القاتل خطأ يرث من التركة ولا يرث من الدية والقاتل عمدا لايرث
الشيخ محمد مكركب أبران mohamed09aberan@gmail.com/ الفتوى رقم:787/ السؤال قال السائل: كنت أسوق سيارتي، وأخي راكب معي، فوقع لنا حادث بالسيارة، فمات إثره أخي، وسجلوا في تقرير الحادثة أن الوفاة بسبب خطأ فوق طاقتي، وأن الورثة حرموني من ميراث أخي، وسؤالي: هل يرث القاتل خطأ من مال المقتول؟ وما ذا يترتب على قتل الخطأ؟ الجواب بسم …

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/
الفتوى رقم:787/
السؤال
قال السائل: كنت أسوق سيارتي، وأخي راكب معي، فوقع لنا حادث بالسيارة، فمات إثره أخي، وسجلوا في تقرير الحادثة أن الوفاة بسبب خطأ فوق طاقتي، وأن الورثة حرموني من ميراث أخي، وسؤالي: هل يرث القاتل خطأ من مال المقتول؟ وما ذا يترتب على قتل الخطأ؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: القاتل خطأ يرث، من التركة ولا يرث من الدية: لأن القتل العمد هو الذي يكون من موانع الميراث، لا قتل الخطأ. لأن القاتل عمدا هو الذي حرم نفسه عندما تعمد قتل مورثه وكأنه بإقدامه على قتل المورث عمدا كأنما أتلف أو أهلك ميراثة عن عمد. أما القاتل خطأ، فلم تكن له إرادة قتل. وفي الاصطلاح: {القتل الخطأ عند الفقهاء هو ما وقع دون قصد الفعل والشخص} (الموسوعة الفقهية الكويتية:32/327) فلا يحاسب المؤمن على الخطأ. قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ (النساء:92) والمعنى: لا ينبغي لمؤمنٍ ولا يليق به أن يقتل مؤمناً إِلا على وجه الخطأ. فمعناه يمكن أن يقع المؤمن في خطأ فيقتل مؤمنا خطأ. وفي الحديث. عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ] (ابن ماجه:2043) وفي رواية عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: [إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه] (ابن ماجه:2045) وورد بصيغة [إن الله عز وجل عفا لهذه الأمة عن الخطإ، والنسيان، وما استكرهوا عليه] (المعجم الأوسط:2137) وورد بصيغة: [رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه] (ابن ماجة في باب الطلاق: 2043). وفي الشرح الكبير للشيخ الدردير، وحاشية الدسوقي، قال: {(كَمُخْطِئٍ) لَا يَرِثُ (مِنْ الدِّيَةِ) وَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ} (4/486) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قال السائل: وما ذا يترتب على قتل الخطأ؟ يترتب على قتل الخطأ ما بينه الله في القرآن بالتفصيل. ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (النساء:92) فمن قتل مؤمناً على وجه الخطأ فعليه إِعتاق رقبةٍ مؤمنة. لأن إِطلاقها من قيد الرق كإِحيائها، وعليه كذلك ديةٌ مؤداة إلى ورثة المقتول إِلا إذا عفا الورثة عن القاتل فأسقطوا الدية. فقد أوجب الله تعالى على القتل الخطأ شيئين: الكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة في مال القاتل، ومن لم يجد الرقبة التي يحررها، يصوم شهرين متتابعين. والدية وهي مائةٌ من الإِبل على العاقلة. والدية يقدرها القاضي. والعاقلة:العصبة عند أصحاب الحديث وهم عند أصحاب الرأي: أصحاب القاتل يعقلون القتيل عن القاتل أي يدونه.والعقل هو الدية. وسُمِّيَت العَاقِلَةُ الَّتي تُؤَدِّي دِيَّةَ الخَطَأ كذلك، لأَنَّهَا إذَا فَعَلَتْ ذَلِك عَقَلَتْ عَنْ وَلِيّها تَبِعَة أَوْلِياءِ المَقْتُول. وفي قاموس شمس العلوم:
{(العاقلة هم: القوم تُقْسَمُ عليهم دية المقتول خطأً. قال مالك والشافعي: والعاقلة العصبة الذين يرثون إلَّا الأب والجد وإن علا وابن الابن وإن سفل فلا يدخلون في العاقلة. وإنما العاقلة الإخوة وبنوهم والأعمام وبنوهم. وقال أبو حنيفة: العاقلة هم أهل الديوان من جيش الإمام يجزيهم أحزاباً ويجعل على كل حزب عريفاً يقبض لهم الديوان فإن جنى أحدُ ذلك الجند فهم عاقلتُهُ، فإن لم يوجد أحد منهم رُجع إلى العصبات، وعنده الأب والابن يدخلان في العاقلة. واختلفوا في الجاني؛ هل يتحمل من العقل شيئاً أم لا؛ فقال الشافعي ومن وافقه: ليس عليه شيء.وقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والليث وابن شبرمة: الجاني كأحد العاقلة} (شمس العلوم: 7/4656) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.