الشروع في اعتماد الوكلاء الجمركيّين من جديد

كشف وزير المالية، عبد الكريم بو الزرد، عن التحضير لمرسوم تنفيذي جديد يُعيد تنظيم شروط ممارسة مهنة وكيل جمركي في الجزائر، ويضع حدا لحالة الجمود التي تعرفها طلبات الاعتماد منذ سنوات، مع العلم أن المرسوم، الذي يوجد قيد الدراسة بالأمانة العامة للحكومة، يُرتقب أن يُحدث قفزة نوعية في تنظيم المهنة وفق معايير جديدة أكثر صرامة وكفاءة.
وفي السياق، شرعت وزارة المالية بالتنسيق مع إدارة الجمارك الجزائرية في إعادة ضبط شروط ممارسة مهنة وكيل جمركي، عبر مشروع مرسوم تنفيذي جديد يُنتظر صدوره بعد استكمال مراجعته على مستوى مصالح الأمانة العامة للحكومة.
وجاء في رد مكتوب لوزير المالية عبد الكريم بو الزرد، على سؤال النائب بالمجلس الشعبي الوطني الطاهر بن علي، اطلعت عليه “الشروق”، أن الوزارة أعدت مشروع نص تعديلي للمرسوم التنفيذي رقم 10-288 المؤرخ في 14 نوفمبر 2010، المتعلق بالأشخاص المؤهلين للتصريح المفصل للبضائع، مشيرا إلى أن دراسة طلبات الاعتماد الجديدة ستتم وفقا لأحكام هذا النص بعد دخوله حيّز التنفيذ.
في المقابل، كشفت مصادر “الشروق” أن المديرية العامة للجمارك تحوز حاليا أكثر من 350 طلب اعتماد مجمّد من قبل مترشحين حاصلين على شهادة وكيل جمركي، في انتظار صدور المرسوم التنفيذي الجديد الذي سيُحدد بوضوح الشروط الجديدة لمنح الاعتماد.
وتتجه التعديلات الجديدة نحو تشديد المعايير وجعلها أكثر كفاءة، حيث يشترط على المترشحين أن يكونوا قد شغلوا رتبة مفتش رئيسي فما فوق، وأن تكون لهم خبرة ميدانية فعلية في مجال العمليات التجارية، كما يُتاح لأولئك المتوفّرين على مستوى جامعي في تخصصات كالقانون أو المالية أو الاقتصاد، الخضوع لمسابقة وطنية تنظَّم على مستوى مدارس الجمارك عبر التراب الوطني، تُحدد من خلالها الكيفيات والمعايير بدقة.
ويُشترط على المترشحين من سلك الجمارك، على غرار المصرّحين الرئيسيين، إثبات خبرة مهنية لا تقل عن 15 سنة في المجال، إلى جانب الانخراط في الضمان الاجتماعي والنشاط الفعلي كمصرّح جمركي، ويتم التحضير حاليا لمشروع المرسوم الجديد لأن الممارسين القدامى يتناقص عددهم تلقائيا، لاسيما خروج عدد كبير من المعتمدين سنوات التسعينات إلى التقاعد اليوم، مع العلم أن الاعتماد شخصي ولا يمكن توريثه، وهو ما أدى إلى تناقص عدد ممارسي المهنة على مر السنوات في الجزائر.
وتشير التقديرات إلى وجود 890 وكيل جمركي معتمد على المستوى الوطني، لكن عدد الناشطين فعليا لا يتجاوز 600 وكيل، في حين أن الغالبية الباقية إما أوقفت نشاطها بسبب التقاعد أو التقدم في السن أو المرض، بل إن البعض منهم فارق الحياة، وهو ما يبرز الحاجة الملحّة إلى تجديد الشبكة المهنية وضخ كفاءات جديدة قادرة على التكيف مع الواقع الاقتصادي والرقابي الراهن، خاصة بعد اعتماد نظام رقمي جديد “ألساس”، والإجراءات الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والتي توليها السلطات الجزائرية أهمية كبرى.
وتندرج هذه التعديلات في سياق إصلاح شامل يهدف إلى ضمان احترافية المتدخلين في سلسلة التصريح الجمركي والتجارة الخارجية، خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية الكبرى، وما تفرضه الالتزامات الدولية للجزائر في مجال محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وتؤكد مصادر من داخل القطاع أن الظرف يتطلب كفاءات علمية وتقنية عالية قادرة على استيعاب إجراءات الرقابة الحديثة وأنظمة تتبع حركة رؤوس الأموال والبضائع “ألساس”، في إطار تحديث الإدارة الجمركية وضمان الشفافية والمهنية في منح الاعتمادات، بعيدا عن العشوائية أو الطابع الوراثي.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post الشروع في اعتماد الوكلاء الجمركيّين من جديد appeared first on الشروق أونلاين.