انسحاب تدريجي للجزائريين من الشراكة الاقتصادية مع فرنسا

توقّفت عدّة مفاوضات، كانت جارية بين متعاملين جزائريين وشركات فرنسية تنشط في مجال قطع الغيار وصناعات مختلفة خلال الأيام الأخيرة، بعد أن اصطدمت بعراقيل سياسية عطّلت مسار التعاون، هذا التعثر دفع النادي الاقتصادي الجزائري إلى رصد تحوّل تدريجي نحو شركاء أكثر مرونة، على غرار الصينيين، الذين أبانوا عن جدية كبيرة واستعداد فعلي لنقل التكنولوجيا، مع […] The post انسحاب تدريجي للجزائريين من الشراكة الاقتصادية مع فرنسا appeared first on الشروق أونلاين.

أبريل 19, 2025 - 19:06
 0
انسحاب تدريجي للجزائريين من الشراكة الاقتصادية مع فرنسا

توقّفت عدّة مفاوضات، كانت جارية بين متعاملين جزائريين وشركات فرنسية تنشط في مجال قطع الغيار وصناعات مختلفة خلال الأيام الأخيرة، بعد أن اصطدمت بعراقيل سياسية عطّلت مسار التعاون، هذا التعثر دفع النادي الاقتصادي الجزائري إلى رصد تحوّل تدريجي نحو شركاء أكثر مرونة، على غرار الصينيين، الذين أبانوا عن جدية كبيرة واستعداد فعلي لنقل التكنولوجيا، مع سرعة في التنفيذ وتنافسية عالية، ويعكس هذا التوجه ديناميكية جديدة في السياسة الاقتصادية الجزائرية، تقوم على شراكات رابح-رابح، تُحقق الاستقلال الصناعي وتُعزز السيادة الاقتصادية.
وفي السياق، يكشف رئيس النادي سعيد منصور في إفادة لـ”الشروق” أن هناك توجها كبيرا من طرف المتعاملين الاقتصاديين المنضوين تحت المنظمة، للتحوّل من مفاوضات شراكة فرنسية ومشاريع تعاون مع باريس نحو القارة الآسيوية وبالدرجة الأولى بحثا عن شراكات صينية، وهو ما ترجمه منتدى الأعمال الجزائري الصيني المنعقد الثلاثاء الماضي بالجزائر العاصمة، حيث أسفر عن توقيع 8 اتفاقيات شراكة ومذكرة تفاهم.
وأكد منصور: “نشتغل مع متعاملين اختاروا البحث عن شركاء صينيين وحتى من جنسيات أخرى، بعد وصول مفاوضاتهم مع الطرف الفرنسي إلى طريق مسدود”، مؤكدا أن هذا التعثر مردّه إلى الظرف السياسي الذي يلعب دورا كبيرا في عرقلة الشراكة، في وقت أبان فيه الصينيون عن نوايا حقيقية للاستثمار ونقل التكنولوجيا وتحقيق تنافسية عالية مع سرعة كبيرة في التجسيد.
واعتبر المتحدث أن العالم الاقتصادي يشهد اليوم تحولات جذرية، تعيد رسم خارطة الشراكات والتوازنات، مشيرا إلى أنه حتى الدول التي كانت حاضرة بقوة في الأسواق الأوروبية بدأت تبحث عن بدائل أكثر مرونة وفعالية، موضحا أن بكين باتت تفرض نفسها كقطب اقتصادي جديد وجذاب، ليس فقط من حيث الحجم، بل من حيث الرؤية والتكامل.
وأشار منصور إلى أن المتعاملين الجزائريين بدأوا منذ 4 سنوات بإعادة توجيه بوصلة الشراكات نحو آسيا، وبشكل خاص الصين، التي وصفها بأنها ليست مجرد مصنع كبير للعالم، بل قوة تكنولوجية قادرة على المنافسة والابتكار، واستدرك قائلا “إن هذا التوجه لا يُختزل في الصين فقط، بل يمتد ليشمل ماليزيا وتركيا، حيث بات واضحا أن أوروبا لم تعد الوجهة الوحيدة الممكنة”.
وأبرز محدثنا أن ما يعزّز هذا الخيار هو قدرة الصين على امتصاص الصدمات، كما أثبتت ذلك مؤخرا في وجه العقوبات الأمريكية، بردّها الاقتصادي المتوازن الذي عزز من قوتها التفاوضية، مستشهدا بنتائج المنتدى الصيني الجزائري المنعقد بتاريخ 15 أفريل الجاري، قائلا إن الشراكة تجسدت ميدانيا من خلال توقيع 8 اتفاقيات بين علامات صينية رائدة مثل أومودا وجيتور مع شركاء جزائريين، إلى جانب رغبة علامات أخرى مثل شيري، جيلي، سوكون، غريت وول، جاك، باييك في دخول السوق الجزائرية لصناعة السيارات بقوة.
وقال أيضا: “إننا نتجه بخطى ثابتة نحو اكتساب أسبقية صناعية في مجال السيارات مقارنة مع دول بالجوار اختارت شراكات أوروبية في وقت سابق، فاليوم، الصين تقدم لنا تكنولوجيا متطورة، جودة عالية لم نكن نتصورها سابقا، وسعرا تنافسيا يصعب مجاراته.”
وأضاف أن تطوير شراكات مع دول آسيوية لم يعد خيارا ظرفيا، بل أصبح أولوية استراتيجية في سياسة الجزائر الجديدة، خاصة مع انفتاح اللغة الصينية على العالم العربي، واعتماد طرق شراكة نموذجية قائمة على نقل التكنولوجيا، وتقصير المدى الزمني لإنجاز المشاريع، بفضل مبادرات كطريق الحرير الجديد، الذي سيمر عبر الجزائر.
وشدد منصور على أن الرقم المسجّل للاستثمارات الصينية في الجزائر مؤخرا – تجاوز 4.5 مليار دولار – ليس مجرد رقم، بل مؤشر صريح على الرغبة الحقيقية لبكين في بناء شراكة رابح-رابح، كما استدل بالتجربة الصينية في أوروبا، خاصة مع ألمانيا، حيث باتت تفتح مصانع للسيارات هناك، مؤكداً أن ذلك يعكس قوة النموذج الذي يمكن أن يُكرر في الجزائر.
واختتم قائلا: “نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لتحويل الجزائر إلى قطب صناعي حقيقي، ولا بد من الاستمرار في عقد شراكات مع دول واعدة تكنولوجيا، برؤية واضحة، وبثقة متبادلة، من أجل بناء مستقبل اقتصادي متين ومستدام”.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post انسحاب تدريجي للجزائريين من الشراكة الاقتصادية مع فرنسا appeared first on الشروق أونلاين.