الأمن المائي!
البعيدون عن المفهوم الحقيقي للصراع الدولي الدائر منذ سنوات، والذين لا يملكون معطيات الحروب القادمة، سيجهلون بلا شك ذلك الصراع المحموم الذي تخوضه الجزائر في معركة المياه. كما أنهم لن يدركوا أن الحروب الدولية المقبلة ستنتقل من صراع النفط إلى صراع الماء، وهو الرهان القادم الذي إن لم تتحكم فيه الدول والمجتمعات، فسينتهي بها الأمر …

البعيدون عن المفهوم الحقيقي للصراع الدولي الدائر منذ سنوات، والذين لا يملكون معطيات الحروب القادمة، سيجهلون بلا شك ذلك الصراع المحموم الذي تخوضه الجزائر في معركة المياه. كما أنهم لن يدركوا أن الحروب الدولية المقبلة ستنتقل من صراع النفط إلى صراع الماء، وهو الرهان القادم الذي إن لم تتحكم فيه الدول والمجتمعات، فسينتهي بها الأمر إلى الانهيار. فالمستقبل لا يحمل حروبًا حول آبار النفط، بل حروبًا حول مخزون المياه، ومن تمكن من تأمين موارده المائية، فقد نجح في تفادي حلقة العطش القادمة.
إن اهتمام الجزائر بمشاريع تحلية مياه البحر، وإنفاق المليارات من الثروات لتجسيدها، بدءًا من وهران إلى تيبازة، ومؤخرًا في بومرداس، ناهيك عن بقية الولايات الساحلية، ليس أمرًا اعتباطيًا، بل هو استراتيجية أمنية بحتة قبل أن يكون مجرد مشروع خدماتي. ذلك لأن الجزائر استوعبت بعمق المتغيرات الجذرية القادمة، فاستبقت الأخطار لتؤمن مواردها المائية وتحمي نفسها من الصراع المائي المحتمل.
رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال تدشينه لمحطة تحلية المياه في بومرداس، وبعد تدشينه لمحطتي وهران وتيبازة، أوصل رسالة واضحة للداخل والخارج، مفادها أن الجزائر تعرف جيدًا كيف تدير رهاناتها الاستراتيجية، وأن مشاريعها التنموية ليست وليدة الظروف المؤقتة، بل ثمرة مخططات مدروسة بعناية. كما أن هذه المشاريع ليست فقط للجيل الحالي، بل موجهة للأجيال القادمة. ومن هنا، فإن رسالة الأمن المائي واضحة: نحن نستعد للحرب القادمة… فهل وصلت الرسالة؟