حيرة العقلاء والحُلماء!
أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ جاء في بعض النبوءات النبوية أنها ستقع حوادث وفتن في آخر الزمان، من أوصافها ومظاهرها ما يلي: – أنها فتن تدع الحليم حيران. – وأن الرجل يصبح – حينها – مؤمنا ويمسي كافرا. – وأنه يُمسي مؤمنا ويصبح كافرا. – وأنه يبيع دينه بعرض من الدنيا …

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/
جاء في بعض النبوءات النبوية أنها ستقع حوادث وفتن في آخر الزمان، من أوصافها ومظاهرها ما يلي:
– أنها فتن تدع الحليم حيران.
– وأن الرجل يصبح – حينها – مؤمنا ويمسي كافرا.
– وأنه يُمسي مؤمنا ويصبح كافرا.
– وأنه يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل.
– وأنه ستنقلب الموازين، فيُخون الأمين، ويصدق الكاذب، ويتكلم في الناس الرويبضة، وهكذا
وهناك أوصاف أخرى تفصيلية لما سيحدث آخر الزمان، بعضه حدث فعلا وعشنا بعض مظاهره، وبعضه لم يحدث بعد، وهو آتٍ لا محالة؛ لأنه خبر ثابت عن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى.
هذا وإن عجبي لا ينقضي من زهد الباحثين وأصحاب الدراسات المستقبلية والاستراتيجية ممن يؤمنون بمرجعية الكتاب والسنة، في هذه النبوءات التي سيقع ما لم يقع منها فيما نستقبل لا محالة.
وهذا ما يقتضيه إيماننا بصدق نبينا بشكل عام، وفيما يبلغنا عن ربه بشكل خاص.
وقد شهدنا – في عصرنا – حدوث كثير من هذه النبوءات وتأويلها (أي وقوعها حسبما أُخبر بها).
– فقد شهدنا بيع الناس دينهم بعرض من الدنيا قليل عند كثير من المترفين والفجرة والغافلين، بل حتى بعض من يُحسب على المتدينين، يترك الالتزام بأحكام دينه خوفا من أن يُنسب إلى التعصب والتزمت، ويترك صلاته تخرج عن وقتها لأدنى انشغال بمشاغل الدنيا الدنية، ويترك ما يقتضيه منه دينه من الدعوة إلى الله والتعاون مع الدعاة والمصلحين، بمجرد أن تُعرض عليه المناصب والمكاسب، وهكذا.
– وقد شهدنا – أيضا – من يُمسي مؤمنا، مواليا لله ورسوله والمؤمنين، يعود إلى بيته فيفتح قناة أو موقعا من مواقع الكفرة أو العلمانيين أو المفتونين بالمستشرقين من أهل الانحراف من بني جلدتنا، أو الخونة والمخذلين من المنتسبين للعلم بيننا، فيقتنع بما يراه أويسمعه من كفر، وضلال، وفتاوى شاذة، ودعوة لترك موالاة المؤمنين والمجاهدين، والمرابطين، فيصبح كافرا ضالا منحرفا عدوا لله ورسوله، مواليا لأعداء الملة والدين، بعد أن كان واحدا من أمتنا، يؤمن بدينها، ويحمل معنا همومَها، ويجتهد في إصلاحها.
– كما شهدنا عقلاءنا وعلماءنا وحكماءنا مصابين بالحيرة في إيجاد حلول لأزمات الأمةومشكلاتها قبل أن تتحول إلى كوارث، بل وجدناهم حيارى في فقه التعامل مع الكوارث التي حلت بالأمة، بل وجدناهم – قبل ذلك – محتارين في تكييف ما يحصل فيها من قضايا وأحداث، للتمكن من إيجاد أحكام لها وإسقاط النصوص عليها، فضلا عن الاحتماع على فتاوى وتوجيهات وحلول موحدة حيالها.
ووجدناهم – إلا من رحم ربُّك – محتارين في ترتيب أولوياتهم، وأولويات أمّتهم، وفي حل مشكلاتها ومعضلاتها، وفي الإجابة عن أسئلة الأمة الملحة عن ذلك، وعن لوازم ذلك.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ وصف الحليم العاقل الذي من شأنه التريث والتؤدة وبعد النظر وعدم الاستعجال، وصفه بالحيرة،مما قد يُشمّ منه رائحة التماس الأعذار لمن كان كذلك، فكيف بغيره؟!
– كما شهدنا – أيضا – انقلاب الاحوال الذي يُنذر بخطر شديد يستدعي العجلة في تدارك ما يمكن تداركه.
فقد شهدنا تصديق الكاذب وتكذيب الصادق، تماما كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، خصوصا فيما يتعلق بإخواننا المجاهدين والمرابطين في فلسطين، فكم من الزعماء من يصرح بأنه مع المقاومة، وهو يكيد لها سرّا وعلانية، وكم من دعاوى عريضة لا ينطلي زيفُها على الصغار فضلا عن الكبار، سمعناها مرارا وتكرارا.
وقد شهدنا – أيضا – بأعيننا وسمعت آذاننا تأمين الخونة وتخوين الأمناء، وتشويه صورة الأخيار، وتلميع صور الملاحدة والأنذال.
وما الذي يفعله تيار المتخاذلين والقاعدين مع إخواننا المجاهدين، عنّا ببعيد،
والخلاصة:
إن الاهتمام بالنبوءات النبوية، خصوصا المتعلقة بالصراع بين الحق والباطل، مادةٌ علمية معصومة مهمة للمهتمين بالتنظير للأمة ومستقبلها وتحصينها ضد أعدائها، وخصوصا – أيضا – ما كان من هذه النبوءات معه التوجيه الصريح لما ينبغي أن يُفعل، أو إشارات لذلك.
وإن دراسة هذه النبوءات بنَفَس (فلولا نفرَ…) ومن قِبَل مَن هم من أهل الرباط، أو من شركائهم في ذلك بما هو متاح لهم، من الأهمية بمكان، وهو أولوية علمية تنظيرية تخطيطية، ينبغي أن تكون لها الصدارة عند من يهمهم شأن الأمة وعِزّتها وخلاصها من هيمنة أعدائها.
والله الموفّق وهو يهدي السبيل.