انضمام الجزائر إلى معاهدة “آسيان”: تموضع استراتيجي نحو مراكز القوة العالمية
أتمّت الجزائر، اليوم الأربعاء 09 جويلية 2025، انضمامها الرسمي إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (TAC)، خلال مراسم رسمية احتضنتها العاصمة الماليزية كوالالمبور، في خطوة تاريخية تعكس نضج دبلوماسيتها وتوسّع آفاق حضورها الإقليمي والدولي. وتُعد هذه الخطوة تجسيدًا لإرادة سياسية عليا في ترسيخ الشراكات الاستراتيجية مع الفضاء الآسيوي، لا سيما مع دول رابطة [...] ظهرت المقالة انضمام الجزائر إلى معاهدة “آسيان”: تموضع استراتيجي نحو مراكز القوة العالمية أولاً على الحياة.

أتمّت الجزائر، اليوم الأربعاء 09 جويلية 2025، انضمامها الرسمي إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (TAC)، خلال مراسم رسمية احتضنتها العاصمة الماليزية كوالالمبور، في خطوة تاريخية تعكس نضج دبلوماسيتها وتوسّع آفاق حضورها الإقليمي والدولي.
وتُعد هذه الخطوة تجسيدًا لإرادة سياسية عليا في ترسيخ الشراكات الاستراتيجية مع الفضاء الآسيوي، لا سيما مع دول رابطة آسيان التي باتت تُعد من أهم التكتلات الجيوسياسية والاقتصادية في العالم.
ويبرز هذا التوجه في ظل ما تتمتع به آسيان من مقوّمات قوية، من بينها السوق الضخم الذي يتجاوز عدد سكانه 650 مليون نسمة، والنمو الاقتصادي السريع الذي جعل دولها من بين الأسرع نموًا عالميًا. كما أن التكامل الاقتصادي داخل التكتل، المتمثل في إنشاء “منطقة التجارة الحرة لآسيان” (AFTA)، ساهم في تسهيل حركة البضائع والخدمات.
وإلى جانب ذلك، فإن البيئة المستقرة والتكامل الإقليمي جعلا المنطقة وجهة مفضلة لجذب الاستثمارات الأجنبية، مما يعزز من مكانتها كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي.
وفي تصريح له بالمناسبة، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، أن هذه الخطوة تشكّل “علامة فارقة في مسار العلاقات الجزائرية–الآسيوية”، موضحًا أن القرار يستند إلى ثلاثة دوافع رئيسية:
- التقدير العميق لتجربة آسيان كأنموذج ناجح في التعاون والتكامل الإقليمي
- الرغبة في تعميق علاقات الصداقة ضمن إطار جماعي موحد
- التمسّك المشترك بمبادئ القانون الدولي، التي تمثل قاعدة راسخة في السياسة الخارجية الجزائرية
وفي تصريح له للحياة، أشار المحلل السياسي الدكتور رشيد علوش، إلى أن انضمام الجزائر إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا يندرج في إطار سعي الجزائر إلى تحقيق حضور فعّال في مختلف المراكز الجيوسياسية والجيو-اقتصادية، لا سيما في منطقة جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، لما تتمتع به هذه الدول من تأثير سياسي واقتصادي متنامٍ، وقوة مالية تُمكن الجزائر من الاستفادة من تجاربها الرائدة.
وأكد أن هذا الانضمام—الذي تقدّمت الجزائر بطلب بشأنه في أواخر سنة 2023—يأتي ضمن سياسة الجزائر الخارجية التي عبّر عنها رئيس الجمهورية في العديد من المناسبات، والتي تقوم على رغبة الجزائر في التموقع ضمن المناطق التي يُتوقّع أن تشكل مستقبلًا مراكز للقوة العالمية، في ظل ما يُعرف بـ “انزياح القوة نحو الشرق”، حيث من المرتقب أن تلعب دول آسيا، خاصة جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، دورًا متعاظمًا في صياغة القرار الدولي.
وأوضح أن الجزائر تراهن من خلال هذا الانضمام على الاستفادة من الخبرات الاقتصادية، والولوج إلى مصادر تمويل موجهة لمشاريع البنية التحتية، إلى جانب التموقع في مناطق التأثير الجيوسياسي للمساهمة في صناعة القرار العالمي.
وأضاف أن هذا التوجه يستند أيضًا إلى علاقات تاريخية تجمع الجزائر بدول المنطقة، خاصة مع إندونيسيا، في إطار مؤتمر باندونغ سنة 1955، الذي شكّل محطة مفصلية في دعم الثورة التحريرية الجزائرية، وأثر بعمق في حركات التحرر في آسيا، وخاصة في منطقة جنوب شرق آسيا.
ظهرت المقالة انضمام الجزائر إلى معاهدة “آسيان”: تموضع استراتيجي نحو مراكز القوة العالمية أولاً على الحياة.