مراد كواشي: التوجه نحو موازنة العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي في قانون المالية 2026

يترقب المهتمون بالشأن الاقتصادي ملامح قانون المالية لسنة 2026، والذي يُنتظر أن يُعرض على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه في الأشهر القادمة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تعرفها الساحة الدولية، وتزامنًا مع التوجهات الإستراتيجية التي تبنتها الجزائر لتحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية وديناميكية النمو.

وفي هذا السياق، صرّح الخبير الاقتصادي مراد كواشي لجريدة الجزائر الجديدة أن مشروع قانون المالية الجديد يأتي في سياق الاستمرارية للخط المالي الذي رسمته الحكومة خلال السنوات الماضية، خاصة سنتي 2024 و2025، مؤكدا على أن “أولوية الدولة تبقى حماية القدرة الشرائية للمواطن، مثلما أكّد رئيس الجمهورية، باعتبارها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه”.

وأضاف كواشي أن المشروع سيواصل حافظه على الطابع الاجتماعي للدولة من خلال الرفع من الأجور ومنحة البطالة، مع الإبقاء على مستوى الدعم الاجتماعي، دون فرض أي زيادات في الرسوم أو الضرائب، وهو ما من شأنه التقليل من الضغوط على المواطن وتحسين مناخ الاستهلاك الداخلي. كما نوّه المتحدث بتراجع معدل التضخم في الجزائر خلال السنوات الأخيرة من 9% إلى حوالي 3.7%، معتبرا ذلك مؤشرا إيجابيا يُحسب للسياسات الاقتصادية الراهنة.

وأشار الخبير إلى أن التحفيزات الاجتماعية ستأخذ حيزا كبيرا من ميزانية 2026، ما سيساهم في تحفيز الطلب الداخلي، وبالتالي تشجيع الاستثمار المحلي. وأوضح في ذات السياق أن الجزائر سجلت إلى غاية الآن أكثر من 17 ألف مشروع استثماري، مؤكدا أن قانون المالية المرتقب سيعزز هذه الديناميكية من خلال تقديم تسهيلات جديدة لصالح المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين.

كما لفت كواشي إلى أهمية التوجه نحو التصدير، مذكّرا بنجاح الشركات الجزائرية في آخر طبعة من معرض التجارة البينية الإفريقية، حيث تمكنت من توقيع صفقات بقيمة 11.4 مليار دولار، أي ما يمثل ربع الصفقات الإجمالية في المعرض، وهو ما يؤكد – حسبه – الإمكانيات الكبيرة للتوسع في الأسواق الإفريقية.

وفي سياق متصل، شدد الخبير على أن السياسة الجبائية للعام المقبل ستكون “غير ضاغطة”، حيث لن يتم فرض رسوم أو ضرائب جديدة على المؤسسات والمستثمرين، ما من شأنه تحسين بيئة الأعمال في الجزائر.

من جانب آخر، كشف مراد كواشي عن وجود إجراءات مرتقبة ضمن مشروع قانون المالية 2026 لدعم الرقمنة ووسائل الدفع الإلكتروني، تماشيا مع خطة الانتقال الرقمي للبلاد.

أكد الخبير الاقتصادي مراد كواشي أن قطاع الفلاحة سيكون من بين المستفيدين الرئيسيين من تسهيلات جبائية ومالية ضمن قانون المالية لسنة 2026، مشيرا إلى أن التركيز سيكون على “الشعب الحيوية” وعلى رأسها شعبة الحبوب، التي تُعدّ من أهم ركائز الأمن الغذائي لأي دولة.

وأوضح كواشي أن الدولة تسعى من خلال هذه التسهيلات إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، وهو هدف استراتيجي لا يمكن بلوغه دون دعم فعلي للمنتجين الفلاحيين وتوفير بيئة استثمارية محفزة في القطاع الزراعي. وتشمل هذه التسهيلات: إعفاءات ضريبية للمستثمرين في الشعب الزراعية ذات الأولوية، تسهيل الحصول على القروض البنكية بأسعار فائدة مدعّمة، توسيع مساحات الاستثمار الفلاحي، خاصة في الجنوب والمناطق الصحراوية، دعم المواد الأولية والبذور والأسمدة بأسعار مدروسة، تحفيز الشباب للدخول في مشاريع فلاحية مبتكرة عبر آليات دعم وتمويل خاصة

وأشار كواشي إلى أن تحقيق السيادة الغذائية لم يعد خيارا بل ضرورة، خاصة في ظل الاضطرابات المتكررة في سلاسل التوريد العالمية وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق الدولية. ويرى أن هذا التوجه من شأنه أيضًا توفير مناصب شغل جديدة وتحقيق تنمية متوازنة في المناطق الداخلية والريفية.

وختم كواشي تصريحه بالتأكيد على أن قانون المالية 2026 من شأنه أن يحقق توازن بين العدالة الاجتماعية وتحفيز النمو الاقتصادي، إذا تم العمل فيه على كل النقاط المفصلية المكونة  لرؤية اقتصادية واضحة المعالم تسعى لبناء اقتصاد متنوع وقوي.

 فهيمة. ب

The post مراد كواشي: التوجه نحو موازنة العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي في قانون المالية 2026 appeared first on الجزائر الجديدة.