المهام والمسؤوليات بين واجب أداء الأمانات ومواجهة التحديات

الشيخ محمد مكركب أبران نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/ بحكم الدور التربوي، والدعوي، والإصلاحي، لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، يكون من واجبنا ونحن مقبلون على الدخول الاجتماعي، لعام:(2025م /2026م) أن نبين تذكيرا بالمهام والمسؤوليات المنتظرة من كل علماء الأمة، وولاة الأمور، وكل مواطن يحمل حب الوطن، والإحساس بأمانة الشهداء، أن نستعد كل الاستعداد، وأن نعد …

سبتمبر 22, 2025 - 12:28
 0
المهام والمسؤوليات بين واجب أداء الأمانات ومواجهة التحديات

الشيخ محمد مكركب أبران
نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

بحكم الدور التربوي، والدعوي، والإصلاحي، لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، يكون من واجبنا ونحن مقبلون على الدخول الاجتماعي، لعام:(2025م /2026م) أن نبين تذكيرا بالمهام والمسؤوليات المنتظرة من كل علماء الأمة، وولاة الأمور، وكل مواطن يحمل حب الوطن، والإحساس بأمانة الشهداء، أن نستعد كل الاستعداد، وأن نعد ما يجب من الإعداد، لدخول اجتماعي ناجح، رغم التحديات، التي لاتؤثر إن شاء الله تعالى على مبادئ ومواقف الجزائر،

في التصدي للعدوان المسلط على فلسطين، والسعي لفك الحصار عن غزة، والرد الحكيم على الاعتداءات المشوشة على العلاقات الدولية، والاستفزازات العدوانية، السياسة والعسكرية، من قبل أعداء الإنسانية. أولا واجب التعاون والتكامل، بين كل مرافق ومؤسسات الدولة، مع اليقظة والثبات في أداء الأمانات. عملا بقول الله تعالى:
﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء:58] فبمثل ما يُحب ويرجو كل واحد منا أن يجد في جزائرنا الحبيبة ما يرغب فيه وما يُسعده، فكذلك يكون على كل واحد منا يحمل نفس الاهتمام بما يجب من المهام والتكاليف المتعلقة بكل واحد منا في موقعه ومنصبه ومسؤوليته ليحقق الخير للوطن وأهله. عملا بالحديث: [كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ] وإن كان واجب أداء الأمانات عملا مستمرا ودائما، لأن الدوام على العمل والإعداد من مقتضيات العبودية لله تعالى، إلا أن جرس الدخول الاجتماعي له ميزة استعدادية خاصة، تجعل الجميع يتجند كخلية النحل ليواصل النمو الاقتصادي نموه، ولتستمر المشاريع القاعدية في سيرها نحو الإنجاز، ولتستعد الإدارة وهي الدماغ المجتمعي الذي إن صلح تكاملت الأدوار وتحقق الازدهار، وأشرقت الأنوار على جزائر المليون ونصف المليون من الشهداء. فندعو أنفسنا لاستقبال أبنائنا وبناتنا من التلاميذ والتلميذات، والطلبة والطالبات، الذين ينبغي أن يُستقبلوا بالطريقة والإمكانات، التي تعينهم وتشجعهم، وتبعث في نفوسهم الأمل، وتدفعهم بالحكمة والرفق إلى ما يجب من العمل، وعملهم هو طلب العلم في ظروف نفسية مواتية، وظروف مادية محققة للفاعلية والقابلية والإقبال، والاهتمام بالتلاميذ والطلبة، يتمثل في إعداد ما يجب لهم من المرافق، والكتب، ووسائل النقل، وما أدراكم ما وسائل النقل، لتلاميذ الابتدائي والإكمالي بالخصوص، في القرى والأرياف، والضواحي البعيدة.
إن تلاميذ القرى والأرياف يحسن، بل من الواجب رعايتهم، بأحد الأمرين: إما المدارس الداخلية، وهي الأنسب والأصوب في نظرنا. وإما النّقل الرسمي المنظم المرتب، الذي يضمن لكل متمدرس أن يجد مقعدا في الحافلة التي تنقله من البيت إلى المدرسة ومن المدرسة إلى البيت، دون ضياع وقت في انتظار، ولا إرهاق ولا إعسار. ثم إن الاهتمام بالتلاميذ والطلبة يقتضي منا الاهتمام بالمعلمين والأساتذة، وتوفير ما يحقق لهم الضروريات والحاجيات والتحسينات، ليؤدوا دورهم التربوي والتعليمي، بالصفة المطلوبة علما وثقافة وشرعا، فكما يقال للمعلم إن كل تلميذ وطالب سيسأل المعلم عن حقه في التَّعَلُّمِ، فكذلك يكون الاهتمام بالمعلم، وتوفير ما يسهل له أداء رسالته التعليمية في راحة ويُسر. ولنعلم أن حاجة وراحة المعلم في وجود وسائل الحياة المدنية بما يناسب الحياة المعاصرة، من حيث المقتضيات المدنية التي هي مبتغى كل واحد من أبناء الوطن، وإذن فهذه مسؤولية الجميع، كي لا تضيع الأمانة المجتمعية المتمثلة في توفير الضروريات المدنية الممكنة، وسَيُسْأَلُ من يضيع الأمانة. وقد يكون السؤال يوم القيامة عن كل أمانة، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أدى الأمانة كاملة، تامة إلى أهلها، وأهل أمانة التعليم هم التلاميذ والطلبة، والأمة كلها. فما من أحد من الناس إلا سيكلمه الله عز وجل، يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، وينظر العبد عن يمينه، فلا يرى إلا ما قدمه في دنياه، ثم ينظر عن شماله، فلا يرى إلا الشيء الذي قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه، فتستقبله النار. والوقاية من النار أداء الأمانات إلى أهلها والإنصاف بالقسط في كل المعاملات.
والدخول الاجتماعي ليس التعليم فقط، وإن كانت التربية هي حجر الزاوية، في بناء المجتمع، والدولة، وضمان مستقبل الأمة، من تهيئة المدارس والثانويات والمعاهد والكليات، وإعداد المعلمين والمعلمات، والتوجيه لهذا الأمر لا يكون عند أبواب الدخول الاجتماعي والمدرسي، فالوصية بالإعداد مستمرة على مدى السنة والسنين، والمثل العربي يقول: (العَلَفُ عند الغارة لا يفيد واجترار التقاليد لا يبدئ ولا يعيد) ولكن جرس الدخول الاجتماعي يتطلب منا التَّذَكُّرَ، والتذكير، بما يجب من استعداد الهيئات المسؤولة عن التخطيط والبرمجة وضبط الخريطة الاجتماعية، التي تمكن كل المصالح الإدارية من تنفيذ وإنجاز المطلوب، بالقدر المحسوب، للمقصد المرغوب.
ونحن نتهيأ للدخول الاجتماعي، لا ننسى إخواننا المحاصرين في غزة، وكل المغبونين في فلسطين، وفي العالم الإسلامي، فالمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، ولا نقول، غزة المحاصرة فقط، فقد كان المصلحون يقولون: تحرير المشرق العربي من الهيمنة اليهودية وصانعيها، ثم صار من جاء بعدهم يقولون: الشام وما أدراكم ما الشام. ثم جاء من يقولون: فلسطين، فلسطين. ثم جاء من يقول: غزة، غزة، ونخشى أن يأتي زمان يقولون، أولا يقولون!! إن الحصار العسكري والاقتصادي المضروب على غزة لا ينبغي أن يدوم، والمعنيون ساكتون!! ثم إن الحصار المعنوي مضروب على كثير من الأنظمة الْمُطَبِّعَة. وبهذه المناسبة نرفع النداء إلى كل مسلم يشعر بحقيقة الأخوة الإيمانية، ووحدة الأمة الإسلامية، إلى كل مسلم رحيم، رقيق القلب، صاحي الضمير، يحمل هم وصية الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وأمانة عهدة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، نقول للجميع: إن الجهاد بما يقتضيه الحال، من أجل تحرير فلسطين كل فلسطين، ومن أجل الدفاع عن السيادة والكرامة للأمة الإسلامية، هو فرض واجب على كل العلماء، والأمراء، وكل من يستطيع القيام بما يرضي الله سبحانه عز وجل، بقدر المستطاع، يقال للجميع: لا ينبغي ولا يليق أن يظل أهل فلسطين يعانون الحصار الخانق، وما وراء الحصار من الجوع والعري والمرض والموت. فأين الضمير الإنساني؟ وأين حقوق الإنسان؟
وبهذه المناسبة ـ مناسبة الدخول الاجتماعي ـ تُوَجَّهُ النصيحةُ لكل العاملين المصلحين في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، في المكاتب البلدية والولائية عبر الوطن، وهذا شعور مني كواحد من أعضاء هذه الجمعية، أن أقول لإخواني: إننا في الجمعية يجب أن نهتم نحن أولا قبل غيرنا، بالواجب الوطني كل في موقعه ومهامه ومنصبه، بالتلاحم والتراحم والتكامل والتعاون، في إطار القانون والحكمة، على أن يكون القيام بواجبنا نحو وطننا بالسعي الحكيم، وفق أهداف وقانون الجمعية، ومن ثم نحو خدمة جزائرنا الحبيبة، بالتعاون مع كل المرافق والمؤسسات الوطنية، ومع كل الشرائح والأطياف الوطنية، بما يجمع الكلمة ويوحد الصفوف، على أن تجتمع كلمتنا في إطار أهداف الجمعية العلمائية المباركة، الجمعية الجامعة الضامنة لوحدة الأمة الجزائرية. ثم وإن كان عملنا في الجمعية من النوافل تطوعا وتبرعا، ومبادرة هادفة وهادية، كصدقة صادقة لخدمة الجزائر، ومن وراء خدمة الجزائر خدمة الأمة الإسلامية والإنسانية، فإن الذي نذكر به هو: أن من تعاهد على أن يقوم بعمل تطوعي، أصبح فرضا واجبا عليه، بتعاهده وتعاقده، ومن هذا المقتضى فإن العاملين في الجمعية شرفهم الله سبحانه بمقام الجهاد العلمي، بالتربية والتعليم، والنصح والإرشاد، وخدمة الوطن والأمة من خلال النوادي التربوية، والتعاون على إقامة الندوات والملتقيات والمحاضرات، وكل ما يمليه الواجب الدعوي الإصلاحي، مما لايخرج عن هدف الجمعية، وعلينا أن يكون كل واحد منا في مستوى المقام الذي جعله الله فيه، ليشرف الجزائر من خلال تشريف العلم والعلماء. وكل هذا يدعونا أيها الأحباب الكرام، لأن نتحمل مسؤولية بذل الجهد أكثر بالتنسيق الدقيق، والتطاوع الرفيق، والتكامل الحقيق. فإن التزامنا في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، إذا كان قائما على الإخلاص والصدق وهو الواجب والمطلوب، فإن مقامنا في هذا هو مقام حماة المرجعية الفكرية الإصلاحية، فلنكن كذلك حقا. ومنه فمقتضى هذا النداء الأخوي الخاص تذكير بهذا الواجب التعاوني، الشرعي، الوطني، والإنساني، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن عنوان هذه الكلمة وهو: {المهام والمسؤوليات، بين واجب أداء الأمانات ومواجهة التحديات} فإننا نعلم أن في الطريق تحديات، وعقبات، وهذا من سنن الحياة التي لا تخلو من الابتلاءات، فإننا سنتغلب على ذلك بالتوكل على الله عز وجل، وبذل الجهد في الإعداد، والصبر، ثم الصبر. ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة:24] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ….﴾[الفرقان:20].والدعاء لولاة أمورنا، وإطارات دولتنا، ولكل إخواننا بالتوفيق والنجاح في كل المشاريع التي تزيدنا تقدما، في الإصلاح والبناء والإعلاء.
والحمد لله رب العالمين.