الهجرة النبوية أَسَّست للوحدة الوطنية

الشيخ نــور الدين رزيق/ من أدبيات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية في الحفاظ على الهوية الجزائرية وصد الأخطار الخارجية، وتعتبرها أساسًا لتحقيق النهضة والإصلاح في المجتمع الجزائري. كما تدعو إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات من أجل مواجهة التحديات المختلفة، سواء كانت استعمارية أو فكرية. تعتبر الوحدة الوطنية محورًا أساسيًا في فكر …

يونيو 24, 2025 - 15:40
 0
الهجرة النبوية أَسَّست للوحدة الوطنية

الشيخ نــور الدين رزيق/

من أدبيات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية في الحفاظ على الهوية الجزائرية وصد الأخطار الخارجية، وتعتبرها أساسًا لتحقيق النهضة والإصلاح في المجتمع الجزائري. كما تدعو إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات من أجل مواجهة التحديات المختلفة، سواء كانت استعمارية أو فكرية.
تعتبر الوحدة الوطنية محورًا أساسيًا في فكر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حيث تسعى إلى تحقيق تماسك المجتمع الجزائري ووحدة صفه في مواجهة التحديات المختلفة.
شعارات الجمعية التي تعكس هذا المفهوم:
«الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا»:
الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله له نظرة متميزة بالنسبة إلى السيرة النبوية و ربطها بالواقع الجزائري وهي قليلة ومركزة في مقالاته، «عيون البصائر» و«في قلب المعركة» لكنها غنية ومتميزة ولم ينح رحمه الله تعالى نحو الكتابة التاريخية المعهودة المعتمدة على نقل الوقائع والأحداث.
والذي يقرأ للرجل يعرف عقليته الميالية إلى التحليل وقراءة الأبعاد. يقول رحمه الله تعالى (عيون البصائر ص528): «مازلت منذ درست السيرة بعقلي أقف في بعض مقاماتها على ساحل بحر لجي من العبر والمثلات».
فكان تركيزه على الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة وهي تمثل الهروب من الباطل والنجاة بالنفس والعقيدة وربطها بالواقع الجزائري. وغزوة بدر تمثل الانتقال من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة.
فتح مكة تنفيذ لوعد الله تعالى بالرجوع إليها بعد الخروج منها مضطرين وقد دخلها صلى الله عليه وسلم رحيما بأهلها وبتواضع وأبرز الشيخ الجانب الإنساني في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم. «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة بتأسيس الدولة لتبليغ رسالة الاسلام:لا اله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما هي أسس هذه الدولة:
1- بناء المسجد
2- المؤاخاة
3- الوثيقة (الدستور).
ما أحوجنا اليوم في ظل هذه الصراعات الفكرية والنّعرات الطائفية والعرقية بين أبناء المجتمع الواحد لهذا الأنموذج، قال تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقال سبحانه {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} وقد روى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِيِ صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ»، وروى البخاري (13)، ومسلم (45) عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، والترمذي والحاكم و البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ إلى النار».
فبناء المسجد لتقوية الصلة بالله تعالى وفيه تعالج قضايا الأمة و العصر.
والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار تقوية الجبهة الوطنية الداخلية.
والدستور وهو أول وثيقة تعرفها البشرية، تبرم بين المسلمين وغير المسلمين، حددت حقوق كل أمة متساوة في المواطنة، وقد جعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حقوق أهل الذمة: وجد عمر بن الخطاب شيخا غير مسلم يسأل الناس؟ فقال له ما دعاك لهذا؟ فقال: الجزية و الحاجة والسن، فقال عمر: أكلنا شبيبته نخذِّله عند الهرم فأعطاه من بيت مال المسلمين، نقلها ابن القيم في أحكام أهل الذِّمة.
فكلّ من دعا إلى طائفية وعصبية فهو يخدم اعداء الأمة، فعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا» رواه البخاري والترمذي واحمد.
فالوحدة الوطنية فريضة شرعية قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [104/ال عمران].
وقال جلّ في علاه ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة/2].
عن عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم – يقول: «إنه ستكون هنّات وهنّات فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسّيف كائنا من كان) رواه مسلم،فهذا الحديث يوصي بالحرص على اجتماع الكلمة ووحدة الصف، ونبذ الفرقة، وفي سبيل تحقيق ذلك يسد الطريق أمام كل ما من شأنه أن يمزق كيان هذه الأمة، ويفرق شملها.
اللهم اجمع شملنا ووحد صفوفنا وانصرنا على من ظلمنا.