الزكاة و ظاهرة التضخم

الشيخ نــور الدين رزيق/ هذا العام (1447هـ ) نصاب الزكاة 1.615.000دج بزيادة نحو 33٪ مقارنة بالعام الماضي حيث كان النصاب 1.105.000 دج والذي يعني بلغة المؤشر الاقتصادي زيادة في معدل التضخم. فهل من مراجعة للقاعدة الذهبية في تحديد نصاب الزكاة والرجوع الى القاعدة الفضية كما رجحه كثير من أهل العلم ، وذلك لتوسعة حجم الكتلة …

يوليو 8, 2025 - 12:39
 0
الزكاة و ظاهرة التضخم

الشيخ نــور الدين رزيق/

هذا العام (1447هـ ) نصاب الزكاة 1.615.000دج بزيادة نحو 33٪ مقارنة بالعام الماضي حيث كان النصاب 1.105.000 دج والذي يعني بلغة المؤشر الاقتصادي زيادة في معدل التضخم.
فهل من مراجعة للقاعدة الذهبية في تحديد نصاب الزكاة والرجوع الى القاعدة الفضية كما رجحه كثير من أهل العلم ، وذلك لتوسعة حجم الكتلة المشاركة في الزكاة وبالتالي ترشيد معدل الإستهلاك في المجتمع والذي يؤدي إلى رفع الإنتاج والذي يعني وفرة السلعة ينتج عنه الحد من التضخم.
التضخم مصطلح اقتصادي يشير إلى الزيادة المستمرة في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات في الاقتصاد خلال فترة زمنية معينة.
– الزكاة بإمكاناتها المختلفة يمكن أن تساهم في الحد من التضخم وذلك بامتصاص فائض الطلب، وفي مجال ترشيد الإنفاق، وفي مجال تشجيع الادخار والاستثمار، كما تعالج بعض أثار السلبية للتضخم كتوزيع الدخل والثروة المختلفة التي تقبل التزايد والنماء مع إرتفاع الأسعار وظهور التضخم، حيث تدفع إلى الطبقات الفقيرة التي يعتصرها التضخم.
– وقع شبه إجماع لعلماء الإقتصاد الوضعي على أن من المسببات الرئيسية للتضخم: ازدياد معدل الإنفاق الحكومي الذي يعتبر من المكونات الرئيسية في الطلب الفائض.
فالعلاج الناجح للتضخم هو خفض نفقات الحكومة لأنها مضخمة لإيجاد القوة الشرائية في السوق.
فالزكاة ليست موردا لتغذية الإنفاق الحكومي ذلك أن مصاريفها محددة بنص القران الكريم والحديث النبوي الشريف فلا يجوز صرفها في بناء القناطر والسقايات وإصلاح الطرقات وبناء السدود وتكفين الموتى وما إلى ذلك، كما افتى الفقهاء.
– أهم نسبة من مكونات الطلب الكلي يأخذها الاستهلاك الخاص أو العائلي الذي بدوره إذا خفضت نسبته سيؤثر على معدل نمو الإنفاق الكلي، حيث أن الزكاة تؤدي إلى زيادة الإنفاق الكلي على الاستهلاك الفردي أو العائلي أو على الإنفاق الحكومي.
وقد وضعت افتراضات مسلم بها بأن: معدل الاستهلاك عند ذوي الدخول المنخفضة أعلى منه عند الأغنياء، مما يؤثر في الحجم الكلي للاستهلاك. وليس هذا بصحيح على الإطلاق. إذ ليس من الضروري أن تؤدي فريضة الزكاة إلى زيادة حجم الاستهلاك الكلي في المجتمع.
كما لا نسلم بان الزكاة تزيد من حجم الاستهلاك العائلي لان الفئات المستحقة للزكاة فئات قليلة بالنسبة للمجتمع الإسلامي، بل دلت بعض الفترات من تاريخه المجيد على نفاذ هذه الطبقة الاجتماعية ولا يمكن ان نجزم بان كل الفئات المستحقة الزكاة من الأصناف الثمانية فقراء (العاملون عليها – المؤلفة قلوبهم …) وكما يقول علماء الاقتصاد؛ وعلى فرض أن نسبة الفقراء زادت في المجتمع المسلم فإنها لا تشكل زيادة في الاستهلاك الكلي لسببين:
أ- لأن إنفاق هذه الفئات على الاستهلاك حتما سيكون على السلع الضرورية والأساسية وهذا يعني زيادة إنتاج الضروريات في المجتمع مما يشكل نوعا من الاستقرار الاقتصادي.
ب- أن بعض أنواع الزكاة – كالثروة الحيوانية والزرع- تدفع في شكل سلع عينية وهذا من شأنه يقلل من الإنفاق على الاستهلاك، ويحفظ القدرة الشرائية للطبقات المستحقة لها من التدهور.
– من هنا فإن الزكاة لا تساهم في زيادة الاستهلاك الخاص، بل تؤدي إلى تخفيض الإنفاق إلى الاستهلاك مما يحد من الموجات التضخمية.
– أثر الزكاة على الادخار والاستثمار:
من المعلوم أن الميل للاستهلاك + الميل للادخار = 1
فزيادة الميل الثاني يكون بالضرورة على حساب الميل الأول، وقد توصلنا إلى أن الزكاة لا تساهم في زيادة الاستهلاك، والإسلام تحث تعاليمه على زيادة الإنتاج وعلى ترشيد الاستهلاك مما يعني وجود فائض لدى الأفراد، وقد حرمت شريعة الإسلام الاكتناز، مما يعني ذلك أن ما يتم إدخاىه يتجه إلى الاستثمار وذلك أن الله تعالى اخضع هذا المال لفريضة الزكاة % 2,5 سنويا وقال صلى الله عليه وسلم «تاجروا في مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة» فكانت دعوة ووصية باستثمار مال اليتيم.
كما أن الزكاة تجعل المنتجين يستمرون في الاستثمار حتى ولو حدثت لهم خسارة في الإنتاج مادامت هذه الخسارة تقل عن نسبة الزكاة المفروضة، وهذه الزيادة في الاستثمار تعني زيادة في المعروض السلعي والخدمي ويعني ذلك زيادة في سوق العمل والدخل مما تؤدي إلى زيادة في الاستهلاك ونصل إلى نوع من الاستقرار بين التيار النقدي والتيار السلعي الذي يحفظ النشاط الاقتصادي من الموجات التضخمية.
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.