اليوم الثاني من فعاليات مهرجان بجاية الدولي 14 للمسرح

من الرواية إلى الخشبة حينما يتحول الوجع إلى قصيدة ركحية شهد اليوم الثاني من فعاليات المهرجان الدولي الرابع عشر (14) للمسرح ببجاية أجواء فنية وثقافية ثرية، حيث قُدم العرض المسرحي الموريتاني “ديبة” من إخراج سلي عبد المفتاح، ممثلاً لموريتانيا ضيف شرف هذه الدورة، إلى جانب عرض “ستانداب” الذي أضفى لمسة من التنوع والابتكار على البرنامج […] The post اليوم الثاني من فعاليات مهرجان بجاية الدولي 14 للمسرح appeared first on الجزائر الجديدة.

أكتوبر 12, 2025 - 16:14
 0
اليوم الثاني من فعاليات مهرجان بجاية الدولي 14 للمسرح

من الرواية إلى الخشبة حينما يتحول الوجع إلى قصيدة ركحية

شهد اليوم الثاني من فعاليات المهرجان الدولي الرابع عشر (14) للمسرح ببجاية أجواء فنية وثقافية ثرية، حيث قُدم العرض المسرحي الموريتاني “ديبة” من إخراج سلي عبد المفتاح، ممثلاً لموريتانيا ضيف شرف هذه الدورة، إلى جانب عرض “ستانداب” الذي أضفى لمسة من التنوع والابتكار على البرنامج من توقيع الخماسي خالد بن عيسى و فرقته. كما تميز اليوم بافتتاح الورشات التكوينية في التمثيل والإخراج المسرحي تحت إشراف الممثل والمخرج أكلي حلاف، وماستر كلاس حول الدراماتورجيا وكتابة السيناريو بإدارة الدكتور سماعيل سوفيت، إلى جانب عرض موجه للأطفال بعنوان “ثلوج” احتضنته دار الثقافة طاوس عمروش ببجاية، في إطار مواصلة المهرجان لأنشطته الهادفة إلى دعم الإبداع وتبادل الخبرات المسرحية بين مختلف الأجيال.

عرفت سهرة السبت 11 أكتوبر تقديم العرض الموريتاني الموسوم “ديبَه”، على ركح عبد المالك بوڨرموح، المقتبس عن رواية الأديب الموريتاني المختار السالم، في تكييف وإخراج للفنان سلي عبد الفتاح، ومن أداء مراد محمد. العرض حمل جمهور قاعة بوڨرموح إلى عوالم تمزج بين الحلم والذاكرة، بين الواقع والرمز، في تجربة مسرحية تنبض بالإنسان.

على امتداد 50 دقيقة، استطاعت المسرحية أن تنقل إلى الخشبة عمق الأدب الموريتاني المعاصر، من خلال نصٍّ يستنطق الذاكرة ويعرّي أوجاع مجتمع يتأرجح بين التحول والثبات. يقدّم المخرج سلي عبد الفتاح عملاً درامياً معاصراً تتقاطع فيه السيرة الفردية مع الجماعية، حيث يتحول البطل إلى مرآة لواقعٍ مثقل بالأسئلة والخذلان. ينهل النص من رمزية الناي المثقوب ومن عثرة الخطى في “نافلة الرحل” ليعيد رسم ملامح الإنسان الموريتاني العالق بين حنينه إلى الماضي ورغبته في الانعتاق من قيود الحاضر.

تميز العرض بلغة مسرحية مكثفة تجمع بين الواقعية الحادة والشاعرية العميقة، بين اللسان العربي الفصيح واللهجة الحسانية فتنفتح اللوحات الركحية على فضاءات تتداخل فيها الموسيقى بالصمت، والضوء بالظل، لتصوغ مشهداً إنسانياً تتقاطع فيه الذاكرة مع الألم. وقد نجح الفريق الفني في جعل النص الروائي ينبض حياة فوق الخشبة، مقدّماً للجمهور تجربة بصرية ووجدانية استثنائية تطرح سؤال الهوية والحرية في مواجهة قسوة التاريخ وتقلّبات الواقع. هكذا كانت “ديبَه” أكثر من عمل مسرحي حيث كانت مرآةً للإنسان حين يواجه ذاته بين سطور الذاكرة وأصداء الرحيل.

المخرج الموريتاني سلي عبد الفتاح: “ديبة” عرض يحمل رمزية عميقة ويُقدَّم لأول مرة في بجاية


أكد المخرج الموريتاني سلي عبد الفتاح أن مسرحية “ديبة”، التي أخرجها وشارك بها ضمن فعاليات المهرجان الدولي للمسرح ببجاية، تُعرض لأول مرة على الركح، وهي عمل جديد كلياً أُنجز خصيصاً لهذه التظاهرة، ويمتد على مدار خمسين (50) دقيقة، آملاً أن يكون قد ترك أثراً طيباً لدى الجمهور البجاوي المتذوق للمسرح. وأوضح أن العرض يقوم على حوار ممتع يجمع بين اللغة العربية الفصحى واللهجة الحسانية الموريتانية، ويضم شخصيتين تعيشان بين الحلم والواقع، تطمحان وتتوهمان ثم تنقلب مساراتهما في النهاية إلى مصير مغاير تماماً. وأشار المخرج إلى أن النص مستوحى من رواية الأديب الموريتاني المختار السالم “الذي ينفخ في الناي”، وهي عمل سردي غني بالعبر والرموز، حاول من خلالها أن يستخلص بعض المقاطع الجوهرية ليبني عليها رؤية مسرحية جديدة تجمع بين الشعرية والرمزية. وأضاف أن شخصيتي العمل “ناصر” و“يوبا”، أي “الأب”، تجسدان نماذج إنسانية مركبة وغامضة تعكس تعددية الوجوه داخل النفس البشرية. أما عنوان المسرحية “ديبة”، فيحمل بدوره رمزية ثقافية خاصة في الموروث الحساني، إذ يجمع بين شخصيتين أسطوريتين في الميثولوجيا الموريتانية هما “ديلول” المعروف بالحكمة والذكاء و“تيبا” الذي يرمز إلى السذاجة، ومن دمج الاسمين تولدت كلمة “ديبة” التي تعكس ثنائية العقل والبساطة، الحكمة والغباء، في شخصية واحدة، وهي فكرة أراد المخرج أن ينقلها إلى الجمهور الجزائري كرسالة فكرية وجمالية تُبرز عمق الثقافة الموريتانية وتنوعها المسرحي.

محمد عزيز: فخور بمشاركتي في مهرجان بجاية الدولي للمسرح واعتز بأن أؤدي على ركح بشتارزي

عبّر الممثل والمصور المسرحي الموريتاني محمد عزيز عن اعتزازه بالمشاركة في مهرجان بجاية الدولي للمسرح من خلال أدائه دور “ناصر” في مسرحية “ديبة”، مؤكداً أن حضوره إلى الجزائر هو دائماً مصدر سعادة وفخر بالنسبة له، لأنها بالنسبة إليه بلده الثاني بأهلها الطيبين وكرم ضيافتهم ومواقفهم الثابتة مع الحق. وأوضح أن هذه هي زيارته الثالثة للجزائر، إذ كانت الأولى سنة 2024 للمشاركة في احتفالية أول نوفمبر من خلال الملحمة الوطنية “روح الجزائر” للمخرج أحمد رزاڨ، أما الثانية فكانت زيارة قصيرة، في حين تمثل الثالثة محطة مميزة لكونها جاءت في إطار المهرجان الدولي للمسرح ببجاية، حيث لمس منذ وصوله إلى المطار دفء الاستقبال وحفاوة الضيافة. وأضاف أن فخره مضاعف هذه المرة لأن موريتانيا تحل ضيف شرف على هذه الطبعة من المهرجان، معتبراً أن مشاركته تشكل إضافة نوعية لمسيرته الفنية، خاصة وأن العرض سيُقدَّم أيضاً على خشبة المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشتارزي بالعاصمة، وهو ما يراه شرفاً كبيراً لكل فنان عربي. واعتبر عزيز أن المهرجان حدث ثقافي إيجابي يجمع بين أجيال مختلفة من الفنانين، ويمنح الشباب فرصة ثمينة للاحتكاك بالتجارب المسرحية الثرية. كما أشار إلى صداقاته المهنية مع عدد من المخرجين الجزائريين مثل أحمد رزاڨ وهارون الكيلاني ومحمد شرشالي، مؤكداً أن هناك مشاريع فنية موريتانية جزائرية مشتركة قيد التحضير. ويستعد محمد عزيز للمشاركة في السابع من نوفمبر المقبل بمدينة تندوف كفني إضاءة في عرض مونودرامي يقدمه أحد مواطنيه، كما يستعد لتصوير فيلم جديد للمخرج عبد الرحمان سيساكو بعنوان “الإخوة” في فرنسا مطلع نوفمبر 2025، مواصلاً بذلك مساره الفني المتنوع بين المسرح والسينما.

مراد محمد: أول تجربة لي في الجزائر وذكريات امسرحية من بجاية لا تنسى

أعرب الممثل الموريتاني مراد محمد عن سعادته الكبيرة بالمشاركة في مهرجان بجاية الدولي للمسرح، الذي يزوره لأول مرة إلى جانب زيارته الأولى للجزائر عموماً، حيث أدى خلال الفعاليات دور “يوبا” أو الأب في مسرحية “ديبة”. وأوضح مراد أن تفاعل الجمهور مع العرض كان مشجعاً رغم الصعوبات اللغوية التي واجهت بعض الحضور، إذ جاء النص بمزيج من العربية الفصحى واللهجة الموريتانية المحلية، ما قد شكّل حاجزاً جزئياً في الفهم والمتابعة، غير أن الجمهور ظل متفاعلاً حتى نهاية العرض، وهو ما اعتبره الممثل دليلاً على قوة الرسالة المسرحية وتأثيرها الإنساني. ويملك مراد محمد تجربة مسرحية غنية، إذ سبق أن شارك في مهرجان المسرح الصحراوي وفي تظاهرات مسرحية أخرى بتونس والأردن، كما يعمل مصوراً تلفزيونياً وساهم في تصوير عدد من الأفلام في نواكشوط، إضافة إلى عمله في إحدى القنوات المحلية. ويشغل حالياً منصباً في قسم المسرح بالمعهد الوطني للفنون بموريتانيا، ويستعد بنسبة كبيرة للمشاركة في مهرجان أدرار الدولي لمسرح الصحراء المقرر تنظيمه في ديسمبر المقبل، معبراً عن تطلعه لهذه التجربة التي يعتبرها امتداداً لعلاقته المتنامية مع المسرح الجزائري.

الستاند أب بين المسرح والواقع

خالد بن عيسى: نروي وجوه الحياة ونقتسم لحظات الجمال مع الجمهور 

أمتع الفنان خالد بن عيسى الجمهور رفقة زملائه ضمن عرض خماسي لفن “الستاند أب” احتضنته قاعة مراد زديري بدار الثقافة طاوس عمروش في بجاية، حيث نجحوا في نقل الحضور إلى عوالم يومية نابضة بالحياة من خلال أسلوب بسيط مباشر يجمع بين السخرية والتأمل. وأوضح بن عيسى أن “الستاند أب” يُعد تجربة فنية خاصة، يختلف حولها النقاد بين من يعتبرها مسرحًا ومن يراها نوعًا قائمًا بذاته، مشيرًا إلى أن هذا الفن وُلد في حفلات الجاز بالولايات المتحدة، حين كان الفنانون يقدمون فواصل حوارية بين الأغاني يحكون فيها قصصًا اجتماعية وإنسانية. وأضاف أن الفرق الجوهري بين المسرح والستاند أب يكمن في غياب النص الثابت والديكور والشخوص، إذ لا جدار رابع ولا أول، بل تواصل مباشر مع الجمهور عبر الميكروفون وحده. وشارك بن عيسى في المهرجان الدولي للمسرح ببجاية إلى جانب زملائه مراد بن ناصر، خليفة BMK، جاست إيناس، وفارس بركات، وهم فنانون سبق أن شاركوا في تظاهرات مماثلة بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشتارزي ضمن عروض مخصصة للضحك في جويلية 2025. وأوضح أن كل فنان ضمن الفريق يقدم رؤيته الخاصة للعالم الذي يعيش فيه، مستلهمًا من تفاصيل الحياة اليومية الجزائرية، دون تلقين أو وعظ، بل بمشاركة إحساس صادق ولحظات دفء إنساني تجعل من الركح فضاءً للبوح والجمال. وختم بن عيسى حديثه بروح الدعابة قائلاً إنه بدأ مشواره في التلفزيون والسينما، وانتظر خمسةً وعشرين عامًا ليصعد أخيرًا على خشبة المسرح، قبل أن يضحك قائلاً: “وليس هذا خطأ مني”.

ورشات التكوين تفتح أبوابها في مهرجان بجاية الدولي للمسرح

لقاء فني يزاوج بين الخبرة والإبداع

شهدت دار الثقافة ببجاية أول أمس، انطلاق الورشات التكوينية “ماستر كلاس” في إطار فعاليات الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي للمسرح ببجاية، تحت إشراف محافظ المهرجان سليمان بن عيسى، رفقة المكلف بالإعلام بوعلام شوالي، وسط حضور فني متنوع جمع بين المشاركين الشباب والمهنيين. وجاء هذا الموعد التكويني ليؤكد البعد التعليمي للمهرجان الذي يسعى دوماً إلى جعل المسرح فضاء للتبادل والتجديد الفني، وليس فقط للعرض والمشاهدة.

تتضمن الورشات برنامجين رئيسيين أولهما ورشة حول التمثيل والإخراج المسرحي، يؤطرها الفنان والمخرج أكلي حلاف، الذي يفتح للمشاركين أبواب التجربة الاحترافية في فن الأداء وتقنيات الإخراج، مستنداً إلى منهج يجمع بين التدريب العملي والتحليل الفني. أما الورشة الثانية فتُعنى بـالدراماتورجيا وكتابة السيناريو، تحت إشراف الخبير في كتابة النصوص الدكتور إسماعيل سوفيت، حيث يكتشف المشاركون أسس بناء النص الدرامي وأساليب تحويل الفكرة إلى مشروع فني متكامل يعبر بعمق عن الإنسان والمجتمع.

بهذا الانفتاح التكويني، يؤكد مهرجان بجاية الدولي للمسرح، الممتد من 10 إلى 17 أكتوبر 2025، التزامه بتكوين جيل جديد من المسرحيين، يجمع بين الحس الإبداعي والمعرفة التقنية، في خطوة تعزز مكانته كفضاء دولي للحوار الفني والتكوين المستمر، تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون ومديرية الثقافة والفنون لولاية بجاية، وبمساهمة المسرح الجهوي عبد المالك بوقرموح.

عرض الأطفال ثلوج للأطفال نافذة على الجمال والعيش المشترك

رحلة مسرحية في بياض الصمت ودفء الإنسانية

احتضنت دار الثقافة طاوس عمروش ببجاية مساء السبت 11 أكتوبر العرض المسرحي المميز ثلوج، الذي قدّم للجمهور تجربة فنية عميقة تمزج بين الإبهار البصري والتعبير الجسدي، في عمل تتحول فيه البياضات إلى لغة والصمت إلى صوت داخلي نابض بالحياة. تتجسد في المسرحية ثنائية النقاء والنسيان، الجمود والانبعاث، الذاكرة المجمّدة والرغبة في الدفء، لتصبح الثلوج مرآة تعكس تناقضات الإنسان وسعيه الدائم نحو المعنى وسط البرد والبياض. أبدعت المخرجة ليندة سلام في قيادة هذا العمل بتوقيع سينوغرافي متقن من تصميم ليمان داوي، وكوريغرافيا من إنجاز مختار يوسف، وموسيقى مؤلفة خصيصاً من وناح بن عمر، فيما جسّد الفنان مهدي شخصية “رجل الثلج الأحمر” التي حملت الكثير من الرمزية والحنين. ضمن فضاء بصري بسيط ومكثّف، لامست المسرحية وجدان الجمهور ودعته إلى التأمل في العلاقة بين الزمن والهوية والقدرة على الصمود. ثلوج ليست مجرد عرض مسرحي، بل تجربة حسية وإنسانية تتحدث بلغة الصمت، وتمنح للكلمة معنى جديداً في بياض الروح.

خليل عدة

 

The post اليوم الثاني من فعاليات مهرجان بجاية الدولي 14 للمسرح appeared first on الجزائر الجديدة.