إيران تجنبت محاولة لهندسة انقلاب غير مباشر

مع دخول اليوم السادس للمواجهة بين إيران والاحتلال، قدّم الباحث الدكتور وليد عبد الحي قراءة تحليلية معمّقة للمشهد على مستوياته الثلاثة: المحلي، الإقليمي، والدولي، فضلًا عن الأداء الميداني للطرفين. وتحت عنوان “حتى الآن”، يستعرض عبد الحي تطورات الصراع واحتمالاته ضمن سيناريوهات محسوبة تنطلق من الواقع وترصد التحولات الجارية بدقة. بحسب الدكتور وليد عبد الحي، فإن […] The post إيران تجنبت محاولة لهندسة انقلاب غير مباشر appeared first on الشروق أونلاين.

يونيو 18, 2025 - 16:16
 0
إيران تجنبت محاولة لهندسة انقلاب غير مباشر

مع دخول اليوم السادس للمواجهة بين إيران والاحتلال، قدّم الباحث الدكتور وليد عبد الحي قراءة تحليلية معمّقة للمشهد على مستوياته الثلاثة: المحلي، الإقليمي، والدولي، فضلًا عن الأداء الميداني للطرفين.
وتحت عنوان “حتى الآن”، يستعرض عبد الحي تطورات الصراع واحتمالاته ضمن سيناريوهات محسوبة تنطلق من الواقع وترصد التحولات الجارية بدقة.
بحسب الدكتور وليد عبد الحي، فإن الضربة الصهيونية الأولى كانت تحمل في طياتها محاولة لهندسة “انقلاب غير مباشر” في الداخل الإيراني، من خلال اغتيال قادة الحرس الثوري والاستخبارات العسكرية، وتحريك قوى المعارضة الإيرانية بمختلف أطيافها، بما فيها جماعات كردية، وقومية، ويسارية، وسنية مسلحة، بالإضافة إلى إصلاحيين وشخصيات ملكية.
ويفترض عبد الحي أن هذا السيناريو كان يهدف إلى خلق حالة فوضى تؤدي إما لانهيار النظام الإيراني أو على الأقل إجباره على الانكفاء داخليًا. لكن قوة بنية النظام السياسي والعسكري الإيراني، وسرعة استجابته واحتوائه للضربة، حالت دون تحقيق هذا الهدف.
في المقابل، يلاحظ عبد الحي أن الهجوم كان له أثر داخلي معاكس فيدولة الاحتلال، حيث ساعد على التئام الصفوف السياسية خلف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأخمد مؤقتًا الخلافات العميقة داخل المؤسسة الإسرائيلية، لا سيما بعد تصاعد الدعوات قبيل المواجهة لحل الكنيست، ما كان سيؤدي إلى تغييب نتنياهو عن المشهد السياسي.
يرى الدكتور عبد الحي أن التوازن الإقليمي، من منظور رسمي، يميل لصالح إسرائيل. ويؤكد أن “الذرائعية والميكيافيلية العربية” حالت دون أي اصطفاف واضح مع إيران، بينما الأذرع الإقليمية الإيرانية مثل حزب الله والحشد الشعبي تراجعت فعاليتها تحت ضغوط داخلية وإقليمية، باستثناء جماعة “أنصار الله” في اليمن.
ويضيف أن العلاقات بين دولة الاحتلال مع دول مثل أذربيجان، والتي وصلت إلى مستوى التفاهم الاستراتيجي، تُعد عامل دعم مباشر للاحتلال في محيط إيران. أما باكستان وتركيا، فمواقفهما تتسم بالحذر والتوازن، إذ تتحرك إسلام آباد وفق معادلتها مع الهند، بينما تكتفي أنقرة بإشارات عاطفية موجهة لقاعدتها الداخلية دون اتخاذ مواقف ميدانية حاسمة.
ويُشير عبد الحي إلى أن الإدانات العربية الخجولة للهجمات الصهيونية لا تختلف كثيرًا عن مواقفهم التقليدية تجاه غزة، ما يعكس حالة من التواطؤ الضمني مع الموقف الغربي العام.
يُحلل عبد الحي المشهد الدولي بوضوح، مؤكدًا أن إسرائيل تتمتع بدعم أميركي غير مشروط، خاصة من التيار الترامبي. وتصريحات ترامب، التي تتراوح بين الدعوة لتغيير النظام الإيراني وتشجيع المواطنين الإيرانيين على الثورة، تخدم حربًا نفسية ممنهجة، وتُعزز موقف تل أبيب سياسيًا وعسكريًا.
في المقابل، يلاحظ عبد الحي أن شريكي إيران الاستراتيجيين – روسيا والصين – يتعاملان ببراغماتية واضحة. فروسيا، المنهمكة في أوكرانيا، قد تجد في أزمة مضيق هرمز فرصة اقتصادية لتعزيز أسعار النفط والضغط على أوروبا. أما الصين، فتحاول الموازنة بين انتقاداتها للاحتلال ومصالحها معها، خاصة في مجال التكنولوجيا ومشروعات الحزام والطريق، بالإضافة إلى استخدامها العلاقة مع إسرائيل كأداة لكسب بعض النفوذ داخل الدوائر الأميركية.
ويؤكد عبد الحي أن الاتحاد الأوروبي، رغم أنه أقل حدة من واشنطن، يتبنى فعليًا الموقف الأميركي في تحميل إيران المسؤولية، لا سيما فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
يختم الدكتور وليد عبد الحي تحليله بتقييم الأداء الميداني للطرفين، مشيرًا إلى أن إيران تملك قدرة أكبر على خوض حرب طويلة الأمد مقارنة بإسرائيل، نظرًا لتجربتها السابقة في حرب الثمان سنوات مع العراق، وسعة أراضيها، وكتلتها السكانية الكبيرة.
ومع ذلك، يرى عبد الحي أن مستوى “الجعجعة” الإعلامية يتفوق على الواقع العسكري الميداني لدى الطرفين، وإن كان يميل قليلًا لصالح الاحتلال. ويذكر أن التهديدات الصهيونية بالقضاء على النظام الإيراني لم تُترجم ميدانيًا بشكل كامل، تمامًا كما أن التهديدات الإيرانية جاءت مرتفعة الوتيرة لكنها محدودة التأثير، رغم إصابة أهداف حساسة مثل معهد وايزمان ومصفاة حيفا.
ويشيد عبد الحي بشفافية الجانب الإيراني نسبيًا في عرض نتائج الضربات، مقابل التعتيم الإسرائيلي الشديد على خسائره، وهو ما ينعكس – برأيه – في التضييق على الإعلام وحتى على مكاتب السفر، ما يشير إلى قلق إسرائيلي من احتمالات هجرة جماعية أو انهيار ثقة داخلية.
وفي ختام تحليله، يترك الدكتور وليد عبد الحي الباب مفتوحًا أمام تطورات المشهد، مؤكدًا أن ما تم رصده هو مجرد خلاصة أولية للمواجهة “حتى الآن”، على أن تكتب الفصول التالية لاحقًا، في ضوء ما ستسفر عنه الأيام القادمة.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post إيران تجنبت محاولة لهندسة انقلاب غير مباشر appeared first on الشروق أونلاين.