بروكسل تدعّم نفوذ إيطاليا في إفريقيا لملء الفراغ الذي تركته فرنسا
نجحت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، في دفع الاتحاد الأوروبي لدعم جهود روما، الرامية إلى اقتحام إفريقيا عبر خطة “ماتيي”، التي بدأت من الجزائر وشملت العديد من القطاعات الحسّاسة، على غرار الطاقة والبنية التحتية والنقل والدفاع والفضاء، وهي الخطة التي تزامنت وتراجع النفوذ الفرنسي في معقله السابق بالقارة السمراء. وترأست رئيسة الوزراء الإيطالية قمة حضرتها […] The post بروكسل تدعّم نفوذ إيطاليا في إفريقيا لملء الفراغ الذي تركته فرنسا appeared first on الشروق أونلاين.


نجحت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، في دفع الاتحاد الأوروبي لدعم جهود روما، الرامية إلى اقتحام إفريقيا عبر خطة “ماتيي”، التي بدأت من الجزائر وشملت العديد من القطاعات الحسّاسة، على غرار الطاقة والبنية التحتية والنقل والدفاع والفضاء، وهي الخطة التي تزامنت وتراجع النفوذ الفرنسي في معقله السابق بالقارة السمراء.
وترأست رئيسة الوزراء الإيطالية قمة حضرتها رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، تمحورت حول “خطة ماتيي”، وهو مشروع ذو أبعاد اقتصادية ولكنه يتفرّع ليشمل أبعادا أخرى، من بينها محاربة الهجرة، حيث ترى روما أن الحل لهذه المشكلة يكمن في إقامة مشاريع اقتصادية مدرة للثروة ومناصب الشغل بدول جنوب المتوسط للحد من الهجرة، وهي مقاربة معاكسة تماما للمقاربة الفرنسية، التي تقوم على تكريس تبعية بلدان الجنوب وسرقة ثرواتها بمبررات واعتبارات موروثة من الحقبة الاستعمارية البائدة.
وفي نظر الأوروبيين، فإن المقاربة الفرنسية في التعاطي مع دول الجنوب القائمة على الوصاية والسيطرة، جلبت للقارة العجوز الكثير من المشاكل، ومن بينها مشكل الهجرة، وقد أدت هذه السياسة إلى خسارة باريس لمعاقلها في القارة السمراء، في الجزائر ومنطقة الساحل ودول ما وراء الصحراء الكبرى، وهو ما أفقد الاتحاد الأوروبي نفوذا قديما، تحاول بروكسل اليوم استعادته من خلال “خطة ماتيي” الإيطالية، التي وجدت ترحيبا في العديد من الدول الإفريقية والجزائر واحدة منها.
وتقوم “خطة ماتيي” على حشد 5.5 مليار يورو لمبادرات موزّعة على 14 دولة، في شكل منح أو قروض أو ضمانات على مدى عدة سنوات، فضلا عن مشاريع شراكة قوية في مجال الطاقة، كما هو حاصل بين “سوناطراك” الجزائرية و”إيني” الإيطالية، فضلا عن مشاريع أخرى في مجال الفلاحة بالجنوب الجزائري، كما هو معلوم.
وفي هذا الصدد، يرى جيوفاني كاربوني، الأستاذ في جامعة ميلانو ورئيس برنامج إفريقيا في معهد الدراسات السياسية الدولية، أنه يمكن لإيطاليا من الناحية الدبلوماسية أن تقدّم نفسها كجهة أكثر “قبولا” مقارنة بفرنسا لتمثيل المصالح الأوروبية، خصوصا في دول الساحل التي “أغلقت أبوابها” أمام القوة الاستعمارية السابقة، فيما قالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، لوكالة الصحافة الفرنسية “فرانس براس”، إن “خطة ماتيي تشكّل مساهمة مهمة لهذا المشروع الأوروبي، الذي يضم تمويلات تصل قيمتها إلى 150 مليار يورو”.
ومن جهته، قال الدبلوماسي السابق والخبير في الشؤون الإفريقية، نور الدين جودي، في تصريحات لـ”الشروق”، إن العلاقات التاريخية بين الجزائر وإيطاليا القائمة على الثقة، والتي أرساها الراحل الطيب بولحروف، ستساعد على إنجاح “خطة ماتيي”، كما أن محور الجزائر- روما، الذي تعزّز بحرص من الرئيس، عبد المجيد تبون، ستجعل من الجزائر بوابة إيطاليا نحو قلب القارة السمراء، حيث تخسر باريس المزيد من نفوذها المتآكل.
ومن بين النقاط التي ستساعد على الدفع بهذه الخطة أيضا، يقول نور الدين جودي، هي المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية لإيطاليا، والتي تستبعد من قاموسها اعتبارات الوصاية والنفوذ، كما هو الحال بالنسبة للسياسة الخارجية لفرنسا، التي باتت مكشوفة اليوم أكثر من أي وقت مضى في القارة السمراء.
واستند في هذا السياق، إلى الدور الذي لعبه مهندس علاقة إيطاليا بدول العالم الثالث، ومنها الجزائر، أنريكو ماتيي، الذي سلّم ملفات على قدر كبير من الأهمية لحكومة الجزائر المؤقتة، عندما كانت في مفاوضات شاقة مع السلطات الفرنسية من أجل الاستقلال، حيث كانت باريس تريد فصل الشمال الجزائري عن جنوبه الغني بالثروات النفطية، ومن ثمّ، الاحتفاظ به كمقاطعة فرنسية، غير أن الوثائق التي سلّمها ماتيي للحكومة المؤقتة كانت كفيلة بإنهاء المؤامرة الفرنسية.
ويعتبر التعاون الطاقوي بين الجزائر وروما، حسب الدبلوماسي المتقاعد، ثمرة من ثمار جهود ماتيي التاريخية ومخطط الحكومة الإيطالية الحالية برئاسة جورجيا ميلوني، التي تحرص على الحفاظ على ذلك الإرث الثقيل، الذي تجني بفضله اليوم الكثير من الفائدة، وقد تحوّلت إلى موزع حصري للغاز الجزائري إلى قلب أوروبا.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post بروكسل تدعّم نفوذ إيطاليا في إفريقيا لملء الفراغ الذي تركته فرنسا appeared first on الشروق أونلاين.