سنة منسية من سنن الله الكونية
أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ ما أن قاربت الأمور في غزة على الانفراج الجزئي، وقاربت صفقة استلام الأسرى على نهايتها، وبدأ أهل غزة المشردون في الرجوع إلى ما بقي من أطلال منازلهم، وبدأت تخفّ مخاوف الإبادة التي مارسها مجرم العصر أكثر من 15 شهرا، تحت حماية فراعنة العصر، وخيانةٍ من أنذال …

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/
ما أن قاربت الأمور في غزة على الانفراج الجزئي، وقاربت صفقة استلام الأسرى على نهايتها، وبدأ أهل غزة المشردون في الرجوع إلى ما بقي من أطلال منازلهم، وبدأت تخفّ مخاوف الإبادة التي مارسها مجرم العصر أكثر من 15 شهرا، تحت حماية فراعنة العصر، وخيانةٍ من أنذال العصر، وغفلة وضعف من أبناء العصر.
ما أن حصل هذا، حتى يفاجأ العالم قبل أيام بإبادة جديدة، وقصف جديد، خلَّف استشهاد ما يقرب من خمسمئة شهيد في ساعات قليلة في يوم واحد، ونحو من هذا العدد من الجرحى والمعاقين!!! وأسباب هذا الطغيان واضحة، أهمها ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، واصفا حال هذه الأمة عندما تتداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، وهو داء الوهن (حب الدنيا وكراهية الموت) الذي من آثاره أن ينزع الله المهابة منا من نفوس أعدائنا، فيسهل عليهم التجرّؤ علينا وعلى أوطاننا وأعراضنا. ونحن –الآن – نعيش هذا الأمر بوضوح، فقد ضمن الصهاينة أن هذا الداء سرى في الأمة سريان النار في الهشيم، وأن التنازع على الدنيا وحطامها شاع بين حكام المسلمين -فضلا عن غيرهم – فضمن السلامة من قوتهم، بل ضمن الاستعداد للخيانة من أكثرهم، ففعل ما فعل، وما زال عازما على أن يفعل أكثر مما فعل، خصوصا بعد إعلان فرعون العصر الحماية الكاملة لهم. وقد أثبتت التجارب والتاريخ وسنن الله في كونه أن اليهود لا عهد لهم ولا ذمة، وأنهم ينقضون العهود، كلما أتيحت لهم الفرصة، وأنه لا ينفع معهم تفاوض ولا هدنة ولا صلح ولا تطبيع، وإنما تنفع معهم –فقط – سنة التدافع التي ذكرها الله في القرآن شرطا أساسا لحفظ الأرض من الفساد، ولسلامة المساجد والصوامع والبيع وأماكن العبادة. قال تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِين} وقال أيضا: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز} لذلك يجب أن تنصرف الجهود كلها (خطب، محاضرات، توجيهات، قرارات، تخطيطات، منشورات، حصص ونشاطات،…) أولا: إلى إحياء هذه السنة الكونية، والأخذ بها بما يتناسب وعصرنا وقدراتنا والمتاح لنا، ولا يخفى أن المُتاح والمُستطاع يتفاوت بين الناس حسب ما مكّنهم الله منه؛ فالحاكم يقدر على ما لا تقدر عليه الشعوب، والعالم يقدر على ما لا يقدر عليه العامّيّ، والغني الموسر يقدر على ما لا يقدر عليه الفقير المعسر، والإعلامي يقدر على ما لا يقدر عليه المتلقي، …وهكذا. وثانيا: إلى الأخذ بعناصر القوة في الإسلام، ومنها (قوة العلم والمعرفة، وقوة الألفة والتآخي، وقوة الاقتصاد والمال، وقوة الإيمان واليقين، وقوة الخلق، وقوة الساعد ووسائل القتال، وغير ذلك مما يجعل العدو يهابنا ويرهبنا فلا يتجرأ علينا كما هو حاصل في زماننا، وهكذا…)؛ لأنّ الله هو الذي أمر بذلك في قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون} فلنأخذ بهذه الواجبات، ولننسجم مع هذه السنن الكونية، فإنه لا سبيل للنجاة من هذا الطغيان الذي نعيشه إلا هذا السبيل، ومهما ابتغينا النجاة في غيره فلن نجدها أبدا، {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} صدق الله العظيم، ومن أصدق من الله قيلا.