لصوص الفرح.. عندما يصبح ألمك سلعة
هل سرقوا فرحك وتذوقت مرارة الخذلان حتى حسبت أن الحياة لا طعم لها وان موتك ارحم من حياتك الباءسة ؟ هل حملت على كتفيك عبء حزنٍ ظننت أنه سيلازمك للأبد؟ هل استيقظت يومًا وشعرت كانك تعيش في غابة بشرية البقاء فيها لمن لا مباديء لهم ولا كرامة ولا رحمة ولا شفقة ؟ هل نظرت إلى […] The post لصوص الفرح.. عندما يصبح ألمك سلعة appeared first on الجزائر الجديدة.

هل سرقوا فرحك وتذوقت مرارة الخذلان حتى حسبت أن الحياة لا طعم لها وان موتك ارحم من حياتك الباءسة ؟ هل حملت على كتفيك عبء حزنٍ ظننت أنه سيلازمك للأبد؟
هل استيقظت يومًا وشعرت كانك تعيش في غابة بشرية البقاء فيها لمن لا مباديء لهم ولا كرامة ولا رحمة ولا شفقة ؟ هل نظرت إلى المرآة يومًا ولم تتعرف على نفسك وسالت نفسك من انت وماذا تفعل في عالم غريب لا تعرفه ولا يعرفك؟ هل تساءلت عن مدى قدرتك على الصمود في وجه من يظلمونك و ياءذونك كلما توفرت لهم الفرصة وانت تنزف كل يوم ولا احد يرى او يشعر بالمك ؟ هل شعرت بانك تتعامل مع نوع من البشر يملكون قلوبًا اشد قسوة من الحجارة ؟ هل فقدت الثقة حتى في أقرب الناس إليك؟ هل شعرت أنك تدفع ثمنًا باهظًا لأخطاء لم ترتكبها؟ هل رأيت دموعك تتحول إلى قصص ترفيه يرويها الآخرون في مجالسهم ؟ هل شعرت أن معاناتك أصبحت مادة للحديث والتسلية؟ هل اكتشفت أن هناك من يستغل حزنك من اجل تحقيق مكاسب شخصية؟ هل رأيت كيف يحوّل البعض دموعك إلى سلم يرفعهم الى الاعلى؟ هل شعرت بالمرارة عندما رأيت فرحك المسروق يُباع ويُشترى؟ هل تساءلت عن أخلاق أولئك الذين يتغذون على جراحك؟ هل فكرت في الثمن الذي تدفعه كل يوم وكل لحظة مقابل طيبتك وصفاء سريرتك؟ هل تساءلت: إلى متى سيستمر هذا الاستنزاف الروحي؟ ألا يستحق قلبك أن ينبض بالفرح و تشعر نفسك بالراحة والسكينة ؟ في خضمّ معاناتنا، عندما نغرق في أمواج الحزن وتشتدّ بنا حدة الألم، قد لا ننتبه إلى تلك الأعين المتربصة، تلك النفوس التي تتغذى على ضعف الآخرين. إنهم “لصوص الفرح” الذين يقتنصون لحظات انكسارنا، يستغلون دموعنا ليصنعوا منها جسرًا يعبرون عليه نحو تحقيق مصالحهم الخاصة.
يظهرون في ثياب المتعاطفين، وبألسنةٍ معسولة يتقنون فنّ الإنصات الظاهري، لكن في دواخلهم تكمن حسابات دقيقة لمكاسبهم المحتملة من كل دمعة تذرفها وكل صراخ الم تطلقه روحك المتعبة. يا لها من تجارة رخيصة ! تجارة تقوم على الم ومعاناة الضعفاء و الموجوعين ودموع اليائسين.
إنهم يحوّلون قصص الام الناس ومعاناتهم الى ترفيه وحديث مقاهي ، يستغلون صور المعاناة المؤثرة لكسب التعاطف الزائف، ويبنون لأنفسهم قواعد شعبية على حساب قلوبٍ مجروحة.
تراهم يتحدثون باسم المهمشين، يتبنون قضايا الضعفاء، لكنهم في الحقيقة لا يرون في هؤلاء إلا وسيلة لتحقيق الشهرة أو الثروة أو النفوذ.
يتقنون ارتداء أقنعة التعاطف حدّ الإتقان. يظهرون الحزن في ملامحهم، وينطقون بكلمات المواساة، لكن نظراتهم تخفي بريق خبث خفيّ. يستمعون إلى شكواك بفتور، وينصحونك بنصائح جافة لا تحمل في طياتها أي حل حقيقي، بل تزيد من شعورك بالعجز واليأس. إنهم يستغلون حاجتك إلى من يسمعك، إلى من يفهم وجعك، ليحكموا قبضتهم عليك أكثر فأكثر.
وماذا نجني نحن من هذا الاستغلال البشع؟ لا نحصد إلا مزيدًا من المرارة والخيبة. نشعر بأننا قد خُذلنا مرة أخرى، ليس فقط من قسوة الظروف، بل ومن قسوة أولئك الذين تظاهروا بالوقوف إلى جانبنا. تتآكل ثقتنا بالآخرين، وينمو في داخلنا شعور عميق بالوحدة والعزلة. يصبح ألمنا مضاعفًا، ألم الجرح الأصلي وألم الاكتشاف المؤلم بأن هناك من يستغل هذا الجرح أبشع استغلال. لكن مهما طال الليل، فلا بدّ للصبح أن يتنفس والجرح ان يندمل وللالم ان يختفي. ستنكشف الأقنعة الزائفة يومًا ما، وستسقط أمام أعيننا حقيقة هؤلاء “اللصوص”. سنرى بريق الطمع في أعينهم، وسنلمس قسوة قلوبهم التي تختبئ خلف كلماتهم المعسولة. عندها، سنشعر بغضبٍ كبير، غضبٍ يدفعنا إلى التحرر من سلطتهم وإلى استعادة فرحنا المسروق. إن معاناتنا ليست ضعفًا، بل هي قوة كامنة تنتظر أن تنفجر. إن دموعنا ليست دليلًا على الهزيمة، بل هي وقود للإرادة الصلبة. إن آلامنا هي دروس قاسية تعلّمنا كيف نميّز بين الصادق والمزيف، بين الناصح الأمين والمستغلّ الخبيث. لقد حان الوقت لأن نستعيد زمام أمورنا، وأن نحمي قلوبنا من أولئك الذين يسعون إلى سرقة فرحنا. لتتوقف هنا والان دون تردد او تاخير . دموعنا ليست سلعة رخيصة تباع وتشترى في سوق الانتهازيين! لنحول ألمنا إلى صرخة مدوية تهزّ ضمائر المستغلين! لنزرع في تربة جراحنا بذور الأمل والقوة، ولنروها بدموع التحدي والإصرار. سننهض من رماد المعاناة أقوى وأكثر وعيًا، وسنضيء دروبنا بأنوار الفرح الحقيقي الذي لا يمكن لأحد أن يسرقه منا. سنحتضن أوجاعنا كجزء من حكايتنا، وسنحولها إلى منارة تضيء للآخرين طريق الخلاص من سلطان “لصوص الفرح”. يا أيتها القلوب المجروحة والمثقلة بالهموم ، يا أيتها الأرواح المرهقة، لا تدعوا آلامكم تتحول إلى وليمة شهية للذئاب البشرية المتخفية في ثياب دعاة الفضيلة و مصدريها ! استيقظوا! انفضوا عنكم غبار اليأس! قوتكم تكمن في وعيكم، في رفضكم القاطع للاستغلال. تذكروا دائمًا أن فرحكم حق أصيل، لا يمكن لأحد أن ينتزعه منكم إلا إذا سمحتم بذلك. استمدوا القوة من دموعكم، وحوّلوا حزنكم إلى طاقة دافعة نحو التغيير. كونوا أقوياء، وشمس الفرح ستشرق من جديد في سمائكم. لا تستسلموا… أبدًا!
الاستاذ بوعلام زيان
The post لصوص الفرح.. عندما يصبح ألمك سلعة appeared first on الجزائر الجديدة.