تأخر المسلمون كثيرا..!
أ. عيسى جرادي/ أولئك الذين يُفترض – بل ويجب – أن يتصدروا العالم ويأخذوا بزمامه .. وأعني بهم العرب والمسلمين .. ولأكثر من اعتبار ديني ودنيوي معا .. نراهم يتذيلون القافلة بامتياز .. لا يحملون أنفسهم على الحركة ولولمتر واحد .. ولا يبدون أية رغبة في نقل خطواتهم إلى الأمام .. وأسوأ من ذلك أن …

أ. عيسى جرادي/
أولئك الذين يُفترض – بل ويجب – أن يتصدروا العالم ويأخذوا بزمامه .. وأعني بهم العرب والمسلمين .. ولأكثر من اعتبار ديني ودنيوي معا .. نراهم يتذيلون القافلة بامتياز .. لا يحملون أنفسهم على الحركة ولولمتر واحد .. ولا يبدون أية رغبة في نقل خطواتهم إلى الأمام .. وأسوأ من ذلك أن يجمدوا عند هذا الحد .. فلا يرون بأسا من التشبث بهذه الرتبة المتخلفة .. وربما شغلوا أنفسهم بما يبقيهم أسرى هذا المكان المتأخر لقرون قادمة.
المسافة الفاصلة بينهم وبين غيرهم تتسع وتمتد أكثر فأكثر .. والفارق يزداد كما وكيفا .. والمتسابقون شرقا وغربا يتنافسون على الريادة.. ويتزاحمون في مضمار يخلومنهم .. ومع ذلك لا أحد منهم يبدي أي رد فعل إزاء تخلفه عن القافلة .. وكأن من قدرهم أن يكتفوا بما هم عليه .. وليس عليهم أن يجهدوا أنفسهم .. عالقين في حالة من الوهم والخدر.
يمكن أن تستكشف أي ميدان فلا تسمع لهم ركزا .. تغيب أسماؤهم فلا يتقدم أحد منهم لتسلم جائزة .. تعلن تفوقه علميا أوثقافيا .. يحلق العالم بعيدا ويطأ بأجهزته تخوما غير مسبوقة في الأرض والفضاء .. فلا تعلم أن أحدا منهم كان له حظ في ذلك .. وكأنهم – كما عبر العربي قديما – قد رضوا من الغنيمة بالإياب .. ومن الحياة بالبقاء على قيد الحياة !
في الذكاء الاصطناعي الذي يهيمن على حياة البشر .. ويحقق اختراقات مذهلة .. ليس لهم فيه شيء .. حتى منصات التواصل الاجتماعي مجبرون على الولوج إليها بضوابط يحددها خصومهم .. فتخلومن الإشارة إلى قضاياهم الكبيرة على غرار مأساة غزة – على سبيل المثال .
لا يصنعون سلاحهم .. ويكتفون بتكديس ما تنتجه مصانع أمريكا وأوربا والصين وروسيا .. يفعلون ذلك بنهم شديد وكأنهم سيشنون حربا شعواء على الكوكب كله .. وأقدر أنه لوقدر لحرب عالمية ثالثة أن تنشب .. فسيكونون ضحيتها المتميزة ووقودها الأشد اشتعالا .. فهم لا يملكون ما يرد العدوان عنهم .. وما في مخازنهم من طيارات ودبابات وصواريخ .. هي من الطرز العتيقة التي تجاوزها غيرهم إلى ما هوأحدث وأفتك .
في الطب أيضا .. فمريضهم ينقل للخارج .. ودواؤهم يستورد من مخابر أجنبية .. ولولا ما أنتجت مخابر الغرب والشرق من لقاح مضاد لكوورنا لفتك بهم الفيروس .. وربما أبادهم أوأعادهم قرونا إلى الخلف .
في مواجهة تغير المناخ .. لا يبدون أية انشغال بهذا التحدي الوجودي .. وكأنهم غير معنيين به أوإنهم يتهيؤون للانتقال إلى كوكب آخر .. رغم أنهم من أشد المتضررين بتداعياته .. فلا مبادرات ولا أفكار جادة ولا سياسات تخطط لتوقي ما هوأسوأ .. إلى جانب أنهم لا ينتجون غذاءهم إلا في أضيق نطاق .. ولوقدر لجائحة أخرى أن تجتاح العالم .. فربما تضوروا جوعا وعصفت بهم المجاعة .
في الابتكار وبراءات الاختراع .. تتجاوزهم إسرائيل مجتمعين .. وهذا الكيان البذيء ينفق من ميزانيته السنوية على البحث العلمي ما يتفوق به على العرب كلهم .. وبهذا التفوق صنع ستار ردع بينه وبين خصومه المحتملين.
في التربية كذلك .. فأنماط التعليم متخلفة ولغة الكم طاغية على الكيف .. وأجود المادة الرمادية لديهم تجد طريقها إلى أوروبا وأمريكا .. وكأن من قدرهم أن يطردوا أفضل ما لديهم ليحتفظوا بما هوأقل قيمة وجودة .. وربما بما هوأرخص وأسوأ .
هكذا نكتشف من خلال عملية مسح بسيطة وسريعة .. كم تأخر العرب والمسلمون وبفارق سنوات ضوئية عن منافسيهم وأعدائهم على السواء .. مع ما يملكون من قدرات وثروات تمكنهم من التصدر .. لكنهم وعلى خلاف ما يمليه المنطق والتحديات يتأرجحون في النطاق غير الصالح للعيش بكفاءة وكرامة .