الكيّ عندما لا تنفع “العزيمة”
المحاولات اليائسة لحكومة عاجزة عن ليّ يد الجزائر من الخارج وبأياد خفية من الداخل، باتت اليوم أعجز عن أن تحرِّك عميلا، فضلا عن شعب. المنابع المجففة للعمل التخريبي التي تقوم به المصالح المرتبطة بالنظام الاستعماري، والتي طالما وظفتها وحرّكتها في ظروف تاريخية محددة مع الجزائر، بعد أن ظلت تعمل في العلن كما في الخفاء لعقود، […] The post الكيّ عندما لا تنفع “العزيمة” appeared first on الشروق أونلاين.


المحاولات اليائسة لحكومة عاجزة عن ليّ يد الجزائر من الخارج وبأياد خفية من الداخل، باتت اليوم أعجز عن أن تحرِّك عميلا، فضلا عن شعب.
المنابع المجففة للعمل التخريبي التي تقوم به المصالح المرتبطة بالنظام الاستعماري، والتي طالما وظفتها وحرّكتها في ظروف تاريخية محددة مع الجزائر، بعد أن ظلت تعمل في العلن كما في الخفاء لعقود، يبدو أنه لم يعد بإمكانها التحرك كما في السابق، وإن كانت جذورها وفروعها الذابلة لا تزال تشتغل بمرارة ولم تيأس يوما، وهي اليائسة من حالة تهوُّر ساستها ومهندسيها في باريس، ثم في عواصم معادية معروفة للأسف، بعضها عربي وحتى جار، بالمناسبة.
ما حاولت وما ستحاول القيام به عبثا فرنسا مع الجزائر، لم يعُد يُحسب له حساب الخسارة، بل وفقط حساب الربح هنا في الجزائر، فـ”خسارة الربح مع رابح، أهون من ربح الخسارة مع بورابح”.
اليوم، لم تعد الجزائر تكترث لفقدان شريك غير موثوق، شريك يريد أن يستحوذ على الشركة ليصبح “لا شريك له”، وهي الصيغة التي حاولت فرنسا أن تتّبعها مع الجزائر منذ أواخر عهد الدايات وليس فقط خلال احتلالها للبلد وما بعد الاستقلال. سياسة فرنسا بشأن الجزائر، بدأت من “باب عال” منذ أوائل القرن الـ19 عندما استحوذت على الباستيون وشركات امتياز المرجان وتجارة اليهود الليفونيين ودعمهم للثورة الفرنسية في عزِّ الفوضى وقلة المؤن التي أنتجتها أحداث ما بعد الباستيل وما قبله، ثم في عهد حملة نابليون على مصر. كان يهود ليفورن ممثلين في شركة بوشناق وبكري يؤمِّنون حملة نابليون على مصر ويموِّلونها ويجوِّعون أبناء البلد هنا في الجزائر رغم جفاف قاس دام سنوات طوالا.
فرنسا كانت دائما ما تتعامل مع الجزائر باعتبارها إرثا تاريخيا وكنزا مفقودا لا بدَّ من استرجاعه يوما بأي شكل من الأشكال. حاولت مرارا ونجحت تكرارا، لكن ذلك لم يكن دائما، بل كان وليد حالات وأوضاع ومكائد ودسائس وأحيانا تواطؤ وعمالة، سرعان ما اتّضحت جذورها وفروعها وأهدافها، فكانت التحركات نحو لجم ذلك المدّ وتلك القوى النافذة. لم يكن الأمر سهلا بسبب تعقيدات الأوضاع السياسية والاقتصادية، لكن مع نهاية حراك 2019، انكشفت الأمور كلها وبدا نصف جذور الشجرة عاريا أمام إصرار البلد على اجتثاث جذور الفساد الذي ينخر جذر الشجرة وجذوعها وحتى فروعها.
بدأت التحركات نحو إعادة تقييم العلاقات الاقتصادية الجزائرية الفرنسية ثم الجزائرية الأوربية كل على حدة أو على شكل حوارات ثنائية مع معظم الدول الأوربية، ونجح العمل مع معظم هذه البلدان، إلا بلد واحد، هو منشأ الاستعمار وعاصمة جن الاستغلال وشيطان الغواية.
ربحت الجزائر علاقات مميزة مع عدة دول أوربية وهي اليوم بصدد تطويرها باستمرار عبر ربط علاقات ثنائية ودّية وحتى استراتيجية بعضها مع بعض، في حين نوّعت علاقاتها الاقتصادية مع عدة محاور شرقا وغربا، غير منحازة لأحد وغير معادية لأحد إلا من عاداها وعادى مبادئها ومواقفها المساندة لقوى التحرُّر العالمي والوطني والاستقلال ورفض التبعية والاستغلال والاستيطان والاستعمار بكل أشكاله.
ما تقوم به الجزائر حاليًّا، هو العمل على رصِّ الصفوف الداخلية حتى لا يتخلل عبر شقوقها عامل خلل، قد يستغله العدو الخارجي مع الداخل، وتجفيف منابع الخيانة والعمالة للخارج من الداخل والتكفُّل باجتثاث الخلايا الجذعية السامة الدخيلة والعاملة على أرض الوطن، في حين تعزز قوتها التنموية المستقلة واقتصادها المتنوِّع بعيدا عن زمر الفساد وعصب النزيف المالي.. هو عمل ليس سهلا، ولكنه ليس مستحيلا أيضا.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post الكيّ عندما لا تنفع “العزيمة” appeared first on الشروق أونلاين.