سليمان ناصر: ماهي أسباب تأخير تنفيذ رفع قيمة منحة السفر

لا يزال قرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، برفع منحة السفر من ما يعادل 15 ألف دينار (نحو 100 يورو) إلى 750 يورو للكبار و300 يورو للقصر، مع برمجتها ضمن قانون المالية لسنة 2020، حبيس الوثائق، في ظل غياب أي مرسوم تطبيقي أو توجيهات عملية من قبل بنك الجزائر، الذي لم يصدر حتى اليوم أي […] The post سليمان ناصر: ماهي أسباب تأخير تنفيذ رفع قيمة منحة السفر appeared first on الجزائر الجديدة.

مايو 21, 2025 - 13:46
 0
سليمان ناصر: ماهي أسباب تأخير تنفيذ رفع قيمة منحة السفر

لا يزال قرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، برفع منحة السفر من ما يعادل 15 ألف دينار (نحو 100 يورو) إلى 750 يورو للكبار و300 يورو للقصر، مع برمجتها ضمن قانون المالية لسنة 2020، حبيس الوثائق، في ظل غياب أي مرسوم تطبيقي أو توجيهات عملية من قبل بنك الجزائر، الذي لم يصدر حتى اليوم أي مذكرة توضح شروط صرف المنحة، أو الجدول الزمني لدخولها حيز التنفيذ، رغم الشروع في فتح مكاتب للصرف ببعض الموانئ والمطارات، فبعد مرور أكثر من خمسة أشهر على إعلان رئيس الجمهورية  عن رفع قيمة صرف السفر السياحية إلى 750 يورو، إلا أن هذا القرار لا يزال معلقًا، في ظل غياب أي توضيحات رسمية بشأن شروط تطبيقه.

وفي هذا الصدد، قدم الخبير الاقتصادي، سليمان ناصر، في منشور عبر صفحته  الرسمية على منصة ” فايس بوك ” الأسباب التي تقف وراء هذا التأخير، قائلا: “لقد أمر الرئيس برفع منحة السفر إلى 750 أورو في مجلس الوزراء بتاريخ 8 ديسمبر 2024، ولكن القرار لم يتجسد لحد الآن بعد مرور أكثر من خمسة أشهر، وفي 20 فيفري 2025 سُئل وزير المالية في البرلمان عن هذه القضية، فقال بأن العملية ستبدأ قبل نهاية شهر رمضان أو بعد عيد الفطر المبارك، ولم يتم ذلك. ونحن على أبواب العطلة وموسم الاصطياف، لماذا ؟ “

ويتابع مجيبا، “الجواب بسيط: لأن الأمر معقد ولكننا نضع له حلولاً مؤقتة، لا تعالج المشكل من جذوره، مثلما نفعل للأسف مع الكثير من القضايا الأخرى”.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن الإجراء جيد ويوفر للمواطن الحد الأدنى المقبول من احتياجاته عند السفر إلى خارج الوطن، لكن لا تزال الكثير من المخاوف مرتبطة به، فهذه المنحة “رغم رفعها” تبقى غير كافية لقضاء الكثير من احتياجات المواطن خارج البلاد، من علاج أو تعليم أو حتى سياحة.

في السياق ذاته، اعتبر سليمان ناصر، أن الأمر سيدفع بالمواطن للجوء إلى تدبر الباقي من السوق السوداء، مما يعني في النهاية بقاء هذه السوق وعدم زوالها تماماً، وتبعاً لذلك ـ يضيف الخبير ـ يبقى التخوف الكبير لدى المسؤولين هو الـ “بزنسة” بهذه المنحة فمهما وضعوا لها من حلول صارمة عند الاستفادة منها وذلك بسبب بقاء السوق السوداء والفارق المربح بينها وبين البنك من جهة، ومحدودية مبالغ الصرف من البنوك من جهة أخرى، هذا كله فضلاً عن الضغط الكبير الذي ستشكله العملية على احتياطي الصرف، في بلد يعاني من أحادية مصدر العملة الصعبة وعدم تنوع هذه المصادر لحد الآن مثل بقية الدول.

ودعا الخبير الاقتصادي السلطات المعنية إلى ضرورة الإسراع في فتح مكاتب الصرف، وهذا يتطلب الإسراع في تحرير سوق الصرف ، وأردف، قائلا: ” ولمن يتخوف من ذلك نقول له بأن ذلك سيحدث الآن أو غداً لأننا لا نعيش بمعزل عن العالم، فلماذا تضييع الوقت ؟ ولماذا اللجوء إلى الحلول المؤقتة ؟ صحيح أن الأمر يتطلب التدريج في التطبيق ولكن المهم أن نبدأ”.

وتابع سليمان ناصر مجيبا على من يسأل عن مصادر العملة الصعبة بالنسبة لمكاتب الصرف، أجاب مؤكدا: “نقول له بأنها نفس مصادر السوق السوداء للعملة حالياً، فتجار الـ “سكوار” أو غيره يستطيعون أن يوفروا لك مليون أورو إذا أردت وفي لحظات، فهل سألهم أحد عن المصدر ؟ فقط المطلوب منا تقنين وتنظيم ما هو واقع، تماماً مثلما نحاول الآن تقنين تجارة (الكابة) والتي نشأت أساساً بسبب الغلق وندرة بعض المواد في السوق”.

واعتبر الخبير عبر منشوره  أن سرطان السوق الموازية للعملة في بلادنا، والذي ضيّع على البلاد مورداً هاماً وسهلاً للعملة الصعبة وبينما البلاد تبحث عن كل دولار خارج المحروقات، وهذا المورد الهام هو تحويلات المهاجرين، والتي لم تتجاوز 1.8 مليار دولار حسب تقارير البنك الدولي، مقابل 9 مليار دولار للجارة الغربية، و2 مليار دولار للجارة الشرقية.

واستدل سليمان ناصر بالتجربة المصرية مؤكدا أنها وصلت إلى 32.5 مليار دولار سنوياً في سنوات ماضية، وبسبب عودة السوق السوداء إلى هذا البلد انخفض المبلغ إلى حوالي 19 مليار دولار، ولأن السوق السوداء سواء في مصر أو الجزائر توفر فارقاً مربحاً بالنسبة للمهاجر، مع العلم أيضاً أن عدد المهاجرين الجزائريين في الخارج يفوق 7 ملايين شخص، 5 ملايين في فرنسا لوحدها، و2 مليون بين بقية أوروبا وكندا وأمريكا والخليج، وهؤلاء يمكن أن يجلبوا للجزائر ما يفوق 10 مليار دولار سنوياً بشرط القضاء على السوق السوداء للعملة.

ختم المتحدث كلامه بالدعوة إلى إيجاد ناجعة بعيدا عن سياسة الغلق لا تؤدي سوى إلى المزيد من الأزمات، وإلى ضياع المزيد من الفرص على الاقتصاد الوطني، وحلول هذه الأزمات لا يكون سوى بشيئين: المزيد من التحرير للاقتصاد الوطني، والابتعاد عن الحلول المؤقتة.

من جانبه، صرّح الخبير الاقتصادي المدير العام لشركة الدراسات الاقتصادية وتنمية الاستثمارات (SEEDI)، حمزة بوغادي، خلال استضافته، أول أمس، في برنامج “ضيف الصباح” عبر القناة الأولى للإذاعة الوطنية، أن المشكلة لا تكمن في غياب الإرادة السياسية، بل في “بطء الإدارة وتقصيرها في مواكبة قرارات الرئيس”.

وأشاد بوغادي بـ”الاستجابة السريعة” لرئيس الجمهورية تجاه المطالب الاجتماعية، مؤكدًا أن “رئيس الدولة وفّر كل الظروف الملائمة للمسؤولين المعنيين لتطبيق التعليمات، بما في ذلك الحماية الإدارية والقانونية”، لكنه تساءل بوضوح: “لماذا هذا البطء في تنفيذ قرارات الرئيس؟”، مضيفًا أن مرور خمسة أشهر دون تنفيذ يعدّ إشارة سلبية على ضعف تفاعل الجهاز التنفيذي مع البرامج الرئاسية.

وفي 6 فيفري 2025 أوضح النائب عضو لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية، عبد الوهاب يعقوبي، أن هذه الزيادة تمثل محاولة لضبط سوق الصرف وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، من خلال إدماج جزء من التدفقات غير الرسمية في النظام المصرفي، لكنه أشار إلى أن نجاح هذا الإجراء يستلزم وضع آلية صارمة لتفادي التلاعب والغش، وهو ما قد يعقد الإجراءات ويحد من فعاليتها، خاصة في ظل التعقيدات الإدارية التي قد تعيق تحقيق الهدف المنشود.

كما أضاف يعقوبي على صفحته الرسمية “فيس بوك” أن الكلفة السنوية لهذه الزيادة، المقدرة بين 5 و7 مليارات دولار، ستفرض ضغوطاً كبيرة على احتياطي العملة الصعبة، مما يثير تساؤلات حول استدامتها على المدى الطويل، مؤكدا في اسلياق ذاته أن أي معالجة مستدامة لسوق العملات في الجزائر يجب أن تشمل إصلاحاً أعمق، يقوم على سياسة صرف أكثر اتساقاً وتدخلاً حكومياً مدروساً لإنشاء سعر صرف يعكس القيمة الحقيقية للدينار. بهدف القضاء على التفاوت بين السعر الرسمي والسوق الموازي.

كما شدد يعقوبي على أن اعتماد سياسة اقتصادية تستلهم المقاربة الكينيزية، من خلال تبني سياسة صرف أكثر مرونة وتنظيم أفضل لسوق العملات، قد يساعد في التوفيق تدريجياً بين العرض والطلب من العملات في القطاع الرسمي، ومع ذلك، حذر من أن غياب تعديل هيكلي شامل في سوق الصرف قد يجعل هذه الإجراءات مجرد حل مؤقت دون تأثير دائم على استقرار الاقتصاد الوطني.

وختم يعقوبي بأن إنهاء هيمنة التبادلات غير الرسمية، المعروفة بـ”بنك السكوار”. لن يكون ممكناً إلا من خلال تعزيز دمج العملات الأجنبية في النظام المصرفي الرسمي وتبني سياسة اقتصادية تتماشى مع الديناميكيات الحقيقية للسوق، بما يضمن استقراراً مالياً مستداماً ويحد من المضاربات التي تؤثر على قيمة الدينار. 

فهيمة بن عكروف 

The post سليمان ناصر: ماهي أسباب تأخير تنفيذ رفع قيمة منحة السفر appeared first on الجزائر الجديدة.