جهاد خاتم النبيين وتبليغ القرآن للناس أجمعين

أ. محمد مكركب أبران نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/ إن أكبر جهاد يقوم به الرسل عليهم الصلاة والسلام، هو بذل جهدهم في تبليغ الوحي إلى الناس، ومن خلال قيامهم بالتبليغ ودعوة الناس إلى الإسلام، يلاقون ما يلاقون من الصد والتكذيب والإيذاء، والتشكيك والافتراء، ومن الرسل من أولي العزم محمد خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام. …

سبتمبر 22, 2025 - 13:23
 0
جهاد خاتم النبيين وتبليغ القرآن للناس أجمعين

أ. محمد مكركب أبران نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

إن أكبر جهاد يقوم به الرسل عليهم الصلاة والسلام، هو بذل جهدهم في تبليغ الوحي إلى الناس، ومن خلال قيامهم بالتبليغ ودعوة الناس إلى الإسلام، يلاقون ما يلاقون من الصد والتكذيب والإيذاء، والتشكيك والافتراء، ومن الرسل من أولي العزم محمد خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام. الذي قال له ربه عز وجل:
فجاهد بالتبليغ والتعليم والتزكية، وعندما تساءل بعض الناس الجاهلين أمر الدين، وقالوا: لماذا لا يدعهم في شأنهم، كما كانوا على الجاهلية الجهلاء والفوضى الحمقاء، قال لهم بما أمره ربه سبحانه: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ والمعنى: وأوحي إليّ هذا القرآنُ لأنذركم به يا أهل مكة، وأنذر به كل من بلغه القرآن، من العرب والعجم إِلى يوم القيامة. ولَمَّا كان الرسول يجد عقبات وفتنا كثيرة في طريق الدعوة من قبل المشركين والكافرين والمنافقين، أخبره الله سبحانه وتعالى، بأن إخراج الناس من الجاهلية إلى الإسلام بتبليغهم القرآن، وتصحيح المفاهيم، وإفراغهم من عُقد العصبيات، ومن تقاليد الآباء في الوثنيات، وملء قلوبهم بالإيمان بالآيات، وبحب الله الخالق وحب رسوله محمد بن عبد الله، ثم حب المؤمنين والمؤمنات، أخبر بأن هذا التبليغ جهاد، وأي جهاد؟ إنه الجهاد الأكبر. قال الله تعالى:
﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً﴾ والمعنى: لو أردنا لخففنا عنك أعباء النبوة يا محمد فبعثنا في كل أهل قرية نبياً ينذرهم، ولكنا خصصناك وحدك بالبعثة إلى جميع أهل الأرض إِجلالاً لك، وتعظيماً لشأنك، فقابل هذا الإِجلال بالثبات والاجتهاد في الدعوة وإِظهار الحق، وإذن.
﴿فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً﴾ لا تطع الكافرين فيما يدعونك إِليه من الكفّ عن آلهتهم، وجاهدهم بالقرآن جهاداً كبيراً بالغاً بلا فتور، ولامداهنة ولا قصور. والجهاد بالقرآن: تَدَبُّرُهُ، والعمل به، وتعليمه، والدعوة إليه، والتخلق بأخلاقه، والواجب على أولي الأمر بناءُ كل القوانين والنظم والعلاقات والعقود والتجارات والخدمات على أحكام شريعة القرآن، وإلزامُ الرعية باتباعه، وجعله المادة التعليمية الأولى في مناهج التربية والتعليم.
فماذا قال الله عز وجل للرسول محمد عليه الصلاة والسلام؟ قال له: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ (الكافرون:1،2) قل يا محمد لهؤلاء الكفار الذين يدعونك إِلى عبادة الأوثان والأحجار {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} أي لا أعبد هذه الأصنام والأوثان التي تعبدونها، فأنا برىءٌ من آلهتكم ومعبوداتكم. وكان هذا من بداية الدعوة إلى الإسلام، وفيه بيان حقيقة كبرى من حقائق الدين، وهي: أن المسلمين الذين أسلموا، لا يخلطون مع الإسلام أي طقوس من تقاليد وأهواء الكافرين مهما كانت، قال الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا. وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا. وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا.﴾ (الأحزاب:1 ـ 3) هذا هو الجانب الكبير في السيرة النبوية، فليست السيرة النبوية محصورة في الغزوات الجهادية، وإنما السيرة النبوية في الدعوة والتبليغ والتزكية والتعليم، وما كانت الغزوات إلا وسيلة وطريقة للدعوة والتبليغ.
﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ (النور:54) فيا أيها الناس، إن تتولّوْا وتُعرضوا عن طاعته، فاعلموا هذه الحقيقة الثانية، وهي: أن على الرسول ما كُلِّفَ به من تبليغ الرسالة، فهو صلى الله عليه وسلم مسؤول عن التبليغ. وعليكم أنتم أيها الناس جميعا، من تاريخ البعثة، من سنة: 610 للميلاد وإلى يوم القيامة، فالواجب عليكم هو ما كُلفتم به من السمع والطاعة، بأن تتبعوا الكتاب الذي أنزله الله إليه، وأن تتبعوا سنته التي سنها لكم. ومن سنته: أن تصلوا كما كان يصلي، وأن تُزكوا كما علم الناس الزكاة، وأن تصوموا كما صام هو صلى الله عليه وسلم، وصام الصحابة معه، وأن يكون حجكم بالمناسك التي علمها للصحابة، وأن تحلوا ما أحله الله عز وجل، وأن تحرموا ما حرم الله سبحانه.
ثم ما ذا قال الله تبارك وتعالى، لرسوله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.؟ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا..﴾ (الأعراف:158) هذا بيان لعموم رسالته صلى الله عليه وسلّم لجميع الخلق أي قل يا محمد للناس إني رسولٌ من عند الله إلى جميع أهل الأرض. وهذه هي الحقيقة الثالثة الكبرى. وهي: أن رسالة محمد خاتم النبيين هي رسالة عالمية للناس جميعا، وأن شريعة القرآن ملزمة لكل الناس، وأنها دائمة، وشاملة، وكاملة، وواضحة، وعادلة، وهي أي الشريعة رحمة كلها وخير كلها.
وأمر الله رسوله بأن يبلغ لأهل الكتاب وأن يخصهم بالخطاب لكي لا يغتروا بأنفسهم، ولكي لا يظن بعضهم بأنهم غير معنيين برسالة خاتم النبيين. فقال له: قل لهم: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران:64) هذه الآية بيان لأهل الكتاب، وأنه لا حجة لهم في البقاء على التوراة والإنجيل، بل لابد من اتباع القرآن الكريم، فيا أيها المسلمون، إن قالوا لكم: إنهم يَتَّبِعون إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأرادوا المداهنة والمصانعة والمراوغة كأن يقولوا: تعالوا لنجتمع على دين إبراهيم، فقولوا لهم ما قاله الله سبحانه: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (آل عمران:67) قولوا لهم إن إبراهيم، بنى الكعبة للطائفين والعاكفين، وأذَّن في الناس بالحج، بأمر الله رب العالمين، فتعالوا لنحج البيت الذي بناه إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
إن أهل الكتاب يحقدون على المسلمين، ويودون أن يكفر الناس برب الناس، وهم بحسدهم ومكرهم يحاربون الإسلام والمسلمين.
﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ (المائدة:59)
أمر الله محمدا عليه الصلاة والسلام، بأن يقول: يا معشر اليهود والنصارى هل تعيبون علينا وتنكرون منا
﴿إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بالله وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ﴾ هل تعيبون علينا إِلا إِيماننا بالله وبما جاء به رسل الله؟ ما هذا؟؟ فأنتم يا معشر اليهود والنصارى الذين لم يدخلوا في دين الله، هل الذي يمنعكم من اتباع الرسول محمد خاتم النبيين هو لأننا مؤمنون؟ أهذا هو مستوى عقولكم؟