اليوم الوطني الشهيد.. ملف الذاكرة ركيزة أساسية لبناء علاقات جزائرية-فرنسية متوازنة

تحتفي الجزائر يوم 18 فيفري من كل سنة بذكرى “اليوم الوطني الشهيد”، وهذا وفاءً وعرفانًا لأرواح ملايين الشهداء الذين ضحّوا بأنفسهم وبدمائهم الطاهرة لانتزاع الاستقلال والحرية من براثن الاحتلال الفرنسي “الوحشي”، الذي مارس، على مدار 132 سنة، أبشع عمليات التقتيل والإبادة الجماعية في حق الجزائريين، كانت حصيلتها التقديرية أزيد من 5 ملايين شهيد، منها 1.5 […] The post اليوم الوطني الشهيد.. ملف الذاكرة ركيزة أساسية لبناء علاقات جزائرية-فرنسية متوازنة appeared first on الجزائر الجديدة.

فبراير 18, 2025 - 14:28
 0
اليوم الوطني الشهيد.. ملف الذاكرة ركيزة أساسية لبناء علاقات جزائرية-فرنسية متوازنة

تحتفي الجزائر يوم 18 فيفري من كل سنة بذكرى “اليوم الوطني الشهيد”، وهذا وفاءً وعرفانًا لأرواح ملايين الشهداء الذين ضحّوا بأنفسهم وبدمائهم الطاهرة لانتزاع الاستقلال والحرية من براثن الاحتلال الفرنسي “الوحشي”، الذي مارس، على مدار 132 سنة، أبشع عمليات التقتيل والإبادة الجماعية في حق الجزائريين، كانت حصيلتها التقديرية أزيد من 5 ملايين شهيد، منها 1.5 مليون شهيد فقط بعد اندلاع الثورة التحريرية المظفرة في نوفمبر 1954، رافقتها عمليات نهب واستنزاف ممنهجة لثروات البلاد ولخيراتها، بلغت حد إجراء تفجيرات نووية، لأوّل مرة في تاريخها، في الصحراء الجزائرية، قبيل وبعد الاستقلال (1960-1966)، بدعم ومساعدة أيادي الإجرام الصهيونية.

وفي ظل وجود مساعي فرنسية حثيثة لبناء علاقات دبلوماسية واقتصادية متينة مع الجزائر، ظهرت جليًا على شكل تصريحات لمسؤولين فرنسيين خلال العقود السابقة، إلاّ أنها لطالما كانت ترتكز بالأساس على نوع من “التحايل” و”الهروب” من ملف الذاكرة، الذي يبقى أحد أبرز القضايا التي تعيق العلاقات الجزائرية الفرنسية الجديدة، رغم وجود عقبات جيوسياسية أخرى، كمسألة الانقلاب في الموقف الرسمي الفرنسي حيال قضية الصحراء الغربية، والتدخلات في منطقة الساحل المحاذية للجزائر، في ظل مساعي الإيليزيه لعدم إقحام ملف الذاكرة وجرائم الاحتلال الفرنسي بالجزائر في أي علاقة شراكة وتعاون حالية ومستقبلية، وسط إلحاح جزائري متزايد على أنّ ملف الذاكرة لا يمكن أن يسقط بالتقادم، وأنّ فرنسا مجبرة على الاعتراف بكافة جرائمها الفظيعة المرتكبة طيلة 132 سنة في حق الجزائريين، مع الالتزام بالتبعات المترتبة عليها كالتعويضات وإزالة مخلفات الإشعاعات النووية، من أجل فتح صفحة علاقات جديدة ومتوازنة، تخدم كلا الطرفين.

وأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون في ماي 2024، أن ملف الذاكرة بين الجزائر والمحتل السابق فرنسا “لا يقبل التنازل والمساومة”، ويجب معالجته بجرأة لاستعادة الثقة بين البلدين، مشيرًا إلى أنّ ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات، ولا يقبل التنازل والمساومة، وسيبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية، جريئة ومنصفة للحقيقة التاريخية”. كما قال الرئيس تبون، منتصف أكتوبر 2024، “إن أوساطا “متطرفة” تحاول تزييف ملف الذاكرة المرتبط باستعمار فرنسا للجزائر، وتعمل لدفعه إلى رفوف النسيان”.

هذا، وتنامت حدة تصعيد اليمين المتطرف الفرنسي ضد الجزائر، خلال الأشهر الأخيرة، لترمي بظلالها بشكل مباشر على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، وبرزت عدة أسماء تغذي الصراع الجزائري الفرنسي، وتحاول باستمرار الإسادة للعلاقات بين البلدين ودفعها نحو القطيعة، لاسيما مع تواجد عدة وزراء في الحكومة الفرنسية الجديدة موالون لليمين، يتقدمهم وزير الداخلية، برونو روتايو.

في ظل الجدل الذي أثاره لويس، نجل الرئيس نيكولا ساركوزي، الذي دعا بشكل علني إلى العنف والجريمة ضد السفارة الجزائرية بباريس، أطلّ وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو ذو النزعة اليمينية المتطرّفة، بتصريحات تصعيدية جديدة تجاه الجزائر، قائلاً إن بلاده “يجب أن تغيّر بشكل أساسي علاقتها بالجزائر لتحقيق نتائج”، فيما اقترح إقامة “علاقة قوة” للضغط على الجزائر، مع إعادة النظر في اتفاقية الهجرة لعام 1968 واتفاقية عام 2007 المتعلقة بتنقّل الدبلوماسيين الجزائريين”.

وباعتباره ضمن الشخصيات الفرنسية الأكثر تهجمًا وكرهًا للجزائريين والمهاجرين العرب عامةً، أثارت التصريحات الأخيرة لإيريك زمّور جدلاً واسعًا في فرنسا، بعدما نفى وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، وهي التصريحات التي تتطابق مع ما ذكره الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في إحدى مقابلاته عام 2021، حين شكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للبلاد عام 1830، وهو ما يؤكد تبنّي اليمين المتطرف والرئاسة الفرنسية نفس المواقف والأيديولوجيات حيال الجزائر.

وخلّف الاحتلال الفرنسي للجزائر أزيد من 5 ملايين شهيد، مع تدمير شبه كلي للبلاد، لتظهر حجم العنف والدمار مارسته فرنسا الاستعمارية طيلة 132 سنة في الجزائر، تضاف إليها التفجيرات النووية المُجراة في الصحراء الجزائرية، بدعم وغطاء صهيوني، والتي أحدثت دماراً هائلاً بالبيئة والسكان، لا تزال تأثيراتها وانعكاساتها بارزة إلى غاية اليوم، مما يجعل فرنسا ليست ملزمة فقط بالاعتذار للجزائر، بل أيضاً بعدالة تعويضية تحدّدها المواثيق والهيئات الدولية.

عبدو.ح

 

The post اليوم الوطني الشهيد.. ملف الذاكرة ركيزة أساسية لبناء علاقات جزائرية-فرنسية متوازنة appeared first on الجزائر الجديدة.