يقظتنا بين الغفلة والتآمر
أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن اجتماع كلمة المسلمين على كلمة سواء، وتآلف قلوبهم على الهدى، واصطباغ مناهجهم بالاستقامة والاستواء، وتكاتف جهودهم على ما يحقق بينهم الإخاء والولاء؛ كل ذلك مطلبٌ شرعي عظيم، ومقصد يجعلنا على نهج مستقيم، وتشريعات تسيِّج مسالكنا بالنهج المستقيم. …

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن اجتماع كلمة المسلمين على كلمة سواء، وتآلف قلوبهم على الهدى، واصطباغ مناهجهم بالاستقامة والاستواء، وتكاتف جهودهم على ما يحقق بينهم الإخاء والولاء؛ كل ذلك مطلبٌ شرعي عظيم، ومقصد يجعلنا على نهج مستقيم، وتشريعات تسيِّج مسالكنا بالنهج المستقيم. ومقتضيات تقتضيها عِزّة بلدنا
هذا المعنى الكليّ العظيم أدرك خطرَه وأهميته العلماءُ والعقلاء، فركزوا عليه، وجعلوه أولوية في أعمالهم واهتماماتهم، وقدموه على غيره من الاعتبارات والاهتمامات، وجعلوه كليَّة لا يتجاوزونها، ولا يقرون ما يعارضها أو يضر بها، فتراهم يُفتون بترك بعض المستحبات، والتسامح في بعض المكروهات، مثلا، إعمالا لهذا الأصل، ويتغاضون عن إنكار بعض المنكرات، وترك الأمر ببعض الواجبات، انشغالا بإنكار ما هو أشد نكارة منها، وأكثر ضررا منها، وتقديما لبعض الواجبات الأوجب من غيرها، ويسكتون عن منكر كبير خوفا من ترتب منكر أكبر منه في موازين العقلاء، وهكذا.
كل ذلك إعمالا لهذا الأصل الأصيل، وعملا بما تواتر على إثباته الدليل، وتحقيقا لحكمة الاجتماع، ومنعا لآثار الفرقة والنزاع، التي غفلنا عنها كثيرا، وانتبه إليها الأعداء الكائدون، والأشرار الماكرون.
– نقول هذا الكلام ونُذكّر به في هذا الظرف العصيب التي تمر به الأمة عامة، والجزائر خاصة، وما يحاك لهما من مكائد، ويراد بهما من أذى، وخصوصا ما يتعلق بهدم هذا الأصل المتين، الذي عُصمت به الأمة ردحا من الزمن، وبزرع الفتن بين أبناء الوطن الواحد، الذين تجمعهم عواصم الدين واللغة والموطن والأعراف الطيبة، والاهتمامات المشتركة، والظروف المتقاربة.
– نقول هذا الكلام – أيضا – لنعالج أخطاء فاحشة شاعت وذاعت بين بعض المتكلمين باسم هذا الدين – محلّلين ومحرّمين ومنظّرين – وهو تتبع سقطات الأخيار، والتفاني في نشر ما يزرع الفرقة بينهم، ونشر ما يُسقط ثقة الأمة في علمائها، ويغذي العداوة بينهم، والاجتهاد في شغل الناس بما لا ينفعهم في دنيا ولا دين، وإحياء خلافات تاريخية عفا عنها الزمن، ولم يبق منها إلا ما يثير الأضغان، ويغضب الرحمن.
– نفعل ذلك – أيضا – لنصرف الناس إلى ما ينفعهم ولا يضرهم، ويجمعهم ولا يفرقهم، ويُقوِيهم ولا يضعفهم؛ فإننا – خصوصا في جزائرنا الحبيبة، وفلسطيننا العزيزة وغيرهما – بأمسّ الحاجة إلى أن نتجاوز خلافاتنا العرقية واللغوية والمذهبية والولائية، ونجتمع على كلمة سواء، وهي كلمة التوحيد ومسائل الإجماع، وثوابت ديننا، وكذا ثوابت وطننا وولائنا لأمتنا، وثوابت جزائرنا التي لا يختلف عليها عاقلان في بلادنا، ومنها عداؤنا لفرنساالاستعمارية، والحرص الشديد للخلاص من هيمنتها علينا بالكلية، والاجتهاد في نصرتنا لقضية أمتنا المركزية.
نقول كلّ ذلك صادقين، ونفعل كل ذلك مخلصين، وسنكون في جمعية العلماء على هذا النهج سائرين، ونعاهد الله أن نعمل على ذلك جاهدين، ونسأل الله أن نظلّ على ذلك ثابتين، والله الموفِّق لطريق المهتدين.