منطق مقلوب.. الانفصام الدبلوماسي والسياسي وتجاهل الواقعية الإنسانية

عندما تتهاوى دبلوماسية أقوى دولة في العالم وتنحرف سياستها إلى الحضيض وتتجاهل الواقعية الإنسانية وتجعل من السلام مقاسات حسب الطلب,عندها يغرق العالم في فزاعة مرعبة تؤدي للخروج عن منطق السلام والأمن الدوليين , لتحل مكانهم التضاربات والمتناقضات, وبالتالي يتم تجاهل الإنسانية تجاهلا مفتعلا, وتصبح المصالح والتكتلات أهم مشروع يطغى على الساحة الدولية, وهذا ما يفسر …

مارس 24, 2025 - 05:58
 0
منطق مقلوب.. الانفصام الدبلوماسي والسياسي وتجاهل الواقعية الإنسانية

عندما تتهاوى دبلوماسية أقوى دولة في العالم وتنحرف سياستها إلى الحضيض وتتجاهل الواقعية الإنسانية وتجعل من السلام مقاسات حسب الطلب,عندها يغرق العالم في فزاعة مرعبة تؤدي للخروج عن منطق السلام والأمن الدوليين , لتحل مكانهم التضاربات والمتناقضات, وبالتالي يتم تجاهل الإنسانية تجاهلا مفتعلا, وتصبح المصالح والتكتلات أهم مشروع يطغى على الساحة الدولية, وهذا ما يفسر ضعف الجنائية الدولية و تجاهل القرارات الأممية, والأسوأ من هذا انحياز أمريكا وحلفائها للكيان الصهيوني وإعطائه الضوء الأخضر ليرتكب جرائم فظيعة أكثر ضحاياها من الأطفال والنساء, والعالم بأسره يشاهد أشلاء الأطفال والنساء ممزقه زيادة على حصار التجويع والعطش, وهذه الأرواح البريئة التي تزهق بالمئات يوميا, دون أن يحرك ساكنا ويخرج بقرارات حكيمة صارمة تضع هذا الكيان الجائر عند حده , ماعدا تصريحات لا فائدة منها تسمع من هنا وهناك تدعو لوقف القتال, آلا تستطيع دول العالم مهما كانت قوتها و ديانتها وتوجهاتها أن تخرج بقرار قوي اللهجة يوقف المعتدي, أم أن الكيان الصهيوني فوق الأعراف والقوانين الدولية.
الكيان الصهيوني اصبح لا يأبه بالقوانين الدولية, و في المقابل صمت دولي مخزي, كل هذا تفسيره أن الكيان الصهيوني استطاع أن يرمي بجمرته الخبيثة في الدول الفاعلة وأن يمارس عليها ضغوطه عن طريق اللوبي الصهيوني المتحكم في شرايين الاقتصاد في أمريكا والدول الأوروبية لتغلل الشركات الصهيونية فيها, ليصيب سياستها بالانفصام, وما تشهده أمريكا من تدني سياسي هو نتيجة حتمية لهذا اللوبي, مما أتاح للكيان التفكير في تغيير جغرافيا الشرق الأوسط والتمدد على حساب الدول العربية, وحسب تقرير جاء في القاهرة اليوم للأستاذة رضوى محمد الباحثة الاقتصادية ” أن العائلة اليهودية روتشيلد توغلت في خمسة دول أوروبية, ألمانيا, بريطانيا, النمسا, فرنسا والفاتيكان, منذ القرن التاسع عشر وسيطرت على نصف ثروات العالم وزادت من استثماراتها في مجال السلاح والأدوية.
الدعم الغربي للكيان الصهيوني وخاصة الأمريكي منذ 1948 أدى إلى تفكيك دول عربية بعين ذاتها كانت حلم بن غوريون أول رئيس حكومة صهيونية,مثل العراق وسوريا ولبنان وجعل دول أخرى مكبلة لا تستطيع حتى اتخاذ قرارات حازمة وقوية تكبح جماع العدو الصهيوني, مما جعل هذا الكيان يتمادى أكثر, وقد كشف الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ المعاصر أن مصر هي المقصودة, وأن الحلم الصهيوني من النيل إلى الفرات مازال في ذاكرة كل يهودي
إن تجاهل الواقعية الإنسانية وجوهرها المقدس, سياسة غير أخلاقية غيرت مفهوم القيم وفلسفة التواصل الإنساني والاجتماعي لتحل محلها العنصرية وسياسة ازدواجية المعايير, فالقضية الفلسطينية بالدرجة الأولى هي قضية عربية وإسلامية و قضية العالم الحر الذي يعتبر القضايا العادلة من الأولويات السياسية والإنسانية,كما لا يجب التغافل عنها وتركها كالفريسة بين براثن العدو الصهيوني.
إن سياسة التطبيع التي انتهجتها بعض الدول العربية مثل المغرب بوساطة أميركية, مصر, الأردن, والسودان, البحرين والإمارات, أعطت مساحة كبيرة للكيان الصهيوني للتحرك بأريحية وانفراده بالشعب الفلسطيني, والاستيلاء على المزيد من اراضيه لبناء المستوطنات ضاربا بعرض الحائط بكل اتفاقيات السلام السابقة ” اسلو 1 وتبعاته” ثم ” اسلو 2 ” أو ما يعرف باتفاقية طابا.
وبقيت الجزائر صامدة جهارا نهارا مؤيدة للقضية الفلسطينية بكل أوزارها وتبعاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية, وكذا القضايا العادلة في العالم, ولم تتزحزح قيد أنملة عن مبادئها الثورية قبل الثورة وأثناءها وبعدها, محترمة رسالة الشهداء, وما تعتبره من أخلاقيات وقيم تخدم الشعوب العربية والإسلامية, محاولة إرساء المحبة والسلام بين الأشقاء وحتى من خالفوها في توجهاتهم السياسية, وستبقى كذلك إلى غاية قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس, وقد قالها يوما الراحل الرئيس ياسر عرفات ” فلسطين ليست أرض سائبة” فكل خطابات هذا الزعيم تتكلم عن القدس وقد رحل وبقيت القدس حرقة في قلبه, والجميع يشهد عن إعلانه قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس على أرض الشهداء الجزائر في 15 نوفمبر 1988 , وستقوم إن شاء الله هذه الدولة وعاصمتها القدس آجلا أو عاجلا.

بلخيري محمد الناصر