خبير في الشؤون الاستراتيجية لـ “الجزائر الجديدة”: فرنسا لا تملك أوراق ضغط كافية
يرى البروفيسور محمد زناسني، المتخصص في الدراسات الاستراتيجية من الجزائر، أن “العلاقة بين الجزائر وفرنسا تُعتبرُ من أعقد العلاقات البينية في النظام الدُولي نظرًا لما تحتويه من تاريخ طويل من العداء والصراع لاسيما في فترة الاستعمار الفرنسي الذي دام 132 سنة، مما جعل التوتر والعداء يبدو وكأنه هو الثابت في السياسة الخارجية للدولتين، بينما التعاون […] The post خبير في الشؤون الاستراتيجية لـ “الجزائر الجديدة”: فرنسا لا تملك أوراق ضغط كافية appeared first on الجزائر الجديدة.

يرى البروفيسور محمد زناسني، المتخصص في الدراسات الاستراتيجية من الجزائر، أن “العلاقة بين الجزائر وفرنسا تُعتبرُ من أعقد العلاقات البينية في النظام الدُولي نظرًا لما تحتويه من تاريخ طويل من العداء والصراع لاسيما في فترة الاستعمار الفرنسي الذي دام 132 سنة، مما جعل التوتر والعداء يبدو وكأنه هو الثابت في السياسة الخارجية للدولتين، بينما التعاون هو المُتغيرُ، والمُؤكدُ على حد قوله أن وجهات النظر تتضاربُ بين المُختصين بتضارب الرؤى بين المُقاربات التفسيرية والمقاربات المعيارية.
وقال زناسي، في حوار مُقتضب خص به “الجزائر الجديدة” إن “الراهن المُحتدم الذي يُواجهُ كلا البلدين والتحديات الكُبرى لقيادتي البلدين نظرًا لمحورية كل بلد في إطاره القاري ثم محوريتهما معا ضمن الفضاء الجيوبوليتيكي المتوسطي هُو ما جعل كل طرف يسعى إلى كسب الرهانات الجيواستراتيجية التي يُواجهها”.
وعن السيناريوهات المطروحة للمرحلة القادمة والفرص الديبلوماسية القائمة، يعتقدُ المُتحدث أن “الحديث عن نُقطة اللاعودة هُو حديث سابق لآوانه، وإن حصل فلن يكون في صالح فرنسا التي خسرت تواجدها العسكري في دول الساحل الإفريقي وبالتالي هي تسعى إلى دفع الجزائر وجارتها الغربية إلى نقطة اللاعودة حتى لا تذهب هي مع الجزائر إلى تلك النقطة”، وللتدليل على هذا المعطى يوجز المحلل السياسي مُوضحًا أنه “وبلعبها على وتر القضية الصحراوية ضاربة عرض الحائط الشرعية الأممية فهي تُأزم وتسمم العلاقة بين البلدين الجارين أكثر فأكثر وهُو ما يعني تشييع مشروع التكامل الاقتصادي المغاربي إلى مثواه الأخير ودفنه إلى الأبد مما يدفعُ الدُول المغاربية إلى التفاوض مع الإتحاد الأوروبي بشكل منفرد مما يضعف موقفها، وهذا بالطبع يعزز حالة الثقل الاستراتيجي الفرنسي داخل الاتحاد باعتبارها القوة السياسية الأولى فيه بعد انسحاب بريطانيا، و يزيد من قدرتها على التأثير الحاسم بشأن رؤاها في القارة و بالتالي في النظام الدولي خصوصا مع حالة اللايقين التي تشهدها العلاقات الأورو أمريكية”.
ولفت المتحدث الانتباه إلى أن تتقن الجزائر باعتبارها أكبر دولة مغاربية وعربية ومتوسطية وإفريقية وتمارس دبلوماسية الاحتواء ضمن العمق الاستراتيجي التي تنتمي إليه كما أشار إليه الآباء المفجرون للثورة الجزائرية في بيان أول نوفمبر”، مُؤكدًا على “ضرورة الإمساك بالاختناقات الاستراتيجية والتقاطعات الجيوبوليتيكية العالمية خدمة لمصلحتها وتعزيزا لأمنها الإقليمي ومحاولة لفك الطوق الأمني المضروب عليها والسعي لبناء تكتل تكون هي الطرف الفاعل فيه مما يعزز دورها في بنية العلاقات الدولية”.
وفي ردها على سؤال حول ما تبقى من أوراق فرنسية ضد الجزائر ما عدا اتفاقية الهجرة ومحاولة منع الشخصيات الجزائرية الحاملة لجواز سفر دبلوماسي من الدخول أراضيها وهو ما شاهدناه مع الرئيس السابق للديوان الرئاسي عبد العزيز خلاف، وبعدها منع دخول زوجة السفير الجزائري في مالي إلى أراضيها، تطبيقاً لقرار كان أعلنه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الثلاثاء الماضي يخص فرض “إجراءات تقييدية على حركة ودخول الأراضي الفرنسية تطاول بعض الشخصيات الجزائرية، أما بالنسبة للأوراق الفرنسية ضد الجزائر ما عدا اتفاقية الهجرة، أكد المتحدث أن فرنسا لا تملك أوراق ضغط ضد الجزائر سوى ملف المهاجرين التي قد تهدد بإرجاعهم في أي لحظة و ذلك لمحاولة إرباكها و التسبب بأزمة أمن سوسيواقتصادي في الجزائر، أما الورقة الأخرى التي بإمكان فرنسا توظيفها التخندق مع المخزن الذي ينتظر أي قشة يتعلق بها لتحقيق أهدافه”.
لذلك يقترحُ المتحدث “قطع الطريق على فرنسا الساعية لتحقيق أهدافها وأن تقوي عملها الدبلوماسي وتقوم بتصفير الأعداء ما استطاعت خصوصا في ظل التقارب الجزائري مع دول كبرى أخرى”.
وسابقًا استدعى كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، سفيان شايب، السفير الفرنسي بالجزائر، للتعبير عن احتجاج الحكومة الجزائرية الشديد على مثل هذه التصرفات غير المقبولة البتة، كما أكد رفض الجزائر القاطع لأي مساس مهما كان نوعه أو شكله بكرامة مواطنيها أو استخدامهم كأداة للضغط أو الاستفزاز أو الابتزاز ضد بلدهم. وقد طلب كاتب الدولة من السفير إبلاغ حكومته بضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لوضع حد، وبشكل عاجل، لهذه التصرفات والممارسات غير المقبولة التي تهين سمعة الحكومة الفرنسية في المقام الأول وفي المقام الأخير.
وفي السياق ذاته تستعدُ فرنسا لتقديم قائمة عاجلة للأشخاص الذين يجب أن يتمكنوا من العودة إلى بلادهم للحكومة الجزائرية، وهو ما كشفه سابقا رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، محذراً من أنه “إذا لم يكن هناك جواب في نهاية المطاف، فلا شك أن إلغاء الاتفاقيات سيكون النتيجة الوحيدة الممكنة، مع أن هذا ليس ما نريده”. وإذ أكد بايرو أنه لا توجد رغبة فرنسية “في التصعيد والمزايدة”، شدّد على أن مسؤولية الحكومة الفرنسية أن تقول إن رفض إعادة قبول (المواطنين الجزائريين) هو انتهاك مباشر لاتفاقياتنا مع السلطات الجزائرية ولن نقبله”/ وكانت الجزائر رفضت مرات عدة، خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، السماح لعدد من مواطنيها المرّحلين من فرنسا بدخول الجزائر.
فؤاد ق
The post خبير في الشؤون الاستراتيجية لـ “الجزائر الجديدة”: فرنسا لا تملك أوراق ضغط كافية appeared first on الجزائر الجديدة.