جنون «ترامب».. وخطى الرجل ذي النعل المطاطي !!
أ . ربيع بشاني/ من يعلمنا فن المقاومة؟!! زمن التيك – توك، وشتى وسائط التواصل الاجتماعي، وزمن اللهو والترف الذي مسخ شبابنا وأتى على شيابنا، زمن حب الدنيا وكراهية الموت، زمن الذكاء الاصطناعي، الذي رسم لنا طريق غدونا ورواحنا في شتى مناحي الحياة، وشل عقولنا وارادتنا ، وكاد ان ينزع منا إيماننا وصلواتنا، بعد ان …

أ . ربيع بشاني/
من يعلمنا فن المقاومة؟!! زمن التيك – توك، وشتى وسائط التواصل الاجتماعي، وزمن اللهو والترف الذي مسخ شبابنا وأتى على شيابنا، زمن حب الدنيا وكراهية الموت، زمن الذكاء الاصطناعي، الذي رسم لنا طريق غدونا ورواحنا في شتى مناحي الحياة، وشل عقولنا وارادتنا ، وكاد ان ينزع منا إيماننا وصلواتنا، بعد ان استحال إلها ’آليا.
وبعد هذا التحول البشري الذي ضرب أزكى النفوس من ينفخ فينا إيمانا وارادة زمن قولهم «إن دونالد ترامب قد جمع لكم»…. مر على ذهني سؤال الدفع والمقاومة، وانا اتابع كبقية من بقي في قلوبهم ذرة ايمان وعزيمة، وشيى قليل من الزهد في الدنيا الفانية، أتابع لسنة وأشهر حرب الإبادة الصهيونية النازية، التي تدمر وتسحق وتسوى الارض، بكل جدار قائم أو إنسان أو بهيمة… مدينة تضم مليوني ساكن أصبحت ركاما ومقابر.واتابع بقلق ما صدر عن معتوه أمريكا بترحيل أهل غزة وتفريغها بل احتلالها، وتحويلها إلى منتجع!
جال بذهني سؤال المقاومة، وأنا أرقبُ الأنظمة العربية التي نال منها الرعب ما نال! وحتى الناس البسطاء أصبحت عندهم فلسطين والقضية، تتوقف عند حدود جوان 1967 وما دونها سلم لدولة تعرف بدولة إسرائيل!! دون مقابل ثمن مسجل في مفكرة مؤسس الصهيونية «هرتزل» و«مذكرات السلطان عبد الحميد»!
فلم يعد للمقاومة معنى، ولا لمن صار عنده للبندقية قضية، كما قال نزار في قصيدته عقب نكسة 67، ولم يعد حاجة لرباط أهل الأقصى في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس. نازعتني هذه الخواطر فنهضتُ بذهول ابحث عن اجابة شافية وأي إجابة وأين اعثر عليها، وفي أي زمن؟ وعند أي بشر؟
لو افترضنا ان حربا قام بها عدو خارجي صليبي بصريح العبارة كإسرائيل أو حتى أمريكا، أو تحالف غربي، هل بوسعنا وقد اقدمت الدنيا بزخرفها، وأرعبتنا أمريكا بعتادها وعدتها، النفير في الوقت المناسب، لمواجهة العدوان، صحيح أن أمر الدفاع وحماية الأوطان موكل بدول ذات سيادة تملك جيوشا ومختلف قواها الأمنية، ولكن في كل الأحوال، وكما ورد في الحديث الصحيح انه اذا قام العدو الصائل بالاعتداء على بلد مسلم وجب خروج كلّ النّاس لمواجهته دون انتظار أي فتوى أو قرار من ولي الأمر، كما أن هناك حديثا نبويا صحيحا يتعلق بالحالة الإيمانية والنّفسية للمسلم يشير فيه بالقول -صلى الله عليه وسلم – أنّه من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق.
ومن سياقات احداث غزة، وتهديدات الرئيس الأمريكي المتهور، وعلى ضوء التوجيهات القرآنية وأحاديث مواجهة العدو ودفعه، وجب استعداد المؤمن الحق لكل الاحتمالات، وترقب المستجدات وتحليل أبعادها وتداعياتها، في عصر الألفية الثالثة التي تغيرت فيها مواقع وموازين القوى الدولية، وعرفت منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تغيرات جيو استراتيجية واستأسدت القوى الصهيونية، ومن ورائها الدول الغربية الاستعمارية وأذيالها، من الأنظمة التي سلمت أمرها للصهيونية، ومن بعض التكتلات والطوائف الداخلية التي تنظر بعين الضعف، وربما التهميش لواقعها واستخدام شماعة الإرهاب والاستبداد والديكتاتورية لإسقاط الأنظمة عبر التدخل الأجنبي، وهذا لخلق واقع جديد تنخره الانقسامات السياسية والاجتماعية وهذا لا يمثل حجة في الحقيقة لاستمرار بعض الأنظمة في التشدد والانغلاق… (نمودج التدخل في العراق وافغانستان وليبيا)..
ورغم الصورة السودواية في هذه الضفة، فالحق أن صورة الشعب الأفغاني والعراقي، يبقيان نموذجين بعد أن سلكا درب الجهاد والتضحية رغم الغارات العنيفة، واستخدام الغازات السامة وحصار المدن والقرى، وقوة بطش الجنود الأمريكان والتحالف، أعطى درسا للاحتلال الأمريكي وضريبة دفعتها الآلة العسكرية الأمريكية كان نتيجتها آلاف الضحايا، والذين انتهى بهم الأمر للانتحار والجنون، زمن ولاية بوش الابن وترامب وأوباما حتى تركت الحامية الأمريكية عتادها هناك ولم تتمكن من سحبها، وهو ما جعل ترامب قبل أسبوعين من مطالبة حركة طالبان بتسليمها، فجعل احد قادتها يسخر منه ويتحداه إن هو تمكن من إعادتها كما أن فرنسا زمن المتصهين ساركوزي خرجت مضطرة وانسحبت بعد مقتل جنودها… ثمّ توالى انسحاب جنود التحالف….
ونفس المظهر وبضريبة مقتل 5000 جندي أمريكي حسب التقديرات الأمريكية الرسمية سحبت الإدارة الأمريكية زمن أوباما جيشها، تاركة قليل القوات عبر المطارات، ولولا التخادل والتحالف الشيعي الإيراني مع الاحتلال الأمريكي مقابل السيطرة على الحكم في بغداد لكان تحرر العراق مبكرا وبشكل شنيع للاحتلال.
وأنا أصب هذه الجرعات محاولا رسم إطار إيماني مستوحى من عالمنا الإسلامي، كنماذج لإرادة الشعوب وجهادها بين ايدينا صورة حديثة وناصعة من أهل غزة أو أسلوب الالتحام وفن «القتال من المسافة صفر»، يعلمنا رجل ينتعل حذاء رياضيا بل صندلا مطاطيا ينط به ويجره وسروال مهلهل وسترة ممزقة من بين أكوام الركام فيرمي قنبلة في جوف دبابة الميركافا الوحشية، فتحترق بطاقمها، ويمضي، وفي الغد يعيدها، ويمضي، حتى تأتيه الشهادة.
يعلمنا قائدهم السنوار مجاهد الألفية الثالثة، حيث نقرأ نهاية «تاريخ الصناعة الحربية» بالتماهي مع إشارات فوكوياما بنهاية التاريخ بالتقدم اللبرالي… كيف نحصل على حريتنا، وكيف نواجه وندفع عدونا في زمن تطورت فيها الآلة الحربية بشكل يتعذر فيه على أي مقاوم التحرك تحت أنظار الأقمار الصناعية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والنجاة من صيد طائرات التجسس والمسح دون طيار، التى تقنص كل متحرك على الأرض كضربة الدبابير القاتلة، القائد القدوة الذي ينتقل بعصاه وسلاحه المخفي تحت برنوسه، لتفقد جنوده، بين الخراب ووسط الدبابات العدو، ولا يخشى أن يحط رحاله ويصنع استراحة المحارب على مقربة ومشارف دبابة صهيونية.
أي إيمان في عصر السكون والركون، إلى عالم الرفاهية والترف العصري الذي صنعته التكنولوجيا الحديثة، بل صنعه الإنسان في تله وترحاله، أي أقدام؟ وأي قتال؟ زمن موت اكلينيكي لأنظمة بجيوشها وعدتها ارعبتها كلمات سياسية «فاحشة سياسية» بالدمار والموت من الرئيس الأمريكي ترامب العائد إلى حلبة الصراع، فتجمدت أجهزتها عن التفكير والتخطيط واتخاذ موقف!! ولم يعد بمقدورها اتخاذ مبادرة مضادة في مستوى الحدث سوى اعادة برمجة نفسها بالفرار إلى القاهرة، لإصدار بيان شجب واستنكار، فيما عجزت الكلمات الشيطانية «باشعال النار كل مرة» كما دلنا القرآن، ان تحرك شعرة عند المرأة الغزاوية التى عادت لمدينة جباليا فنصبت خيمتها، وأوقدت تنورها، وسط الخراب، وأقسمت بربّ العزة أنّها لن تغادر أرضها ولنا تبرح مكانها!!
تذكرت واجب الجهاد بكل معانيه القرآنية، والخروج لمواجهة العدو الكافر المتربص على تخوم البلاد وحدودها، خروج كل قادر خلف جيش بلاده أو مفردا في جبهة من الجبهات، وأنا أتساءل هل بإمكاننا ترك ملذات الدنيا: قصورنا، سياراتنا، حساباتنا المالية والنفسية الضيقة؟! بل ومغادرة دور العبادة زمن الاعتداء على بلادنا لا قدر الله، في بيوت مكيفة والتقلب في الصفوف الأولى، ومثلنا في ذلك عبد الله بن المبارك، الذي انكر على عابد الحرمين الفضيل بن العياض لعبته في الحرم!!
ومدى قابليتنا للتماهي مع النموذج الغزاوي في المواجهة، مع قلة الحيلة، والصبر الكبير، الصبر والطلاق مع أفلاذ أكباذنا كما تركهم الصحابة في فتوحاتهم ومن اتبعهم من آلاف الضحايا في معارك فتح العراق وبلاد فارس، هل يمكن أن تغدر بنا دولة من دول الاستعمار مجددًا، كما فعلوا بالعراق وقد كان لها أقوى جيش مهاب، أن يكون قدوتنا كأبسط مثال أن نترك ولو طفلة براءة تودعنا من خلف كوة باب في ليل دامس، كما فعل مفجرو الثورة أمثال زيغود يوسف وعميروش؟!! وأن يكون الله ورسوله والدفاع عن شرف أوطاننا أحب إلينا من ملهاة التكاثر في الأموال والأولاد.
خواطر وأسئلة زمن تهديدات الوحش الأمريكي وزمن يقابله رجل مستضعف في الأرض، ذو نعل مطاطي يتطاير به، واجه وقاتل جيوش جرارة لا قبل للأنظمة بمواجهتها!! تساؤولات وخواطر، تبقى دون اجابة حتى إذا وقعت الواقعة يوما، وصدق الله العظيم في كتابه العزيز «كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم» [البقرة. 216]
ونعوذ بالله من ميتة كميتة البعير أو كما قال البطل المغوار قاهر الفرس والروم خالد بن وليد وهو على فراش الموت.