اليمين واليمين المتطرف الفرنسيان متضامنان في الافتراء على الجزائر !
أ. عبد الحميد عبدوس/ يبدو أن السلطات الفرنسية ما زالت تعتقد أن الجزائر لم تخرج بعد من مرحلة حكم العصابة التي وفرت خلال سيطرتها على مقاليد الأمور في الجزائر، عصرا ذهبيا لتعزيز نفوذ فرنسا، التي كانت تأمر فتطاع. رغم أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أعرب، في حواره مع جريدة «لوبينيون» الفرنسية، عن أمله في …

أ. عبد الحميد عبدوس/
يبدو أن السلطات الفرنسية ما زالت تعتقد أن الجزائر لم تخرج بعد من مرحلة حكم العصابة التي وفرت خلال سيطرتها على مقاليد الأمور في الجزائر، عصرا ذهبيا لتعزيز نفوذ فرنسا، التي كانت تأمر فتطاع. رغم أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أعرب، في حواره مع جريدة «لوبينيون» الفرنسية، عن أمله في ألا تصل العلاقة بين الجزائر وفرنسا إلى مرحلة القطيعة، إلا أن تصاعد التأثيرات الخبيثة على الساحة السياسية والإعلامية والثقافية الفرنسية لتيار اليمين المتطرف الحامل للإرث الاستعماري، وانسياق حكام فرنسا بلا روية ولا تبصر ،وراء السياسة الهوجاء والحاقدة لهذا التيار العنصري، تزيد العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترا، والأجواء الموبوءة تعفنا..
لقد أصبحت شيطنة الجزائر والتحريض عليها وتغذية مشاعر الكراهية والنفور ضد الجزائر وسياستها وأبنائها، سواء أكانوا داخل الجزائر، أم مهاجرين في فرنسا، رياضة فرنسية وطنية يومية، تمارس بلا ضوابط ولا قيود في مختلف وسائل الإعلام الفرنسية .ما يزيد من حدة الانحراف الإعلامي والتحرش السياسي، أن الساحة الإعلامية الفرنسية تقع بشكل شبه كامل تحت سيطرة وتأثير طبقة من كبار الرأسماليين من أباطرة القطاع الخاص الفرنسي ذوي الميول الصهيونية، والذين يتميزون بشهية الافتراس واصطياد الغنائم في عالم الاتصال والثقافة والنشر، وأغلبهم لهم حسابات شخصية مع الجزائر. يأتي على رأس هذه الطبقة الثرية النافذة الملياردير «فانسان بولوري» الذي كوّن قسطا كبيرا من ثروته المقدرة بـ37 مليار يورو، من استغلال خيرات إفريقيا،وكان قد تعرض في سنة 2018 لمتابعة قضائية بسبب اتهامه باستعمال الرشوة للحصول على امتياز تسيير موانئ في الطوغو، يملك فانسان بولوري مجموعة Canal+)، وCNews و(Europe 1 ومحطات إذاعية وجرائد يومية وأسبوعية وضعها في خدمة زعماء اليمين الفرنسي المتطرف لتشويه صورة الجزائر، خصوصا قناة «CNews» (سي نيوز) التي تحولت إلى وكر لخفافيش الإفك والسفاهة والبهتان.أما ابنه «يانيك بولوري»، صهر رجل الأعمال الفرنسي «مارتان بويغ»، فهو يدير وكالة «havas» (هافاس) سادس أكبر وكالة في العالم لخدمات الاتصال والإشهار. كان قد أسس في الجزائر في أكتوبر 2017، بعد بضعة أشهر من فوز صديقه إيمانويل ماكرون برئاسة الجمهورية الفرنسية، فرعا لوكالته ،ولكن يبدو أن تعثر استثماراته في الجزائر جعله يضمر الحقد عليها. أما عائلة «بويغ» التي تبلغ ثروتها 20 مليار أورو، فهي المالكة لمجموعة «tf1 (تي .اف 1».كانت شركة «بويغ» باعتبارها شركة عالمية ضخمة للبناء قد شاركت ضمن أكثر من 20 شركة من مختلف أنحاء العالم منها ألمانية وفرنسية وإيطالية وكندية وإسبانية وكورية وصينية للفوز بمشروع بناء المسجد الأعظم للجزائر، الذي بلغت كلفته مليار دولار وفازت بالمناقصة شركة صينية، ويبدو أن امتناع الجزائر عن إعطاء معاملة تفضيلية لشركة «بويغ» الفرنسية، قد أثار حفيظة وغيظ مالك الشركة الذي بدأ يشن حملات حاقدة على الجزائر وعلى الجامع الأعظم. عند تدشين الجامع الأعظم في فيفري 2020 اعتبر الرئيس عبد المجيد تبون الذي كان مشرفا على مشروع إنجاز الجامع الأعظم بصفته وزيرا للسكن آنذاك أن: “بويغ كان يعتقد أنه في منزله وأن المسجد له، ولم يحصل عليه ولن يحصل عليه وهناك علاقة بين ما تنشره وسائل الإعلام الفرنسية والشركة”.أما عائلة «داسو» اليمينية اليهودية المختصة في الصناعات العسكرية، التي تقر ثروتها ب بنحو 15 مليار دولار، فهي مالكة لجريدة «لوفيغارو» أكبر اليوميات الفرنسية، فقد دأبت على استكتاب أشرس الأقلام الفرنسية المعادية للجزائر مثل السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر كزافييه دريانكور، وعائلة داسو تضمر الحقد للجزائر بسبب عزوف الجزائر عن شراء الأسلحة التي تنتجها شركتها. أما الملياردير«باتريك داهي» صاحب الجنسية الفرنسية الإسرائيلية، الذي تقدر ثروته ب10 مليارات يورو، فهو يملك قناة «BFMT» ومحطة «RMC» وصحيفة «L’Express الأسبوعية. أما الملياردير «فرانسوا بينو«الذي تقدر ثروته ب22 مليار دولار، فكان قد التحق في شبابه بجيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر، وخدم فيه بين 1956 و1958، وقد تزامن وجوده في الجزائر المحتلة مع وجود زميله مؤسس الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة المجرم الملازم في الجيش الفرنسي جان ماري لوبان في سنة 1957. يمتلك «فرانسوا بينو» مجلة «le point» (لوبوان) التي توظف وتفتح صفحاتها لكل الخونة والمستلبين الثقافيين والمغتربين الفكريين الحاقدين على الجزائر وثورتها التحريرية من أمثال كمال داود وبوعلام صنصال.
أعداء الجزائر من المرضى بتمجيد الاستعمار، والحنين إلى «الجزائر الفرنسية»، لم يكتفوا بجرائمهم ضد الشعب الجزائري، بل ورثوا حقدهم وغلهم للجزائر إلى أبنائهم. فمارين لوبان السياسية العنصرية الفاسدة المتهمة بسرقة أموال البرلمان الأوروبي، ورثت عن والدها المجرم جان ماري لوبان الذي تفاخر بتعذيب الجزائريين خلال حرب التحرير، ورثت كره وعداء الجزائر والجزائريين، وتوعدت بمعاملة الجزائريين في حال وصولها إلى الحكم، معاملة الولايات المتحدة الأمريكية للمهاجرين الكولومبيين غير الشرعيين. الرئيس عبد المجيد تبون علق في مقابلة مع صحيفة «لوبينيون» الفرنسية على تصريحات مارين لوبان، قائلا: «لا يزال في جينات هذا الحزب (التجمع الوطني) بقايا المنظمة المسلحة السرية، التي لا تؤمن إلا بالقنابل اليدوية والعمليات الإرهابية». أما السفيه الطائش «لويس ساركوزي»، فقد توعد في حالة وصوله إلى الحكم بحرق السفارة الجزائرية في باريس، ولن تكون هذه النية الإجرامية غريبة من ابن الرئيس الأسبق المرتشي المجرم نيكولا ساركوزي الذي استعان بأموال ليبيا للوصول إلى رئاسة فرنسا ثم كافأها بتدميرها بسلاح الحلف الأطلسي، ونيكولا ساركوزي هو أول رئيس فرنسي يدان قضائيا بتهم الرشوة والفساد وسوء استغلال السلطة، ويوضع في معصمه سوار الكتروني لتتبع حركاته في ما لو حاول الفرار.
لم تكتف فرنسا الرسمية بكل هذا القدر العدواني تجاه الجزائر، بل إنها تعمدت تعيين أحد خدام اليمين المتطرف وزيرا للداخلية، في شخص برونو روتايو الذي لا هم له منذ أن تم تنصيبه في هذا المنصب السيادي الحساس، سوى محاولة إلحاق الأذى بالجزائر ،وإصدار التصريحات المهددة والمتوعدة ضدها.
وقبل أيام قليلة صرح بأن الجزائر لا تحترم القانون، وكان من اللافت للانتباه أن يصدر هذا الكلام من شخص طالبه قبل أيام قليلة من تصريحه هذا، الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند بأن عليه أن يعرف القانون. ولإبقاء الجزائر على رأس أجنداتهم السياسية المفلسة لا يمل السياسيون والإعلاميون من ترديد فرية تقديم فرنسا لمساعدات للجزائر، والتهديد بقطعها. ورغم أن السلطات الجزائرية، نفت في منتصف الشهر الماضي (جانفي 2025) تلقيها أية مساعدات للتنمية من فرنسا، إلا أن وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو ظل يردد بلا حياء هذه الفرية المشينة، مما دعا السلطات الجزائرية إلى الرد بأنها مستعدة للتخلي عن هذه المساعدات الفرنسية إن وجدت. لقد أصبح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عاجزا عن اتخاذ أي إجراء ضد وزيره الكذاب، لأنه يعتمد عليه في استمالة تيار اليمين المتطرف إلى جانبه في اللحظات الحاسمة، كما حدث مؤخرا مع انتخاب، ريشار فيران، المقرب من الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيساً للمجلس الدستوري الفرنسي، أعلى سلطة قضائية في الدول بفضل امتناع حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف عن التصويت.