كيف صنعت المرأة الجزائرية دعوتها؟ من التربية الأسرية إلى الإعلام الرقمي
أ.د. زبيدة الطيب/ الدعوة.. من المفهوم إلى الممارسة تُعرَّف الدعوة بأنها الجهد المبذول لتبليغ الناس الإسلام عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا، أو هي فن يجذب الآخرين إلى الدين ويقوّي تمسكهم به. وباعتبارها علمًا، فهي تحتاج إلى تكوين معرفي وتجربة ميدانية تجعل من صاحبها داعية مؤثرًا. غير أن هذا المعنى الفني للدعوة لم يكن متاحًا للمرأة الجزائرية في …

أ.د. زبيدة الطيب/
الدعوة.. من المفهوم إلى الممارسة
تُعرَّف الدعوة بأنها الجهد المبذول لتبليغ الناس الإسلام عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا، أو هي فن يجذب الآخرين إلى الدين ويقوّي تمسكهم به. وباعتبارها علمًا، فهي تحتاج إلى تكوين معرفي وتجربة ميدانية تجعل من صاحبها داعية مؤثرًا.
غير أن هذا المعنى الفني للدعوة لم يكن متاحًا للمرأة الجزائرية في الحقبة الاستعمارية ولا حتى في السنوات الأولى للاستقلال، بسبب الأمية الواسعة –وخاصة الدينية منها– وبسبب التوجه السياسي للدولة الذي حصر الدين في المجال الشخصي وضيق على العمل الإسلامي.
رغم ذلك، كان لدى الأسرة ما يمكن تسميته بالدور الخفي؛ حيث مارست المرأة الجزائرية دورها الدعوي في محيطها الضيق، أي داخل الأسرة. وهو دور طبيعي يرتبط أساسا بالفطرة التي فطرت المرأة عليها؛ فقد كانت أمًا وزوجة وأختًا تُربّي على الإيمان والأخلاق والتمسك بالهوية الحضارية. هذه الدعوة لم تعتمد على حلقات علم أو كتابات، بل على السلوك اليومي والقدوة العملية. وهي لا تحتاج إلى رصيد معرفي وعلمي كبير بقدر حاجتها إلى معرفة وإدراك لدورها الطبيعي.
ومع بروز الصحوة الإسلامية في الثمانينيات، تغيّر المشهد. إذ ارتبطت الدعوة بعملية «إيقاظ» روحي وفكري جعلت المرأة تقتحم الميدان الدعوي بمعناه الفني: حلقات القرآن، الدروس في المساجد، التركيز على التربية الروحية والسلوكية، والدعوة لمواجهة الفكر الغربي فيما يخص المرأة والأسرة. هذه المرحلة شهدت انتشار الحجاب وإقبال النساء على حضور حلقات العلم.
الانفتاح الإعلامي.. صوت جديد للمرأة
ومع الانفتاح السياسي والإعلامي في التسعينيات وبداية الألفية، برز صوت جديد للمرأة سمح ببروز أصوات نسائية دعوية من مختلف التخصصات وفي أماكن مختلفة؛ فكان هناك داعيات صحفيات وأستاذات ومرشدات وطبيبات، استخدمن الكتابة والندوات والبرامج الحوارية لتوصيل رسالتهن. ومع وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر جيل جديد من الداعيات اللواتي أصبحن مؤثرات في المشهد الجزائري.
ورغم هذا الزخم، تبقى التجربة الجزائرية متأخرة نسبيًا مقارنة بما حدث في المشرق العربي، حيث تمكنت المرأة هناك من احتلال مواقع دعوية بارزة منذ وقت أبكر. غير أن ما تحقق في الجزائر يظل تجربة تستحق المتابعة والبحث المعمق.