تقدير السّياق وتقديم الإستراتيجيّ على التّكتيكيّ…شدّوا الأحزمة، فالطّوفان صار رأي العين.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post العدوان الصهيونيّ على إيران موعد مع التّاريخ فمن ينتهزه؟ appeared first on الشروق أونلاين.