تقرير صحفي فرنسي.. الجيش الفرنسي استخدم الأسلحة الكيميائية ضد الجزائريين بقرار من أعلى مستويات الدولة

كشف تقرير لصحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، إن قرار استخدام الجيش الفرنسي الأسلحة الكيميائية المحظورة دوليا خلال حرب الجزائر كان متخذًا على أعلى مستويات الدولة الفرنسية، وفق ما أورده المؤرخ كريستوف لافاي والصحفية كلير بييه في وثائقي جديد. وأوضحت الصحيفة في حوار مع المؤرخ والصحفية، أن الوثائقي، رغم إلغائه المفاجئ، أثار ردود فعل قوية على جانبي البحر […] The post تقرير صحفي فرنسي.. الجيش الفرنسي استخدم الأسلحة الكيميائية ضد الجزائريين بقرار من أعلى مستويات الدولة appeared first on الجزائر الجديدة.

مارس 17, 2025 - 12:43
 0
تقرير صحفي فرنسي.. الجيش الفرنسي استخدم الأسلحة الكيميائية ضد الجزائريين بقرار من أعلى مستويات الدولة

كشف تقرير لصحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، إن قرار استخدام الجيش الفرنسي الأسلحة الكيميائية المحظورة دوليا خلال حرب الجزائر كان متخذًا على أعلى مستويات الدولة الفرنسية، وفق ما أورده المؤرخ كريستوف لافاي والصحفية كلير بييه في وثائقي جديد.

وأوضحت الصحيفة في حوار مع المؤرخ والصحفية، أن الوثائقي، رغم إلغائه المفاجئ، أثار ردود فعل قوية على جانبي البحر الأبيض المتوسط، لكشفه النقاب عن جانب محرم ظل مدفونا لأكثر من 6 عقود، عندما استخدم الجيش الفرنسي الأسلحة الكيميائية للقضاء على الثوار الجزائريين المتحصنين في الكهوف.

وكان المؤرخ كريستوف لافاي، أكد إن فرنسا لجأت إلى هذه الأسلحة في 450 عملية عسكرية، تمت خلال الثورة الجزائرية، في الفترة من 1957 إلى 1959، وتركزت العمليات بشكل خاص في المناطق الجبلية بمنطقة القبائل والأوراس شمال شرق الجزائر، مشيرًا إلى أنه تمكن من العثور على بعض الوثائق التي تظهر أن وزير الدفاع، موريس بورجس مونوري، في عام 1957، هو من وقع على الترخيص باستعمال الأسلحة الكيميائية، ثم جاءت الجمهورية الرابعة وبعدها الجمهورية الخامسة لتتحمل وتأمر وتنظم هذه الحرب في الجزائر.

وأضاف لافاي أن أهم “شخصية محورية في ذلك هو الجنرال شارل آيوري”، موضحا أن “هذا المتخرج من المدرسة المتعددة التقنيات اعتبر الأب العسكري للقنبلة الذرية الفرنسية، وعند مروره بقيادة الأسلحة الخاصة، قام بتعزيز استعمال الأسلحة الكيميائية في الجزائر”.

تقييد الوصول إلى الوثائق الحساسة

وتحدث لافاي عن نقطة البداية التي جمعت بينه وبين بييه في مجال التحقيق التاريخي، وذلك في أثناء دراسته وحدات الجيش الفرنسي في أفغانستان، واكتشافه أن بعض الأساليب المستخدمة مستوحاة من حرب الجزائر، مما قاده للبحث في تاريخ وحدات الأسلحة الكيميائية، ليفتح لقاء له مع جندي فرنسي سابق -تعرض لأضرار صحية نتيجة الغازات- الباب على شهادات الجنود وأرشيفات خاصة.

أما كلير بييه، فقالت إن إخبار لافاي لها بهذه الحقيقة كان بمنزلة صدمة كبيرة، لأنها لم تكن تعلم -بصفتها صحفية فرنسية- عن استخدام بلادها الأسلحة الكيميائية في الجزائر، وقد دفعها ذلك لإجراء بحث مكثف لتوثيق شهادات نادرة وصادمة من الناجين والجنود المشاركين.

وأشار لافاي إلى أن الحصول على شهادات الجنود كان تحديا كبيرا بسبب الخوف والشعور بالذنب والعار، حتى إن كثيرين رفضوا الحديث بسبب التجارب المروّعة التي واجهوها، خاصة أن بعض الكهوف التي استهدفتها هذه الأسلحة كانت ملجأ للسكان المدنيين.

وقال المؤرخ إن مقاتلا سابقا تراجع بعد أن وافق على لقائه قائلا “في الـ20 من عمري، كانت لديّ الشجاعة للنزول إلى الكهف، ولكنني اليوم لا أملك حتى الشجاعة للحديث عنه”، ووصف آخرون حروب الكهوف بأنها صدمة لا يمكن التغلب عليها.

وواجه الباحثان عقبات قانونية وسياسية حالت دون الوصول الكامل إلى الوثائق الرسمية، رغم رفع الحظر عنها بقرار من مجلس الدولة الفرنسي، لأن وزارة الدفاع استمرت في تقييد الوصول إلى الوثائق الحساسة بحجج أمنية، مما يعوق رسم صورة شاملة عن هذه الجريمة.

ورغم إغلاق أرشيف وزارة الدفاع، “تمكنا -كما يقول لافاي- من تتبع هذه القصة بفضل وثائق شخصية وشهادات قدامى المحاربين (..)، وثبت لدينا أن استخدام الأسلحة الكيميائية لم يكن مجرد قرار عسكري، بل كان مدعوما من أعلى مستويات الدولة الفرنسية”، إذ تشير الوثائق إلى توقيع وزير الدفاع في الجمهورية الرابعة موريس بورجيس ماونوري على قرارات تسمح باستخدام هذه الأسلحة في الجزائر.

خطورة الغازات السامة

وسلطت الأبحاث الضوء على خطورة الغازات التي استخدمتها فرنسا، مثل مركب “سي إن 2 دي” (CN2D)، الذي كان فعالا بشكل مميت في الأماكن المغلقة كالكهوف، وقد أدى هذا الغاز إلى إصابة المجاهدين الجزائريين بحالات اختناق حادة كما تسبب في تدمير الكهوف بالمتفجرات، ومن ثم دفن عديد من الجثث تحت الأنقاض. كما أدى تعرض الجنود الذين تعاملوا مع هذه الغازات على الجانب الفرنسي إلى مضاعفات صحية طويلة الأمد، ولا يزال بعضهم يسعى للاعتراف القانوني بما لحقهم من أضرار.

وكان الجيش الفرنسي قرر ابتداءً من 1956 تكوين فرق خاصة لاستعمال الكيميائي، تسمى فرق الأسلحة الخاصة. وتم إنشاء الوحدة الأولى في الجزائر في أول ديسمبر 1956″، وفق المصدر نفسه. كما أشار المؤرخ إلى “نشاط 119 وحدة من هذا النوع خلال الفترة الممتدة بين 1957 و1959 على التراب الجزائري”، مضيفا في حواره، أن استعمال الأسلحة الكيميائية “كان جزءا من عقيدة عسكرية حقيقية”.

وفي ظل الأزمة الدبلوماسية المستمرة بين الجزائر وفرنسا، يخشى الباحثان أن تقود هذه التوترات إلى زيادة القيود على الأبحاث المتعلقة بحرب الجزائر، ويؤكدان أن فتح الأرشيف ضرورة ملحة لإنقاذ التاريخ من التعتيم. وحسب لافاي، فإن الأرشيفات “ملك للشعب” وليس لأولئك الذين يحجبونها لأغراض سياسية، ويوضح أن حجب الوثائق انتهاك للديمقراطية ويمنع من استيعاب الماضي بصورة عادلة، مما يُبقي الجراح مفتوحة. فيما تؤكد بييه على أهمية مواجهة الإرث الاستعماري الفرنسي بشجاعة، مشددة على أن الكشف الكامل عن الحقيقة ضروري لأجيال المستقبل.

عبدو.ح

The post تقرير صحفي فرنسي.. الجيش الفرنسي استخدم الأسلحة الكيميائية ضد الجزائريين بقرار من أعلى مستويات الدولة appeared first on الجزائر الجديدة.