خارطة طريق الراشدين!

أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ الجواب عن الأسئلة المحيّرة للعقلاء هذه الأيام؛ وهم يرون طغيان الجبابرة وخيانة الحكام وتخلي القادرين وعجز المخلصين وضعف المؤمنين، وهم يرون ما يحلّ بإخوانهم وأخواتهم، وكيف تستلب بلدانهم. الجواب باختصار وبلاغة وإجمال في قوله تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو …

مارس 20, 2025 - 11:55
 0
خارطة طريق الراشدين!

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/

الجواب عن الأسئلة المحيّرة للعقلاء هذه الأيام؛ وهم يرون طغيان الجبابرة وخيانة الحكام وتخلي القادرين وعجز المخلصين وضعف المؤمنين، وهم يرون ما يحلّ بإخوانهم وأخواتهم، وكيف تستلب بلدانهم.

الجواب باختصار وبلاغة وإجمال في قوله تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)
وفي قوله -صلى الله عليه وسلم -: «ما تركَ قومٌ الجِهادَ إلَّا عَمَّهُمُ اللهُ بِالعذابِ».
فليس إلاّ سنة التدافع، فقوّة الظلم لا يدفعها إلاّ قوّة الحق، فعلينا جميعًا الاستعداد والتخطيط وتربية الأجيال على الأخذ بكلّ أسباب القوّة الماديّة والمعنويّة (قوّة الساعد، قوّة العلم، قوّة الخلق، قوّة التآلف، قوّة التخطيط، قوّة الوعي) ولنستعدّ للمواجهة مع أعدائنا وما هو قادم نحونا قبل أن نفاجأ بما نراه الآن نازلاً بإخواننا، وقبل أن نموت فنقف بين يدي ربنا فيسألنا عمّا كان يجب علينا نحو أمتنا.
ولنزهد في الدنيا وبهرجها الزائل فهي إلى زوال كما ترون بأعينكم، ولنتهيأ للتضحيات وللجهاد، ولنُرَبِّ أنفسنا وأبناءنا عليه وعلى حبه والشوق إلى الشهادة، فإنّ من طلب الشيء الغالي لم يسترخص الثمن العالي.
ولا يصرفنا عن هذه الحقائق التوظيف السيئ لها من طرف شذاذ الآفاق، أو التشويه المقصود لها من طرف وسائل الإعلام الخائنة، فإنّ الحقّ حقٌّ ولو خالفه أهل الأرض جميعًا. والنّصر مع الصبر ولو خان أهل الدنيا جميعًا.
فقوموا جميعًا قَومَة رجلٍ واحدٍ، وكلّ واحد يبدأ من الآن السير في طريق نصرة المستضعفين ورفع الضّيم عن المسلمين، وكلّ حسب قدرته، وحسب مكانه ومكانته، وحسب ما يناط برقبته.
– نبدأ أولًا بالعزم الصادق والنّية الحسنة.
– ثانيًا: نرفع أيدينا للمولى أن يهدينا لما ينبغي أن يفعل، وأن ييسره علينا، وأن يقبله منا.
– ثالثا: نترك فورًا المحرمات والانشغالات التافهة في حياتنا ونبدأ بالاهتمام بآخرتنا وما يرضي مولانا وبواقع أمتنا وما حلّ بها.
– رابعًا: التفكير الجاد في سبل خدمة الإسلام ونصرة الأمة -كلٌّ حسب ظروفه وقدراته وما هو متاح في واقعه – واستشارة أهل العلم ذوي القلوب الحيّة والمسلك الراشد، وكذا أصحاب التجارب والسبق، ثمّ العزم والتوكّل على الله والسير قدمًا نحو العزّ المنشود
– خامسًا: الالتزام بهذا الورد العملي النافع:
١- المحافظة على الصلاة في أوقاتها مع سننها وأذكارها، لضمان الثبات والهداية والتوفيق.
٢- المداومة على قراءة ورد من القرآن يوميًا، فما تقرب عبد لربّه بشيءٍ أحبّ إليه من كلامه.
٣- قراءة دائمة في الكتب الدعوية للعلماء العاملين الذين خدموا هذا الدين ومارسوا الدعوة إلى الله، والجهاد بأنواعه، حقًا وصدقًا، ولم يبيعوا دينهم بدنياهم، والاسترشاد بتوجيهاتهم الدعوية لضمان السلامة من الإفراط والتفريط، ومن الجهاد في غير ميدانه.
٤- الدعاء بأن يجعلنا الله أهلاً لكرامته، وأن يجري على أيدينا خيرًا لهذه الأمة، وليس أشرف من كرامة الشهادة في سبيل الله. ومن فضل الله علينا أنّه قد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم – قوله: «مَن سأَل الشَّهادَةَ بصِدقٍ، بلَّغه اللهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ مات على فِراشِه».
٥- ترك بعض النّفقات غير الواجبة في حياتك، وتوفير قيمتها لتصرف في مشاريع خدمة الإسلام وتفريج كربات المستضعفين. وهذا من الجهاد «انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»
٦- إنشاء جمعيات أو مؤسسات لخدمة المجتمع وتحقيق الفرائض الغائبة، أو مساعدة الموجود منها ودعمها ماديا ومعنويًا والإسهام في ترشيد مسارها، فخدمة المجتمع قوّة له، وقوّته قوّة للأمّة، وقوتها حصن حصين ضد الأعداء وجبروتهم.
٧- الإكثار من الاستغفار قبل ذلك وبعده وفي أثنائه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «مَن لزمَ الاستغفارَ جَعلَ اللهُ له من كلِّ همٍّ فرجًا، ومن كلِّ ضيقٍ مخرَجًا، ورزَقَه مِن حيثُ لا يحتَسبُ».
نسأل أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يلطف بهذه الأمة.