صرخة إنسانية
د.أحمد الطباخ/ ما زال صراخ الأطفال وأناتهم وكلماتهم تتردد في ٱآذان إنسانية فقدت كل معانيها ومراميها فمن لهذه الصرخات التي تعلو في كل وقت معلنة أنها على موعد مع موت لا يبقي ولا يذر قد دب في تلك الأجساد الواهنة وتلك العظام البارزة والبطون الخاوية والدموع الدامعة على تلك الإنسانية الضائعة لا محالة بعد هذا …

د.أحمد الطباخ/
ما زال صراخ الأطفال وأناتهم وكلماتهم تتردد في ٱآذان إنسانية فقدت كل معانيها ومراميها فمن لهذه الصرخات التي تعلو في كل وقت معلنة أنها على موعد مع موت لا يبقي ولا يذر قد دب في تلك الأجساد الواهنة وتلك العظام البارزة والبطون الخاوية والدموع الدامعة على تلك الإنسانية الضائعة لا محالة بعد هذا السيل الجارف من صور المجوعين عن عمد مع سبق الإصرار والترصد من قبل هؤلاء الشرذمة التي لم يردها عن غيها وطغيانها أحد على وجه هذه البسيطة التي كتب الله عليها الشقاء والضنك الذي لن يرحم أحدا ولن يتركه وهو يرى ويشاهد هؤلاء الأطفال الجوعى وتلك العظام والهياكل العظمية الهزيلة فما رأينا ولا سمعنا هذا ٱلا في عصور الظلام والانحطاط وعذر الناس وقتها أنهم لم يروا بأم أعينهم ولا شهدوا مثل هذا الذي نراه في أرض الرباط التي تستحق نجدة النياشى والرجال ولكن أين هم اليوم في عالم الخداع والكذب والنفاق ؟!.
لا ينبغي لهذا العالم أن يشكو بعد اليوم عما حدث وسيحدث له من كوارث مفجعة ومصائب متتابعة وانتقام لا قبل له به من رب البرية الذي لا يخفى عليه ما يحدث من تجويع لخير الخلق على وجه هذه الأرض الذين هدمت بيوتهم واحتلت أراضيهم وانتهكت أعراضهم ودنست مقدساتهم ومعابدهم وهم صامدون وثابتون وصابرون لا يشتكون وإنما يدافعون عن بكرة أبيهم يحمل الاباء فلذات الأكباد على أيديهم والدماء تسيل على أجسادمهم يشيعون وهم صابرون على ألم الفقد ولكن ماذا يفعلون أمام طوفان التجويع الذي أنسى الفجع والفقد والدار والداء فليس بعد الجوع منزع صبر إذ المصاب جلل والوضع أسى وألم وصرخات الجوعى في هذا الصيف الحار والشمس المحرقة لا يدع مجالا لصبر فأين ضمير هذه الإنسانية التي فقدت وأفقدت الناس صوابهم وجعلتهم في حيرة من أمرهم فهي حرب إبادة جماعية لأصحاب الأرض وحراس القيم والأخلاق في أرض المحشر والعالم شاهد على تلك الجريمة التي تحتاج إلى تدخل عاجل لا يحتمل التأجيل ولا التسويف وإلا على الإنسانية العفاء فليس على الأرض اليوم من يستحق أن يكون إنسانا.
ليست الإنسانية سوى ضمائر حية وقلوب حانية ومشاعر رقراقة ووجدان وأحاسيس تحزن لأنات صغير وشكواه فتفيق وتلبي نداء نجدته فترحم ضعفه وتربت على كتفه وتطعم فمه وتطيب خاطره وتغيث لهفته فأين كل ذلك مما يحدث لهؤلاء المجوعين الذين يصرخون ويبكون من أطفال نخر الجوع عظامهم وأكلت المسغبة ما تبقى من لحومهم والعالم العربي لا يلبي نداء الدم والنسب ناهيكم عن الدين العظيم الذي أمرنا بإغاثة هؤلاء الذين لا حول لهم ولا قوة فما الذي بقي من دين الإسلام إن لم يكن حفظ النفس واستبقاؤها أمرا محمودا وواجبا وفرضا لازما، فيا أيها الناس راجعوا أنفسكم وثوبوا إلى رشدكم واحفظوا عهدكم وصونوا وجوهكم وأغيثوا الإنسان الذي يموت كمدا وجوعا وخوفا وفزعا فليس بعد التجويع ذنب ولا جريمة ؟! .