آثار الطلاق والخلع على الأبناء

د. سامية جبارة/ شهد المجتمع ارتفاعا ملحوظا في نسبة الطلاق وفي قضايا الخلع التي تنتهي بفك الرابطة الزوجية بين الزوجين، وغالبا ما ينتج انفصال الأبناء عن آبائهم بإلحاق الحضانة بوالدتهم، وكثيرا ما يتعرض الأبناء جراء هذا الانفصال لأزمات نفسية حادة تراودها حالات اكتئاب شديدة مما يجعل الأبناء يعانون طيلة حياتهم من عقد لا حصر لها. …

مارس 3, 2025 - 12:03
 0
آثار الطلاق  والخلع على الأبناء

د. سامية جبارة/

شهد المجتمع ارتفاعا ملحوظا في نسبة الطلاق وفي قضايا الخلع التي تنتهي بفك الرابطة الزوجية بين الزوجين، وغالبا ما ينتج انفصال الأبناء عن آبائهم بإلحاق الحضانة بوالدتهم، وكثيرا ما يتعرض الأبناء جراء هذا الانفصال لأزمات نفسية حادة تراودها حالات اكتئاب شديدة مما يجعل الأبناء يعانون طيلة حياتهم من عقد لا حصر لها.
وقد أُجريت دراسات مكثفة نفسية واجتماعية رصدت لنا أهم الآثار التي يسببها الطلاق على الأبناء، ومنها التأثيرات العاطفية، والنفسية، والاجتماعية.
أولا/ الآثار النفسية والعاطفية: ينتج عن انفصال الوالدين بعض الآثار النفسية والعاطفية التي يعاني منها الأبناء ومنها:
– الشعور بالحزن والأسى بسبب ذلك الانفصال وعدم التكيف معه وعدم تقبله.
– الشعور بالذنب أحيانا، وجلد الذات بسبب التفكير المتكرر في أسباب هذا الطلاق وعدم فهمها جيدا وتصورهم بأنهم سبب هذا الانفصال.
– فقدان الثقة في النفس وفي القدرات والتعرض للانتقادات.
– يولد الطلاق أو الخلع لدى الأبناء شعورا بالقلق والخوف من المستقبل والمجهول.
ثانيا/ الآثار الاجتماعية: يسبب الطلاق بعض التغيرات بالحالة الاجتماعية، وتؤثر سلبا على الأبناء ومن أهم هذه التأثيرات:
– تراجع المستوى المعيشي مما ينتج عنه عدم الاستقرار المادي.
– الانعزال الخارجي وصعوبة إنشاء علاقات صحية والحفاظ عليها أو الاستمرار فيها.
– ظهور مشاكل في التعامل مع الوالدين ومع الأفراد، خاصة فيما يخص التعاون والتضامن مع الآخرين ومع المحيطين بهم.
– تشتت أفراد الأسرة، مما يؤدي إلى انحراف وضياع الأبناء، خاصة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 9 إلى 18 سنة.
– عدم القدرة على التحكم في الأبناء في غياب الأب، خاصة إذا كان الأبناء في سن المراهقة ويصعب متابعتهم أو مراقبتهم من طرف الأم.
– مشاكل في السلوك، فيتولد عندهم سلوك عدواني تجاه الآخرين.
ثالثا/ التأثيرات على المستوى التعليمي: وكل هذه الآثار تنعكس سلبا على الحياة الدراسية للأبناء وعلى تحصيلهم العلمي فيعاني الأطفال من:
– صعوبة في التركيز وهذا له أثر سلبي على تحصيلهم الدراسي.
– عدم التأقلم مع المدارس الجديدة بعد طلاق الوالدين، وأماكن السكن والمحيط الجديد.
– التسيب المدرسي، والانقطاع عن الدراسة.

خلاصة
للطلاق آثار متباينة تختلف باختلاف الأطفال، وبحسب طبيعتهم ودرجة نضجهم، وبحسب أعمارهم، إلا أن إحصاء النتائج السلبية على حياتهم أكبر من النتائج الإيجابية التي يتمتع بها الوالدين بعد الطلاق، فمهما امتلك الوالدين القدرة على ترتيب أمورهما المعيشية، ومهما استقر الأبناء مع أحدهما إلا أنهم ضحايا هذا الطلاق، وتأثرهم به تنعكس على حياتهم بأسرها، لذلك من المهم أن يراعي كل من الوالدين أحوال الأبناء، وظروفهم، والعمل على الحفاظ على التماسك الأسري وذلك من خلال:
– التواصل واللقاء المستمر بالأبناء ومساعدتهم على تقبل حقيقة الطلاق وفهمها واستيعابها.
– وقوف الوالدين جنبا إلى جنب أمام أبنائهم في كل المواقف والظروف، لتوفير الراحة والطمأنينة الداخلية.
– توفير مستوى معيشي أفضل لهم، وتكثيف الاهتمام بهم وتلبية حاجاتهم المادية والمعنوية.
– التأكيد على احترام الوالدين لبعضهما خاصة أمام الأبناء، وعدم تشويه صورة أيٍ منهما للآخر أمامهم.
وتبقى مصلحة الأبناء فوق كل شيء، وعلى الوالدين مراعاتها وتقديمها على مصلحتيهما، كي يتحقق لهم الأمان والاستقرار ويدركون بعدها أنّ الطلاق ما هو إلا حل جاء بعد استحالة الحياة الزوجية بين والديهم، وهذا لن يمنع من متابعتهم ورعايتهم لأنّ الحفاظ على استقرار الأبناء بعد الطلاق ضرورة ومطلب لا بد منه، ولن يتأتى إلا مع الوعي والثقافة العميقة بعدم تحويل العلاقة بعد الطلاق إلى عداء يجني حصيلته الأبناء.