وزير الثقافة يفتتح ملتقى علمي حول “التراث الثقافي والذكاء الاصطناعي” بالمدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي
في سياق الجهود الرامية إلى تسخير الذكاء الاصطناعي في صون التراث الثقافي، أشرف السيّد “زُهَيْر بَلْلُو” وزير الثقافة والفنون، اليوم السبت 19 أفريل 2025، على افتتاح فعاليات #الملتقى_الدولي الموسوم بـ “التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي: بين الحفظ والابتكار”، والذي احتضنته المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي بتنظيم وزارة الثقافة والفنون تزامنًا مع افتتاح شهر التراث …

في سياق الجهود الرامية إلى تسخير الذكاء الاصطناعي في صون التراث الثقافي، أشرف السيّد “زُهَيْر بَلْلُو” وزير الثقافة والفنون، اليوم السبت 19 أفريل 2025، على افتتاح فعاليات #الملتقى_الدولي الموسوم بـ “التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي: بين الحفظ والابتكار”، والذي احتضنته المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي بتنظيم وزارة الثقافة والفنون تزامنًا مع افتتاح شهر التراث الثقافي.
في كلمته الافتتاحية، شدّد السيّد الوزير على أنّ الدولة الجزائرية، بقيادة رئيس الجمهورية السيّد عَبْد المَجِيد تَبُّون”، تولي أهمية بالغة لحماية التراث الثقافي، كما نصّت عليه المادة 76 من الدستور. وأوضح بأنّ قطاع الثقافة انخرط بفعالية ضمن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، عبر إدراج 12 مشروعًا محوريًا ضمن المخطط الوطني للرقمنة، تشمل دعم البحث العلمي، وتشجيع المؤسسات الناشئة، وإشراك الجامعات والمجتمع المدني. كما تطرّق إلى إنجاز الخريطة الأثرية الجزائرية على مستوى المركز الوطني لعلم الآثار، وإطلاق نظام معلومات جغرافي تفاعلي يدعم اتخاذ القرار الثقافي ويؤسّس لمرجعية وطنية رقمية.
وفي السياق ذاته، كشف الوزير عن مقاربة اقتصادية جديدة تتبناها الوزارة، تقوم على تثمين التراث كمورد استراتيجي للتنمية الوطنية، عبر دعم الشباب، ومرافقة المؤسسات الناشئة، وتوفير بيئة محفّزة لمبادراتهم داخل المتاحف والمواقع الأثرية. كما أعلن، بالمناسبة، عن إطلاق أول تحدٍ وطني لفائدة الطلبة في مجال الذكاء الاصطناعي الموجّه لحماية التراث الثقافي، يُشرف عليه قطاع التعليم العالي عبر منصته الحاضنة، ويُختتم بتكريم الفائزين من حاملي الأفكار والمشاريع في ختام شهر التراث. واختتم الوزير كلمته بإعلان انطلاق فعاليات شهر التراث2025، مؤكدًا التزام قطاعه بتطوير الكفاءات وتسخير الذكاء الاصطناعي في حماية حقوق المؤلف والملكية.
من جانبه، شدّد السيّد “نُورُ الدِّين وَاضِح” وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، في كلمة ألقاها نيابة عنه السيّد “قَحَّام مَهْدِي”، على أهمية تسخير الذكاء الاصطناعي في صيانة الذاكرة الثقافية، وضمان انتقالها للأجيال القادمة بأساليب تواكب التحولات الرقمية. كما جدّد التزام القطاع بمرافقة المشاريع الناشئة ذات البعد الثقافي، وتوفير بيئة محفّزة للابتكار.
ويُعدّ هذا الملتقى الدولي محطةً محورية ضمن الجهود الوطنية لتثمين التراث وتحديث أدوات صونه، وقد تميّز بمشاركة نوعية لنخبة من الباحثين والخبراء الجزائريين الذين يشغلون مناصب علمية مرموقة في أرقى المعاهد والجامعات العالمية، على غرار جامعات ومؤسسات أكاديمية عريقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، والمملكة العربية السعودية، ما أضفى على الأشغال بعدًا علميًا رفيعًا، وجعل من الملتقى فضاءً حيويًا لتبادل التجارب واستشراف الحلول الذكية في خدمة التراث الثقافي الوطني.
توزّعت أشغال الملتقى على ثلاث جلسات علمية متكاملة، شكّلت منبرًا نوعيًا لعرض مشاريع بحثية وتجارب ابتكارية تُبرز الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في صون التراث الثقافي.
الجلسة الأولى، بإدارة الدكتور “حَمْزَة زَغْلَاش” تناولت تجارب دولية رائدة في استخدام التوأم الرقمي، الترميم الافتراضي، والكشف عن التزوير الفني، وميّزتها ثلاث مداخلات عبر تقنية التحاضر عن بُعد: الأولى من الولايات المتحدة الأمريكية قدّمها الدكتور “مراد بوعاش” والدكتور “محمد سنوسي”، والثانية من الصين قدّمها البروفيسور دانغ آن روننغ من جامعة تسينغهوا، والثالثة تمثّلت في عرض دراسة مشتركة جمعت بين الجزائر والولايات المتحدة. كما شملت الجلسة مداخلة للدكتور “حمزة زغلاش” حول منصة رقمية ذكية لحفظ التراث المعماري، وعرضًا تطبيقيًا قدمه الدكتور” حمزة شريف” والدكتور بوعاش والطالب حسام الدين حول ترميم الفسيفساء باستخدام الذكاء الاصطناعي.
أما الجلسة الثانية، التي ترأسها البروفيسور حمزة شريف، فركّزت على الأبعاد العلمية والإنسانية للذكاء الاصطناعي في حفظ التراث اللامادي وتحليل الهياكل، وتميّزت بثلاث مداخلات عن بُعد: من فرنسا قدّمها الدكتور نور الدين هواري، ومن فرنسا أيضًا قدّمها البروفيسور جيلالي حجويس، إضافة إلى مداخلة من المملكة العربية السعودية قدّمها المهندس إبراهيم شرف الدين لعروسي. كما عرفت الجلسة مداخلات للدكتورة مريم صغيري من المركز الوطني قسنطينة حول توظيف HBIM، إضافة إلى باحثين من المركز الوطني للبحث في علم الآثار حول توظيف الذكاء الاصطناعي في حماية التراث الأثري ببلاد الحدبة.
واختتمت الجلسة الثالثة، التي أدارتها السيدة “نوال دحماني” بعرض مشاريع ابتكارية طوّرها شباب جزائريون، مثل مشروعي Kel Essuf وVisite Algeria، حيث عكست هذه العروض الإمكانات الواعدة للطاقات الوطنية في الربط بين التراث والتكنولوجيا، كما أثارت النقاش حول التحديات القانونية والأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الشأن الثقافي.
واختُتمت أشغال الملتقى بتكريم المشاركين والمنظّمين، وسط إجماع على أهمية تعزيز هذا النوع من المبادرات التي تجمع بين المعرفة والابتكار في مجال الثقافة والفنون، وتُجسّد إرادة الدولة الجزائرية في صيانة تراثها بأدوات المستقبل.