تحبيب التعلم شرط للانجاز التعليمي المعاصر …

د.خالد شنون */ التعلم حياة خالدة في كنف الوجود الانساني، حيث يحمل المفهوم ابعادا تتجاوز أسوار المدارس، بل يعبر التعلم عن ظاهرة تغير مستمر لا ينتهي الا بانتهاء العمر، نتعلم بالخبرة ونتعلم بالمحاكاة ونتعلم بقصد وبغير قصد. ونحن على مشارف دخول اجتماعي وتربوي وجب علينا ان نقف على ظاهرة التعلم ومحفزاته في الوقت المعاصر، بل …

سبتمبر 22, 2025 - 13:23
 0
تحبيب التعلم شرط للانجاز التعليمي المعاصر …

د.خالد شنون */

التعلم حياة خالدة في كنف الوجود الانساني، حيث يحمل المفهوم ابعادا تتجاوز أسوار المدارس، بل يعبر التعلم عن ظاهرة تغير مستمر لا ينتهي الا بانتهاء العمر، نتعلم بالخبرة ونتعلم بالمحاكاة ونتعلم بقصد وبغير قصد.
ونحن على مشارف دخول اجتماعي وتربوي وجب علينا ان نقف على ظاهرة التعلم ومحفزاته في الوقت المعاصر، بل وحتى على ابعاده ومعيقاته امام هذا النشء والجيل الذي نتفق على انه يختلف عن الجيل السابق، وهذا طبيعي في زمننا، وهنا نذكر ان التعلم والتعليم في ما مضى كان سهلا تنظيمه وضبطه في المؤسسات التعليمية، حيث كانت المشتتات التعليمية أقل بكثير مما هي عليه اليوم ويمكن التحكم فيها، اما في زمننا هذا فلم يعد الامر كذلك بل تعددت المثيرات التي تعزز من جهة، او تلك التي تنفر من جهة ثانية في الوضعيات التعليمية، وهذا طبيعي في عصر يعرف بالمثيرات والمشتتات السلوكية.
وأمام هذه العوامل الدخيلة من معيقات للتعلم الفعال، وجب دراسة الرضا عن التعلم وخصائص المتعلمين بجد وتحليلها وفق متطلبات منهجية ومدخلات معاصرة تتماشى واتجاهات علم النفس الحديث، حيث يعنى هذا الاخير بشخصية المتعلم والمعلم والابعاد النفسية والبيداغوجية للموقف التعليمي والتعلمي، وهنا نقف على مفهوم معاصر في الموقف التعليمي وتحبيب التعلم ، حيث لم يعد الاكتفاء بشرط حضور الدافعية للتعلم يفي بالغرض، ما لم تتدخل عوامل أخرى أكثر مرونة مثل تحبيب التعلم، إضافة الى مفاهيم وعوامل أخرى كمفهوم التعلم ذي المعنى عوض التعلم المتضمن في المحتويات والمناهج الدراسية وفق آلية نقل المعرفة بأطر سلبية ، فتلميذ اليوم كثير السؤال وكثير الموارد التي توفر له مختلف الاجوبة. وعليه فتحبيب التعلم يستهدف تنظيما معرفيا ونفسيا في ذات المتعلم يجعله يسعى وراء المعارف والعلوم ويتلذذ باكتسابها والحصول على مختلف الكفاءات والمهارات، كما يمكن لتحبيب التعلم ان يكون محكا للحكم على اداءات المتعلمين من جهة و المعلمين وتقييم ادوارهم في الصف من جهة ثانية، بل وحتى تقييم وتقويم المناهج الدراسية والمحتويات التعليمة والوسائل التعليمية، كون التحبيب عاملا محوريا في تعزيز التعلم الفعال، تعلم لا يقف عند حدود محيط المدرسة ولا يزول أثره بسهولة، بل تعلم بعيد الامد ويصلح لمدة زمنية كبيرة في حياة الافراد والمجتمع، تحبيب التعلم سمة تزيد من دافعية الانجاز لدى المعلمين، بل وترفع من عامل الرضا المهني والانجاز لدى المعلمين وصناع المناهج التربوية والتعليمية. خاصة وأن التربية والتعليم في عصرنا هذا تحتاجان إلى دعم اجتماعي ومعرفي يأتي من خلال التعلم المنظم ذاتيا والمحبب لدى المتعلم.
وعليه فتحبيب التعلم هي سمة راقية في تسهيل العملية التعليمية لدى المتعلم، وتزيد الفريق التعليمي من المعلمين سهولة في اداء مهامهم، حيث بقي لنا ان نتساءل كيف نحقق هدف تحبيب التعلم؟ وهنا وجب علينا تحليل ظاهرة التعلم وابعادها التحفيزية والمحببة، حيث يتعلق الامر بالمادة التعليمية في حد ذاتها، وبمكتسبات التلميذ الأولية كما يتعلق باساليب التدريس وتسهيل اجراءات الوصول المعرفة وبناء الكفاءة، ومن ثم نبني على تحبيب التعلم الاهداف وخطة التدريس في كامل الأطوار، ولنا أن نتذكر كم كنا نهوى الدراسة في وحدة تعليمية، ولدى معلم أو استاذ كان يحبب لنا التعلم واكتساب المعرفة. مما يعنى أن تحبيب التعلم عمل بيداغوجي راق يتجاوز النمطية في التعامل مع المحتويات التعليمة ومع شخص المتعلم، بل واسقاطاته التربوية كبيرة، حيث نجدها حتى في الاسرة والمسجد والنادي ..الخ فيكون التعلم محبوبا اذا راعى هذا الاخير دافع وحاجات المتعلم ومرحلة نموه، بل وحتى اهتماماته ومواهبه وراعى تجاوز معيقات حصوله على المعرفة والتعلم. كل هذا يزيد من ضرورة ان يكون لعامل تحبيب التعلم مجال محوري في تخطيط المناهج التعليمية وتكوين المعلمين والمشرفين على العملية التعليمية، حيث تحبيب التعلم يجعل المتعلم ساعيا باستمرار في الحصول على التعلم ولو خارج أسوار المدرسة، وهذا ما اضحى ضروريا لتجاوز مشكلات ومعيقات ضعف المردود لدى النشء من المتعلمين في الوقت المعاصر. وعليه فالتعليم كادوار يقوم بها المعلمون أضحى يعبر عن اجراء بيداغوجي محبب للتعلم، للرفع من دافعية الانجاز لدى المتعلم وحب التعلم لدى هذا الأخير، ويبقى على مخابر بحوثنا في علوم التربية وعلم النفس أن تعمل اليوم على توفير مقاييس واختبارات متقنة لقياس مستوى تحبيب التعلم في اداءات المعلمين والمناهج عامة، حيث تقييم هذه السمة يزيد من التحكم في العملية التعليمية وتصحيح المواقف خدمة لاهداف المنظومة التعليمية ككل …

*جامعة الجزائر 2